المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

حديث: بئس ما قلت يا ابن أختي إن هذه لو كانت

          751- قال البخاريُّ: حدثنا عبد الله بن يوسف: حدَّثنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قال: قلت لعائشة زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا يومئذ حديث السن. [خ¦1790]
          قال البخاريُّ: وحدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن الزهري [قال عروة] : سألت عائشة فقلت لها: أرأيتِ قول الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة:158] ؟ فوالله ما على أحد جناح ألَّا يطوف بالصفا والمروة، قالت: بئس ما قلت يا بن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت لا جناح عليه ألَّا يطوف بالصفا والمروة، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل. [خ¦1643]
          قال مالك: وكانت مناة حذو قديد.
          قال البخاريُّ: وقال سفيان عن الزهري: بالمشلل من قديد.
          وقال عبد الرحمن بن خالد عنه، قال عروة: قالت عائشة: نزلت في الأنصار، كانوا هم وغسان قبل أن يسلموا يهلون لمناة مثله.
          وقال معمر، عنه، عن عروة، عن عائشة: كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة ومناة صنم بين مكة والمدينة قالوا: يا نبي الله؛ كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيمًا لمناة. [خ¦4861] _رجع الحديث إلى شعيب_ فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما سألوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن ذلك؛ قالوا: يا رسول الله؛ إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة، فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ}الآية[البقرة:158].
          قالت عائشة: وقد سن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما.
          ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إن هذا العلمَ(1) ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالًا من أهل العلم يذكرون أن الناس إلا من ذكرت عائشة، ممن كان يُهل بمناة(2)، كانوا يطوفون كلُّهم بالصفا والمروة، فلما ذكر الله الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن؛ قالوا: يا رسول الله؛ كنا نطوف بالصفا والمروة، وإنَّ الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة؟ فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} الآية.
          قال البخاريُّ: زاد سفيان وأبو معاوية عن هشام: ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين / الصفا والمروة. [خ¦1790]
          قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما؛ في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام؛ من أجل أن الله أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت.
          وخرَّجه في تفسير: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ} الآية[البقرة:158]، وباب تفسير: {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ} [النجم:20]، وخرَّجه في باب افعل في عمرتك ما تفعل في الحج [خ¦1790]: وقال ابن عمر: السعي من دار بني عباد إلى زُقاق ابن أبي حسين. [خ¦4495] [خ¦4861]


[1] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (لعلمٌ).
[2] في الأصل: (لمناة)، والمثبت موافق لما في «اليونينية».