مصابيح الجامع الصحيح

حديث: يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام

          3217- قوله: (يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام): إن قال قائل: هلَّا واجهها جبريل بالسلام فكان أعجب كما واجه مريم؟
          فالجواب من وجهين: أحدهما: أنه لمَّا قدَّر وجود عيسى ◙ لا من أب، بعث جبريل إلى مريم ♂ يعلمها بكونه قبل كونه؛ لتعلم أنه مكون بالقدرة فتسكن في زمن الحمل، ثم بُعِث إليها عند الولادة لكونها في حَيرة ووَحدة فقال: لا تحزني فكان خطاب الملَك لها تسكينًا لها في الحالتين لانزعاجها ومبدأً للمعجِز ولدِها، بخلاف عائشة ╦، فإنها لم تقع في مثل هذه الحالات.
          الثاني: أنَّ مريم كانت خالية عن الأزواج فواجهها بالخطاب، وعائشة احتُرمت لمكان الرسول صلعم كما احترم الرسول صلعم قصر عمر ╩ الذي رآه في المنام أن يدخله خوفًا من غيرته، وهذا أبلغ في فضل عائشة ♀ لأنها(1) إذا احترمها / جبريل الذي لا شهوة له حفظًا لقلب النبيِّ صلعم كانت عن الفحشاء التي قيلت عنها، أبعد ╦ وعن أبيها.
          ثالثها: أنَّ مريم ♀ قيل بنبوتها، ومذهب أهل التحقيق أن الذكورة شرط للنبوة خلافًا للأشعري ثم القرطبي، ووقع الخلاف في نبوة مريم وآسية وسارة وهاجر.
          فائدة: غالب ما رود في القرآن ذكر عيسى صلعم يذكر فيه نسبته إلى أمه، والحكمة فيه إبطال ما ادعته النَّصارى في النسبة إلى الأب.
          فائدة: اختلف التفضيل بين عائشة وفاطمة على مذاهب ثالثها وهو الأسلم التوقف، قاله ابن جماعة.
          (هذا جبريل): فيه: أنَّ الرؤية حالة يخلقها الله في الحي، ولاتلزم من حضور المرئي واجتماع سائر الشروط الرؤية كما لا يلزم عدمها.


[1] في الأصل: (لا أنها).