الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه

حديث: بعث النبي سريةً عينًا وأمر عليهم عاصم بن ثابت
     
         1           

  الرواة  
شروح الصحيح
                          
    التالي السابق

4086- حدَّثني إِبْراهِيمُ بْنُ مُوسَى: أخبَرَنا هِشامُ بْنُ يُوسُفَ، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيانَ الثَّقَفِيِّ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً (1) عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عاصِمَ بْنَ ثابِتٍ، وهو جَدُّ (2) عاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فانْطَلَقُوا حَتَّى إذا كانَ (3) بَيْنَ عُسْفانَ وَمَكَّةَ، ذُكِرُوا لَحِيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيانَ، فَتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِئَةِ رامٍ، فاقْتَصُّوا
/
آثارَهُمْ حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلًا نَزَلوُهُ، فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ، فقالُوا: هَذا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَتَبِعُوا آثارَهُمْ حَتَّى لَحِقُوهُمْ، فَلَمَّا انْتَهَى عاصِمٌ وَأَصْحابُهُ لَجَؤُوا إلى فَدْفَدٍ، وَجاءَ الْقَوْمُ فَأَحاطُوا بِهِمْ، فقالُوا: لَكُمُ الْعَهْدُ والْمِيثاقُ إِنْ نَزَلْتُمْ إِلَيْنا أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ رَجُلًا. فقالَ عاصِمٌ: أَمَّا أَنا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ (4)، فَقاتَلُوهُمْ (5) حَتَّى قَتَلُوا عاصِمًا فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ بِالنَّبْلِ، وَبَقِيَ خُبَيْبٌ وَزَيْدٌ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَأَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ والْمِيثاقَ، فَلَمَّا أَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ والْمِيثاقَ نَزَلُوا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلُّوا أَوْتارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِها، فقالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِي مَعَهُما: هَذا أَوَّلُ الْغَدْرِ، فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَجَرَّرُوهُ وَعالَجُوهُ على أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فَلَمْ يَفْعَلْ فَقَتَلُوهُ، وانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَزَيْدٍ حَتَّى باعُوهُما بِمَكَّةَ، فاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الْحارِثِ بْنِ عامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ؛ وَكانَ خُبَيْبٌ هو قَتَلَ الْحارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، حَتَّى إذا أَجْمَعُوا قَتْلَهُ اسْتَعارَ مُوسَى (6) مِنْ بَعْضِ بَناتِ الْحارِثِ أَسْتَحِدَّ (7) بها فَأَعارَتْهُ، قالَتْ: فَغَفَلْتُ عن صَبِيٍّ لِي، فَدَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتاهُ فَوَضَعَهُ على فَخِذِهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ فَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَ ذاكَ (8) مِنِّي وَفِي يَدِهِ الْمُوسَى، فَقالَ: أَتَخْشَيْنَ (9) أَنْ أَقْتُلَهُ؟! ما كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذاكِ إِنْ شاءَ اللَّهُ. وَكانَتْ تَقُولُ: ما رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ وَما بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ ثَمَرَةٌ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَما كانَ إِلَّا رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ. فَخَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ، فَقالَ: دَعُونِي أُصَلِّي (10) رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ فَقالَ: لَوْلَا أَنْ تَرَوْا أَنَّ ما بِي جَزَعٌ مِنَ الْمَوْتِ لَزِدْتُ. فَكانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ هُوَ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا. ثُمَّ قالَ:
ما (11) أُبالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا. عَلَى أَيِّ شِقٍّ كانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ. يُبارِكْ على أَوْصالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثُمَّ قامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ الْحارِثِ فَقَتَلَهُ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ إلى عاصِمٍ لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ، وَكانَ عاصِمٌ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمائهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ (12) مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا منه على شَيْءٍ.


[1] في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «بسرية».
[2] بهامش اليونينية: قال المنذري: وقد غلط عبد الرزاق، وكذلك ابن عبد البر فقالا في عاصم هذا: هو جد عاصم بن عمر بن الخطاب، وذلك وَهْم، إنما هو خال عاصم؛ لأن أم عاصم بن عمر جميلة بنت ثابت، وعاصم هو أخو جميلة، ذكر ذلك الزبير القاضي وعمُّه مصعب الإمامان في علم النسب.اهـ. (ن، ص) وهو بهامش نسخة البقاعي أيضًا.
[3] في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «كانوا».
[4] هكذا في روايةٍ لابن عساكر أيضًا (ب، ص)، وفي رواية أبي ذر وأخرى لابن عساكر: «رسولَك».
[5] في رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «فَرَموْهم» بدل: «فقاتلوهم»، والذي في (ب، ص) أنَّه زيادة، وبهامشهما: هكذا التخريج في اليونينية بعد «فقاتلوهم» لا عليها.اهـ. زاد في (ب): وجعله في الفرع على: «فقاتلوهم».اهـ.
[6] ضُبطت في اليونينية بضبطين: المثبت، و «مُوسًى»، وكتب فوقها «معًا».
[7] في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «لِيَسْتَحِدَّ». وبهامش (ب، ص): هكذا ضبطها في اليونينية، وكان على شدة الدال ضمة فكشطت.اهـ. زاد في (ب): وهمزة «أستحدَّ» فيها مفتوحة، والحاء مكسورة، ونبَّه على ذلك القسطلاني بعد أن قال: إنَّها بهمزة وصل وفتح التاء والحاء وتشديد الدال.اهـ.
[8] في رواية أبي ذر: «ذلك».
[9] في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «أتَحْسبِينَ».
[10] في رواية أبي ذر و الكُشْمِيْهَنِيِّ: «أصلِّ».
[11] في نسخة: «ولست»، وفي رواية أبي ذر عن الحَمُّويي والمُستملي: «وما إن»، وفي رواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «فلست».
[12] في رواية أبي ذر: «عليهم».