مصابيح الجامع الصحيح

حديث: إن النبي مرت به جنازة فقام فقيل له إنها جنازة يهودي

          1312- 1313- (أَلَيْسَتْ نَفْسًا) ابن بطَّال: مَعْناه: أليست نفسًا فماتت؟ فالقيام لها لأجل صعوبة الموت وتذكرة، فكأنَّه إذا قام كان أشدُّ لتذكُّره.
          وفي روايةٍ: لستم تقومون لها؛ إنَّما تقومون لمن مَعَها من الملائكةِ، يَعْني: ملائكة العذاب.
          قال: معنى القيام للجنازة على جهة التَّعْظيم لأمر الموت والإجلال لحكم الله، ولأنَّ الموت فَزَعٌ؛ فيجب استقباله بالقيام.
          القاضي البَيْضاويُّ: الباعث على القيام إمَّا تعظيم الميِّت، وإمَّا تهويل الموت، والتَّنبيه على أنَّه بحالٍ ينبغي أن يضطرب من رأى ميِّتًا رُعْبًا منه.
          إشارة: إذا مرَّ عليه بجنازة؛ فالمَنْصوص وقول الأكثرين: لا يُستحَبُّ له القيام لها، بل قالوا: يُكرَه، قال في «زوائد الرَّوضة»، وانفرد المتولِّي باستحبابه، واختار في «شرح المهذَّب» مقالة المتولِّي.
          وقال في «شرح مسلم» : المَشْهور من مَذْهبنا أنَّ القيام ليس مستحبًّا، وهو مَنْسوخ بحديث عليٍّ، وإخبار المتولِّي من أصحابنا استحبابه وهذا هو المختار، ثمَّ قال بعدُ: اختيار الاستحباب، فيكون الأمر للنَّدب، والقعود بيانًا للجواز، ولا يصحُّ دعوى النَّسْخ في مثل هذا؛ لأنَّ النَّسخ إنَّما يكون إذا تعذَّر الجمع بين الأحاديث، ولم يتعذَّر.
          (أَبُو مَسْعُودٍ) عتبة بن عمر البدريِّ، نزل بدرًا، وفائدة ذكر الطَّريق الثَّاني التَّقوية حيث قال بلفظ: (كنَّا) بخلاف الطَّريق الأوَّل، فإنَّه يحتمل الإرسال، وأمَّا الطَّريق الثَّالث؛ فالغرض منه بيان أنَّ أبا مَسْعودٍ أيضًا كان يقوم للجنازة.