المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

حديث: كنا نتناوب النزول على النبي

          2471- قال البخاريُّ: حدثنا سليمان بن حرب: حدَّثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد. [خ¦5843]
          (ح): وحدَّثنا عبد العزيز بن عبد الله: حدَّثنا سليمان بن بلال، عن يحيى، عن عبيد الله(1) بن حنين: أنه سمع ابن عباس. [خ¦4913]
          2472- (ح): وحدثنا أبو اليمان: حدَّثنا شعيب، عن الزهري. [خ¦5191]
          (ح): وحدَّثنا يحيى ابن بُكير [خ¦2468] : حدَّثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن عبد الله بن عباس قال: لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر.
          وقال عبيد الله عنه: مكثت سنة / أريد أن أسأل عمر رضي الله عنه، عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبةً له حتى خرج حاجًّا.
          قال عقيل: فحججت معه _ [زاد عبيد]: فلما رجعنا(2) وكنا ببعض الطريق_ فعدل وعدلت معه بالإداوة، فتبرز، ثم جاء فسكبت على يديه من الإداوة فتوضأ، فقلت: يا أمير المؤمنين؛ مَن المرأتان من أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم اللتان قال لهما: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ} [التحريم:4] ؟ فقال: واعجبًا لك يا بن عباس! عائشة وحفصة.
          وقال عبيد عنه: فقلت: والله إن كنتُ لأريد أن أسألك عن هذا من سنة فما أستطيع هيبة لك، قال: فلا تفعل، ما ظننتَ أن عندي من علم؛ فاسألني، فإن كان لي علم؛ خَبَّرتك، زاد الأويسي: به.
          قال عقيل: ثم استقبل عمر الحديث يسوقه، فقال: إني كنت وجار لي من الأنصار من(3) بني أمية بن زيد _وهي من عوالي المدينة_ وكنا نتناوب النزول على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت؛ جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر وغيره. وقال شعيب: من الوحي.
          قال عقيل: وإذا نزل؛ فعل مثله، وكنا معشر قريش نغلب النساء.
          وقال عبيد عنه: والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرًا، و [قال سليمان: قال]: لا نعد النساء شيئًا، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله، [زاد عبيد]: وقسم لهن ما قسم، قال سليمان(4) : رأينا لهن بذلك علينا حقًّا من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا.
[قال الزهري]: فلما قدمنا على الأنصار؛ إذا هم(5) قوم يغلبهم(6) نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار، فصحت(7) على امرأتي، فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ولم تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليراجعنه، وإن إحداهنَّ لتهجُرُهُ اليوم حتى الليل.
          قال عبيد: وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى يظل يومه غضبان، [قال شعيب]: فأفزعني ذلك.
          زاد عقيل: فقلت: خابت من فعل منهن(8) بعظيم، ثم جمعت علي ثيابي، فدخلت على حفصة، فقلت: أي حفصة؛ أتغاضب إحداكنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم [اليوم] حتى الليل؟ فقالت: نعم، فقلت: خابت وخسرت، أفتأمنَّ أن يغضب الله لغضب رسوله؛ فتهلكن(9)، لا تستكثري على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا تراجعيه [في شيء] ولا تهجريه، وسليني(10) ما بدا لك، ولا يغرنَّك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يريد: عائشة.
          وقال ابن بلال في حديثه: قال: ثم خرجتُ حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها، فكلمتها، فقالت: عجبًا لك يا بن الخطاب! دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأزواجه، فأخذتني والله أخذًا كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها.
          وقال حماد عن يحيى بن سعيد: وكان مَن حولَ النَّبيِّ(11) صلَّى الله عليه وسلَّم قد استقام له(12)، إلا ملك غسان بالشام كنا نخاف أن يأتينا._وقال عقيل(13) : وكنا نتحدث(14) أن غسان تُنَعَّل(15) النعال، وقال شعيب: الخيل._ تريد(16) أن تسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه.
          قال عقيل: فنزل صاحبي يوم نوبته، فرجع عشاءً فضرب بابي ضربًا شديدًا، وقال: أنائم هو؟ ففزعت فخرجت إليه، فقال: حدث أمر عظيم، قلت: ما هو؟ جاءت(17) غسان؟ قال: لا، بل أعظم منه وأطول. وقال شعيب: وأهول، طلق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نساءه.
          وقال ابن بلال عن عبيد: اعتزل أزواجه، فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة.
          وقال عقيل: قد خابت حفصة وخسرت، كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون، فجمعت / علي ثيابي وصليت صلاة الفجر مع رسول الله(18) صلَّى الله عليه وسلَّم، فدخل مشرُبةً له، فاعتزل فيها، فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي.
          وقال حماد: فإذا البكاء من حُجَرِهَا كلِّها.
          قال عقيل(19) : فقلت: ما يبكيك؟ أولم أكن حذرتك _قال شعيب_: هذا؟
          قال عقيل(20) : أطلقكن رسول الله(21)؟ قالت: لا أدري، هو ذا في المشربة، فخرجت فجئت المنبر؛ فإذا حوله رهط يبكي بعضهم، فجلست معهم قليلًا، ثم غلبني ما أجد فجئت المشرُبَة _قال شعيب: التي فيها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم_ فقلت لغلامٍ له أسود: استأذن لعمر، [فدخل]، فكلم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثم خرج، فقال: ذكرتك له فصمت، فانصرفتُ حتى جلست مع الرهط الذي(22) عند المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئت، فقلت للغلام(23)، فذكر مثله، فجلست مع الرهط الذي(24) عند المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئت الغلام فقلت: استأذن لعمر، فذكر مثله، فلما وليت منصرفًا؛ فإذا الغلام يدعوني، قال: قد(25) أذن لك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فدخلت عليه فإذا هو _قال عبيد_: في مشرُبة يرقى عليها بِعَجَلَةٍ.
          قال شعيب: قال: فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش، قد أثر الرمال بجنبه، متكئًا على وسادة من أَدَمٍ حشوها ليف، فسلمت عليه، ثم قلت وأنا قائم: يا رسول الله؛ أطلقت نساءك؟ فرفع إليَّ بصره، فقال: «لا»، قلت: الله أكبر! ثم قلت وأنا قائم أستأنس برسول(26) الله: لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة؛ إذا قوم يغلبهم(27) نساؤهم، فتبسم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم قلت: يا رسول الله؛ لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لها: لا يغرنك أن كانت جارتك أرضى(28) منك وأحب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم _يريد عائشة_ فتبسم رسول الله(29) صلَّى الله عليه وسلَّم تبسمة أخرى، فجلست حين رأيته تبسم.
          وقال ابن بلال عن عبيد: قال: فقصصت على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذا الحديث، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
          قال شعيب: قال: فرفعت [بصري] في بيته، فوالله ما رأيت فيه(30) شيئًا يرد البصر غير أهبة ثلاثة، فقلت: يا رسول الله؛ ادع الله فليوسع على أمتك، فإن فارس(31) والروم وُسِّعَ عليهم وأُعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله، وكان متكئًا فجلس(32) فقال: «أوفي هذا أنت يا بن الخطاب؟! أولئك قوم عُجِّلوا طيباتهم في الحياة الدنيا»، زاد عبيد: «أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة».
          قال شعيب: قال: فقلت: يا رسول الله؛ استغفر لي، فاعتزل رسول الله(33) صلَّى الله عليه وسلَّم نساءه من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة، [قال عقيل]: وكان قد قال: «ما أنا بداخل عليهنَّ شهرًا» من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله، فلما مضت تسع وعشرون دخل على عائشة فبدأ بها، فقالت عائشة: إنك أقسمت ألَّا تدخل علينا شهرًا، وإنا أصبحنا لتسع وعشرين ليلة أعدُّها عدًّا، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «الشهر تسع وعشرون»، وكان ذلك الشهر تسعًا وعشرين(34).
          قالت عائشة: فأنزِلَت [آية] التخيير، فبدأني(35) أول امرأة، فقال: «إني ذاكر لك أمرًا ولا عليك ألَّا تعجلي حتى تستأمري أبويك»، قالت: قد أعلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقك، [ثم] قال: «إن الله قال: / {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ...} إلى قوله: {عَظِيمًا} [الأحزاب:28-29]»، قلت: أفي هذا أستأمر أبوي؟! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم خيَّر نساءه، فقلن مثل ما قالت عائشة.
          وخرَّجه في باب هجرة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نساءه في غير بيوتهن، وفي باب قول الله عزَّ وجلَّ: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} [النساء:34]، وفي باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها، في النكاح، وفي باب قوله تعالى: {للَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ} [البقرة:226]، وفي باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة، وقول الله عزَّ وجلَّ: {قُلْ لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا...}[الأحزاب:28] الآية كلها مختصرًا، وفي باب ما كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يتجوز من اللباس والبسط، وفي باب قوله: {وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ...} الآية [الأحزاب:28]، وفي باب: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبي إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا...} الآية [التحريم:3]، وفي باب: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم:4]، وفي باب: {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ...} الآية [التحريم:5]، وفي قوله تبارك وتعالى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبيِّ...} الآية [الأحزاب:53]. [خ¦5203] [خ¦5201] [خ¦5191] [خ¦5289] [خ¦2468] [خ¦4785] [خ¦5843] [خ¦4786] [خ¦4914] [خ¦4915] [خ¦4916] [خ¦7263]


[1] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (عبيد) بلا إضافة.
[2] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (رجعت).
[3] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (في).
[4] في الأصل: (الزهري)، وليس بصحيح.
[5] كذا في الأصل، و(هم): ليس في «اليونينية».
[6] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (تغلبهم).
[7] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (فصخبت).
[8] في الأصل: (منهم)، وليس بصحيح.
[9] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (فتهلكين).
[10] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (واسأليني).
[11] في «اليونينية»: (رسول الله).
[12] زيد في «اليونينية»: (فلم يبق).
[13] في الأصل: (ابن بلال)، وليس بصحيح.
[14] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (تحدثنا).
[15] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (تُنْعِل).
[16] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (يريد).
[17] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (أجاءت).
[18] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (النَّبيِّ).
[19] في الأصل: (ابن بلال)، وليس بصحيح.
[20] في الأصل: (ابن بلال)، وليس بصحيح.
[21] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (النَّبيِّ).
[22] في «اليونينية»: (الذين).
[23] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، و(فقلت للغلام): ليس في «اليونينية».
[24] في «اليونينية»: (الذين).
[25] (قد): ليس في «اليونينية».
[26] في «اليونينية»: (يا رسول).
[27] في «اليونينية»: (تغلبهم).
[28] في «اليونينية»: (أوضأ).
[29] في «اليونينية»: (النَّبيُّ).
[30] في «اليونينية»: (في بيته).
[31] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (فارسًا).
[32] في «اليونينية»: (فجلس النبيُّ صلى الله عليه وسلم وكان متكئًا).
[33] في «اليونينية»: (النَّبيُّ).
[34] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (تسع وعشرون).
[35] في «اليونينية»: (فبدأ بي).