المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

حديث: الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي

          1939- قال البخاريُّ: حدثنا يوسف بن عيسى: حدَّثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة. [خ¦5374]
          وحدثنا أبو نعيم بنحو من نصف هذا الحديث: حدثنا عمر بن ذر: حدَّثنا مجاهد: أن أبا هريرة كان يقول: آلله الذي لا إله إلا هو؛ إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع. ولقد قعدت يومًا على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليستشبعني(1)، فمر فلم(2) يفعل، ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليستشبعني(3)، فمر فلم يفعل.
          وقال أبو حازم عن أبي هريرة: أصابني جهد شديد، فلقيت عمر بن الخطاب، فاستقرأته آية من كتاب الله، فدخل داره وفتحها علي، فمشيت غير بعيد، فخررت لوجهي من الجهد، فإذا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قائم على رأسي فقال: «يا أبا هر»، فقلت: لبيك رسول الله وسعديك، فأخذ بيدي وأقامني وعرف الذي بي، فانطلق بي إلى رحله، فأمر لي بعسٍّ من لبن.
          وقال مجاهد: مر أبو القاسم صلَّى الله عليه وسلَّم فتبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: «أبا هر»، قلت: لبيك رسول الله، قال: «الحق»، ومضى فاتبعته(4)، فدخل فاستأذن فأذن لي، فدخل فوجد لبنًا في قدح، فقال: «من أين هذا اللبن؟» فقالوا: أهداه لك فلان أو فلانة. قال: «أبا هر»، قلت: لبيك رسول(5) الله، قال: «الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي».
          قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على(6) أحد، إذا أتته صدقة؛ بعث بها إليهم، ولم يتناول منها شيئًا، وإذا أتته هدية؛ أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها. فساءني ذلك، فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة؟! كنت أحق أن(7) أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، فإذا جاؤوا(8) ؛ أمرني فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن؟ ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد، فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: «يا أبا هر»، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «خذ فأعطهم». [قال] : فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي / القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقد رويَ القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده(9) فنظر لي فتبسم، فقال: «يا أبا هر»، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «بقيت أنا وأنت»، قلت: صدقت يا رسول الله، قال: «اقعد فاشرب»، فقعدت فشربت، فقال: «اشرب» فشربت، فما زال يقول: «اشرب» حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق؛ ما أجد له مسلكًا. [خ¦6452]
          وقال أبو حازم: فشربت حتى استوى بطني فصار كالقِدح.
          قال مجاهد: قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «فأرني»، فأعطيته القدح، فحمد الله وسمى وشرب الفضلة.
          قال أبو حازم: قال: فلقيت عمر وذكرت له الذي كان من أمري، وقلت له: تولى ذلك من كان أحق به منك يا عمر، والله لقد استقرأتك الآية، ولأنا أقرأُ لها منك، قال عمر: والله لأن أكون أدخلتك أحبُّ إلي من حمر النعم.
          وخرَّجه في باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن، وفي باب الأطعمة، وقول الله عزَّ وجلَّ: كلوا(10) مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ، و{مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [طه:81]، و{مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون:51]. [خ¦6246] [خ¦5375]


[1] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ليشبعني)، وفي رواية أبي ذرٍّ: (ليستتبعني).
[2] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ولم).
[3] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (ليشبعني)، وفي رواية أبي ذرٍّ: (ليستتبعني).
[4] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (فتبعته).
[5] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (يا رسول).
[6] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحموي والمستملي، وفي «اليونينية»: (إلى).
[7] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (أنا أن).
[8] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهني، وفي «اليونينية»: (جاء).
[9] في الأصل: (يديه)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[10] كذا في الأصل و«اليونينية»، وفي رواية أبي ذرٍّ: {أَنفِقُواْ} [البقرة: 267] وهي الموافقة للتلاوة.