المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

حديث: من لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة

          711- قال البخاريُّ: حدثنا مسدد: حدَّثنا بشر بن المفضل عن حميد الطويل: حدَّثنا بكر: أنه ذكر لابن عمر: أن أنسًا حدثهم: أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أهلَّ بعمرة وحجة، فقال: أهل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالحج وأهللنا به، فلما قدمنا مكة؛ قال: «من لم يكن معه هدي؛ فليجعلها عمرة»، وكان مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هدي، فقدم علينا علي بن أبي طالب من اليمن حاجًّا... الحديث. [خ¦4353]
          قال المهلب: فهذا إنكار من ابن عمر _رضي الله عنه_ على أنس ما وهم فيه لصغره، ونص فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالإفراد على خلاف ما ذُكرَ له عن أنس، وفي هذا النص من ابن عمر ما يرد حديث عقيل عنه، أو يفسره لمن تأوَّله بما يوافق مالكًا وابن سعد والجماعة: بأن يكون تمتع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمرًا، وحجه فعلًا، فكفى(1) به إنكارًا على من نقل عنه نفسه ما أنكره هو على غيره، مع مخالفته لنفسه ولجماعة الصحابة رضي الله عنهم، هذا ما لا إشكال بعده لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وأرجو أن حديث القران والإفراد قد وضح سبيل ما أشكل على المتقدمين منه بفضل ما أبقاه الله للمتأخرين من اتباع سبيل المؤمنين المتقدمين، رضوان الله عليهم أجمعين، وصدق قول رسوله عليه السَّلام: «رب مبلغ أوعى له من سامع»، «ولن تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم ولا من كذَّبهم حتى يأتي وعد الله وهم على ذلك»، فالحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.


[1] كذا في الأصل: (فكيف).