المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

حديث: فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني

          2234- قال البخاريُّ: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله البغدادي: حدَّثنا حُجَين بن المثنى: حدَّثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفَضل، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضَّمري، قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار، فلما قدمنا حمص؛ قال لي عبيد الله: هل لك في وحشي نسأله عن قتله(1) حمزة؟ قلت: نعم، وكان وحشي يسكن حمص، فسألنا عنه فقيل لنا: هو ذلك(2) في ظل قصره كأنه حَمِيتٌ(3)، قال: فجئنا حتى وقفنا عليه بيسير(4)، فسلمنا فرد السلام، قال: وعبيد(5) الله معتجر(6) بعمامته ما يرى وحشي إلا عينيه ورجليه، فقال عبيد الله: / يا وحشي؛ أتعرفني؟ قال: فنظر(7) إليه، ثم قال: لا والله إلا أني أعلم أن عديَّ بن الخيار تزوج امرأة يقال لها: أمُّ قتال بنت أبي العِيصِ، فولدت له غلامًا بمكة، فكنت أسترضع له، فحملت ذلك الغلام مع أمه، فناولتها إياه، فلكأني نظرت إلى قدميك، فقال: فكشف عبيد الله عن وجهه ثم قال: ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر، فقال لي مولاي جبير بن مطعم: إن قتلت حمزة بعمي؛ فأنت حر، قال: فلما خرج الناس عام عَينَين _وعينين: جَبَلٌ بحيال أُحد بينه وبينه واد_ خرجت مع الناس إلى القتال، فلما أن(8) اصطفوا للقتال؛ خرج سباع، فقال: هل من مبارز؟ قال: فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقال: يا سباع يا بن أمِّ أنمار مقطعة البُظُور؛ أتحادُّ الله ورسوله؟ ثم شد عليه فكان كأمس الذاهب، قال: وكمنت(9) لحمزة تحت صخرة، فلما دنا مني؛ رميته بحربتي فأضعها في ثُنَّتِهِ حتى خرجتْ من بين وركيه، قال: فكان ذلك(10) العهد به، فلما رجع الناس؛ رجعت معهم، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجت إلى الطائف، فأرسلوا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رسلًا(11)، وقيل(12) لي: إنه لا يهيج الرسل، قال: فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلما رآني؛ قال: «أنت وحشي؟» قلت: نعم، قال: «أنت قتلت حمزة؟» قلت: قد كان من الأمر ما بلغك، قال: «فهل تستطيع أن تُغَيِّبَ وجهك عني؟» قال: فخرجت(13)، فلما قبض رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فخرج مسيلمة الكذاب؛ قلت: لأخرجن إلى مسيلمة لعلي أقتله فأكافئ به حمزة، قال: فخرجت مع الناس فكان من أمره ما كان، قال: فإذا رجل قائم(14) في ثلمة جدارٍ كأنه جمل أورق ثائر الرأس، قال: فرميته بحربتي فأضعها بين ثَديَيَه حتى خرجت من بين كتفيه، قال: ووثب إليه رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته.
          قال عبد الله بن الفضل: فأخبرني سليمان بن يسار: أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: فقالت جارية على ظهر البيت: وأمير المؤمنين! قتله العبد الأسود. [خ¦4072]


[1] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهني، وفي «اليونينية»: (قتل).
[2] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ذاك).
[3] حاشية في الأصل: (بفتح الحاء وكسر الميم وياء باثنتين تحته وآخره تاء باثتتين من فوقهما وهو زق السمن خاصة ويشبه به الرجل المن الدسم.انتهى من «المشارق» في حرف الحاء وعنده تاؤه أصلية).
[4] في الأصل: (نسير)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[5] في الأصل: (وقال عبيد)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[6] حاشية في الأصل: (معتجرًا بعمامته هو ليها فوق الرأس دون حنك مأخوذ من معجر المرأة وهو ليها به على رأسها وحكى الحربي أنه إرخاء طرفي العمامة أمامه أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله.انتهى من «المشارق» في حرف العين مع الجيم).
[7] في الأصل: (فنظرت)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[8] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، و(أن): ليس في «اليونينية».
[9] في الأصل: (وكنت)، وهو تحريف.
[10] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ذاك).
[11] كذا في الأصل، رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (رسولًا).
[12] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، وفي «اليونينية»: (فقيل).
[13] في الأصل: (خرجت)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[14] في الأصل: (قام)، وهو تحريف.