مصابيح الجامع الصحيح

حديث: إن الله قبض أرواحكم حين شاء

          595- قوله: (لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا) جواب (لو) محذوف؛ أي: لكان أسهل علينا، أو هو للتَّمنِّي. و(التَّعريس) نزول القوم في السَّفر آخر اللَّيل للاستراحةِ.
          قوله: (فَاضْطَجعُوا) بلفظ الأمر والماضي.
          و(مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَة) (أُلْقِيَتْ) مَبْنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، و(نومة) قائم مقام الفاعل.
          و(أَيْنَ مَا قُلْتُ) أي: أين الوفاء بقولك: أنا أوقظكم.
          و(مِثْلُهَا) (مثل) لا يتعرَّف بالإضافة، ولهذا وقع صفة للنَّكرة.
          قوله: (قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ) إن قلتَ: إذا قَبض الرُّوح يكون الشَّخص مَيْتًا؛ لكنَّه نائم لا مَيْت؛ قلتُ: لا يَلْزم من انقباض الرُّوح الموت، والفَرْق بينه وبين النَّوم مع اشتراكهما في الانقباض أنَّ الموت هُوَ انقباض الرُّوح إلى انقطاع تعلُّقه عن ظاهر البَدَن وباطنه، والنَّوم هو انقطاعه عن ظاهر البَدَن فَقطْ.
          فائدة: التَّأذين من بعد خروج الوقت؛ قال الإمام أحمد بجوازه محتجًّا بهذا الحديث.
          وقال الثَّوريُّ: ليس في الفوائت أذان ولا إقامة.
          وقال الشَّافعيُّ: الفائتة لا أذان لها، ولعلَّ الشَّافعيَّ يحمله على التَّأذين اللُّغويِّ، وهو الإعلام.
          وفي بعضها: (فأذَّن) من باب الإفعال، وهو صريح في الإعلام.
          وجواب حديث: «تنام عينه ولا ينام قلبه» أنَّ القلبَ إنَّما يدرك الحسِّيَّات المتعلِّقة به كالحدث والألم ونحوهما، ولا يدرك طلوع الفجر وغيره ممَّا يتعلَّق بالعين، أو أنَّ عدم نوم القَلْب كان هُوَ الغالب من أحواله ◙.
          التَّيْميُّ: كان في النَّادر ينام كنوم الآدميِّين ◙.
          وأمَّا تَرْكه الصَّلاة حتَّى ابيضَّت الشَّمْس؛ فقال الكوفيُّون: أخَّرها لما تقدَّم من نَهْيه عن الصَّلاة عند طلوع الشَّمْس.
          وقال الشَّافعيُّ: أخَّرها مقدار ما توضَّأ النَّاس وتأهَّبوا للصَّلاة.
          وقد جاء هذا المَعْنى في بَعْض طرق الحديثِ، وروى عطاء أنَّه ◙ إنَّما أمرهم بالخروج من ذلك الوادي على طريق التَّشاؤم به، وقال لهم: اخرجوا من المكان الَّذي أصابكم فيه الغَفْلة.
          وفي رواية زيد بن أسلم: أنَّ هذا وادٍ به شيطان، فكرهَ الصَّلاةَ فيه.