المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

حديث: اجلسوا مكانكم فإني منطلق ومتلطف للبواب لعلي

          2230- قال البخاريُّ: حدثنا يوسف بن موسى: حدَّثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق. [خ¦4039]
          وحدثنا أحمد بن عثمان [خ¦4040] : حدَّثنا شريح _يعني: ابن مسلمة_: حدَّثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء قال: بعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى أبي رافع عبد الله بن عتيك وعبد الله بن عتبة في ناس معهم.
          قال إسرائيل: رجالًا من الأنصار، وأَمَّرَ عليهم عبد الله، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ويعين عليه، وكان في حصنٍ له بأرض الحجاز، فلما دنوا منه وقد غَرُبت الشمس وراح الناس بِسَرْحِهِم؛ قال عبد الله لأصحابه: اجلسوا مكانكم فإني منطلق ومتلطِّفٌ للبوَّاب لعلي أن أدخل.
          قال إبراهيم عن أبيه: قال: فتلطفت أن أدخل الحصن، ففقدوا حمارًا لهم، قال: فخرجوا بقبس يطلبونه، قال: فخشيت أن أعرف، فغطَّيت رأسي وجلست كأني أقضي حاجة، ثم نادى صاحب الباب: من أراد أن يدخل؛ فليدخل.
          وقال إسرائيل: فهتف به البواب(1)، يا عبد الله؛ إن كنت تريد أن تدخل؛ فادخل، فإني أريد أن أغلق الباب، [فدخلت فكمنت، فلما دخل الناس؛ أغلق الباب] ثم علق الأغاليق على وَدٍّ(2)، قال: فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب، وكان أبو رافع يُسْمَرُ عنده.
          قال إبراهيم عن أبيه: فتعشَّوا عند أبي رافع، وتحدثوا حتى ذهب(3) ساعة من الليل، ثم رجعوا إلى بيوتهم، فلما هدأت الأصوات ولا أسمع حركة؛ خرجت، قال: ورأيت صاحب الباب حيث وضع مفتاح الحصن في كوة، فأخذته ففتحت به باب الحصن، قال: قلت: إن نَذِر بي القوم؛ انطلقت على مهل.
          وقال إسرائيل: وكان في علاليَّ له، فلما ذهب [عنه] أهل سمره؛ صعدتُ إليه، فجعلت كلما فتحت بابًا؛ أغلقت علي من داخل، قلت: إن نذر القوم بي؛ لم يُخْلَص(4) إلي حتى أقتله.
          وقال إبراهيم عن أبيه: ثم عمدت إلى [أبواب] بيوتهم فغلقتها عليهم من ظاهرها(5)، ثم صعدت إلى أبي رافع في سلَّم؛ فإذا البيت مظلم وقد طفئ سراجه، فلم أدرِ أين الرجل، فقلت: يا أبا رافع، قال: من هذا(6) ؟ فعمدت نحو الصوت فأضربه.
          قال إسرائيل: بالسيف وأنا دَهِشٌ، فما أغنيت شيئًا، وصاح فخرجت من البيت.
          قال إبراهيم عن أبيه: ثم جئت كأني أُغيثُهُ، فقلت: مالك يا أبا رافع! وغيرت صوتي، فقال: ألا أُعجبك لأمِّك الويل؟! دخل عليَّ رجل فضربني بالسيف، قال: فعمدت له أيضًا فأضربه أخرى، / فلم تغن شيئًا، وصاح وقام أهله، قال: ثم جئت وغيرت صوتي كهيئة المغيث، فإذا هو مستلق على ظهره فأضع السيف في بطنه، ثم أنكفئ عليه حتى سمعت صوت العظم، ثم خرجت دهشًا حتى أتيت السلم أريد أن أنزل، فأسقط منه فانخلعت رجلي، فَعَصَبْتُهَا.
          قال إسرائيل: بعمامة، قال إبراهيم عن أبيه: ثم أتيت أصحابي أحجُلُ، فقلت: انطلقوا فبشروا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فإني لا أبرح حتى أسمع الناعية، فلما كان في وجه الصبح؛ صَعِدَ الناعية، فقال: أنعى أبا رافع، زاد إسرائيل: تاجر أهل الحجاز، فانطلقت إلى أصحابي فقلت: النجاء، قد قتل الله أبا رافع، فانتهيت إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
          قال إبراهيم: فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فبشرته، قال إسرائيل: فحدثته(7) فقال: «ابسط رجلك»، فبسطت رجلي، فمسحها فكأنما(8) لم أشتكها قط.
          وخرَّجه في باب قتل النائم المشرك. [خ¦3022]


[1] في الأصل: (الباب)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[2] حاشية في الأصل: (أي: وتد)، والمثبت رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (وتد).
[3] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، وفي «اليونينية»: (ذهبت).
[4] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (إن القوم نذروا بي لم يخلصوا).
[5] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ظاهر).
[6] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وزيد في «اليونينية»: (قال).
[7] في الأصل: (حدثه)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[8] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، وفي «اليونينية»: (فكأنها).