مصابيح الجامع الصحيح

حديث: أن تلبية رسول الله: لبيك اللهم لبيك

          1549- (لَبَّيْكَ) سيبويه: كلمة مثنَّاة للتَّكثير لا أنَّها لحقيقة التَّثنية بحيث لا يتناول إلَّا فردين فقط، ودليل كونه مثنَّى قلب الألف ياء مع المظهر.
          وقال يونس: هو اسم مفرد، وانقلاب الألف لاتِّصالها بالضَّمير، وأمَّا أصله؛ فقيل أنَّه من (لبَّ)، بمعنى: واجه، أو من (ألبَّ) إذا أحبَّ، أو من (اللُّباب) وهو الخالص، أو من (لبَّ بالمكان) إذا أقام به، فمعناه: اتِّجاهي إليك ومحبَّتي لك أو إخلاصي لك، أو إقامتي على إجابتك مرَّة بعد أخرى.
          عياض: وهذه إجابة لقوله تعالى لسيِّدنا إبراهيم ◙: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج:27].
          (إِأَنَّ الْحَمْدَ) روي بكسر إنَّ وفتحها.
          الخطَّابيُّ: الاختيار: الكسر؛ لأنَّه أعمُّ وأوسع، أبو العبَّاس: من كسر فقد عمَّ، ومن فتح فقد خصَّ؛ أي: معنى الكسر: إنَّ الحمد والنِّعمة لك على كلِّ حال، ومعنى الفتح: لبَّيك لهذا السَّبب، والمشهور في (وَالنِّعْمَة) النَّصب، ومن رفعها قال: هي مبتدأ وخبره محذوف.
          ابن الأنباريِّ: وإن شئتَ جعلتَ خبر (إنَّ) محذوف؛ أي: إنَّ الحمد لك والنِّعمة مستقرَّة لك، وحاصله: أنَّ النِّعمة والشُّكر كليهما لله تعالى.
          وكذا يجوز في (الْمُلْك) أيضًا وجهان.
          وأمَّا حكم التَّلبية؛ فأجمعوا على أنَّها مشروعة، فقال الشَّافعيُّ وأحمد: هي سنَّة، ولو تركها لا دم عليه، مالك: لو تركها؛ لزم الدَّم، أبو حنيفة: لا ينعقد الحجُّ إلَّا بانضمام التَّلبية إلى النِّيَّة أو سوق الهدي.