المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

حديث: بينا أنا عند البيت بين النايم واليقظان

          2179- قال البخاريُّ: وحدثنا هدبة بن خالد: حدَّثنا همام بن يحيى: حدَّثنا قتادة. [خ¦3887]
          قال البخاريُّ: وقال لي خليفة [خ¦3207]، عن يزيد بن زريع، عن سعيد وهشام: حدَّثنا قتادة: حدَّثنا أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة قال: قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان».
          وقال مالك بن صعصعة: «في الحطيم»، وربما قال: «في الحجر؛ إذ أتاني آت».
          وقال شريك عن أنس قوله: «إنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه، وهو نائم في المسجد الحرام، فقال أولهم: أيهم هو؟ فقال أوسطهم: هو خيرهم، فقال آخرهم: خذوا خيرهم، فكان(1) تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه، وتنام عينه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء عليهم السلام تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند زمزم(2)، فتولاه منهم جبريل عليه السلام، فشق جبريل نحره إلى لبته».
          وقال سعيد وهمام عن قتادة: «فشق من النحر إلى مراقِّ البطن».
          وقال همام بن يحيى عن أنس بن مالك: شق ما بين هذه إلى هذه، فقلت للجارود وهو إلى جنبي: ما يعني به؟ قال: من ثُغرة نحره إلى شعرته، «فاستخرج قلبي».
          قال شريك عن أنس قوله: حتى فرغ من صدره وجوفه، فغسله بماء(3) زمزم بيده حتى أنقى جوفه.
          قال مالك عنه عليه السلام: «فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد».
          قال شريك: ثم أتي بطست من ذهب، فيه تَورٌ من ذهب محشو(4) إيمانًا وحكمة فحشا به صدره ولغاديده _يعني: عروق حلقه_ ثم أطبقه.
          قال مالك عنه عليه السلام: «ثم أُتيتُ بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض». فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ قال أنس: نعم، «يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبريل عليه السلام حتى أتى السماء الدنيا، فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا(5)، / فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت».
          وقال ابن شهاب: «فلما علونا السماء، إذا رجل عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة، فإذا نظر قبل يمينه؛ ضحك، وإذا نظر قبل شماله؛ بكى، قال: مرحبًا بالنَّبيِّ الصالح والابن الصالح، قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا آدم».
          زاد مالك: «فقال: هذا أبوك آدم فسلم عليه، فسلمت عليه فردَّ السلام».
          «وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه، فأما أهل(6) اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر قبل يمينه؛ ضحك، وإذا نظر قبل شماله؛ بكى، ثم عرج بي جبريل».
          وقال مالك: «حتى أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت؛ إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت فردَّا ثم قالا: مرحبًا بالأخ الصالح والنَّبيِّ الصالح، ثم صَعِدَ بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل(7) : ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت؛ إذا يوسف قال: هذا يوسف فسلِّم عليه، فسلمت عليه فرد ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنَّبيِّ الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، فقال(8) : من معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت؛ فإذا أنا بإدريس(9)، قال: هذا إدريس فسلم عليه فسلمت فرد ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنَّبيِّ الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قال(10) : ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت؛ فإذا هارون قال: هذا هارون فسلم عليه، فسلمت عليه فرد ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنَّبيِّ الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن(11) معك؟ قال: محمد، قيل: قد(12) أرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت؛ فإذا بموسى(13) قال: هذا موسى فسلم عليه، فسلمت عليه فرد ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنَّبيِّ الصالح، فلما جاوزت(14) بكى، قيل(15) : ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلامًا بُعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن(16) يدخلها من أمتي، ثم صعد بي إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قال: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت؛ فإذا إبراهيم، قال: هذا أبوك إبراهيم(17) فسلم عليه(18)، فسلمت عليه فرد السلام ثم(19) قال: مرحبًا بالابن الصالح والنَّبيِّ الصالح».
          وقال شريك عن أنس قوله: إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله، [فقال موسى(20) : لم أظن أن يرفع علي أحدٌ].
          قال مالك بن صعصعة عنه عليه السلام: «ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نَبْقُها مثل قِلالِ هَجَر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا _قال سعيد: في أصلها_ أربعة أنهار؛ نهران باطنان / ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا(21) يا جبريل؟ قال: أما الباطنان؛ فنهران في الجنة، وأما الظاهران؛ فالنيل والفرات، ثم رفع لي البيت المعمور».
          قال سعيد وهشام فيه: «فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا؛ لم يعودوا [إليه] آخر ما عليهم».
          وقال همام بن يحيى فيه: «ثم أُتيت بإناء من خمر، وإناء من لبن، وإناء من عسل، فأخذت اللبن فقال: هي الفطرة التي(22) أنت عليها وأمتك».
          زاد معمر عن الزهري: «فقيل: أما إنك لو أخذت الخمر؛ غوت أمتك».
          قال شريك عن أنس قوله: «وَدَنَا الجبار رب العزة فتدلى، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله إليه فيما يوحى(23)».
          قال ابن شهاب [خ¦349] : فأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان: إن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم «ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوًى أسمع(24) صريف الأقلام».
          قال مالك عنه عليه السلام: «ثم فرضت علي الصلاة(25) خمسين صلاة كل يوم _زاد أنس قوله: وليلة_ فرجعت فمررت على موسى، فقال: بما أمرت؟ قال: أمرت بخمسين صلاة كل يوم [زاد أنس]: وليلة»
          قال مالك عنه عليه السلام: «قال: فإن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت(26) بعشر صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى(27) فقال مثله، فرجعت فأمر(28) بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى فقال: بما أمرت؟ قلت: بخمس صلوات كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة».
          زاد أنس قوله: «على أدنى من هذا فضعفوا وتركوه، فأمتك أضعف أجسادًا وقلوبًا وأبدانًا وأبصارًا وأسماعًا، فارجع فليخفف عنك ربك، كل ذلك يلتفت النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى جبريل ليشير عليه، فلا(29) يكره ذلك جبريل، فرفعه عند الخامسة فقال: يا رب؛ إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم فخفف عنا، فقال الجبار: يا محمد، قال: لبيك وسعديك، قال: إنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب(30)، فكل حسنة بعشر أمثالها، فهي خمسون في أم الكتاب، وهي خمس عليك، فرجع إلى موسى فقال: كيف فعلت؟ فقال: خفف عنا، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها، فقال(31) موسى عليه السلام: قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه، ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضًا(32)».
          قال مالك عنه عليه السلام: «قال: سألت ربي حتى استحييت، ولكني(33) أرضى وأسلم، قال: فلما جاوزتُ؛ ناداني(34) منادٍ: أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي».
          زاد أنس: «قال: فاهبط باسم الله، فاستيقظ وهو في المسجد الحرام».
          خرَّجه في باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء، وفي باب قوله عزَّ وجلَّ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [طه:9]، {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164]، وفي باب ذكر إدريس، وفي باب كان النَّبيُّ تنام عينه ولا ينام قلبه، وفي باب ذكر الملائكة، وفي باب ما جاء في زمزم، وفي باب قوله عزَّ وجلَّ: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ} [الإسراء:60] / . [خ¦349] [خ¦3393] [خ¦7517] [خ¦3342] [خ¦3570] [خ¦3207] [خ¦1636] [خ¦4716]


[1] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (فكانت).
[2] كذا في الأصل، وزيد في «اليونينية»: (بئر).
[3] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (من ماء).
[4] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (محشوًّا).
[5] كذا في الأصل، وزيد في «اليونينية»: (به).
[6] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (فأهل).
[7] (قيل): ليس في «اليونينية».
[8] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (قيل).
[9] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (خلصت إلى إدريس)، وفي هامشها رواية الأصيلي: (خلصت إذا إدريس).
[10] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (قيل).
[11] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (من).
[12] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (وقد).
[13] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (موسى).
[14] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (تجاوزت).
[15] كذا في الأصل، وزيد في «اليونينية»: (له).
[16] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهني، وفي «اليونينية»: (من).
[17] (إبراهيم): ليس في «اليونينية».
[18] كذا في الأصل، وزيد في «اليونينية»: (قال).
[19] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، و(ثم): ليس في «اليونينية».
[20] كذا في الأصل، وزيد في «اليونينية»: (ربِّ).
[21] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (هذان).
[22] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، و(التي): ليس في «اليونينية».
[23] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (فأوحى الله فيما أوحى إليه).
[24] كذا في الأصل، وزيد في «اليونينية»: (فيه).
[25] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (الصلوات).
[26] في الأصل: (فأمر)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[27] كذا في الأصل، و(إلى موسى): ليس في «اليونينية».
[28] في الأصل: (فأمر)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[29] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ولا).
[30] كذا في الأصل، وزيد في «اليونينية»: (قال).
[31] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (قال).
[32] في الأصل: (حقًّا)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[33] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهني، وفي «اليونينية»: (ولكن).
[34] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (نادى).