الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: يا بن الخطاب؛ إني رسول الله

          703- الثَّاني: عن أبي وائلٍ شقيقِ بنِ سلَمةَ قال: «قام سهلُ بنُ حُنَيفٍ يومَ صِفِّينَ، فقال: يا أيُّها النَّاسُ؛ اتَّهِمُوا أنفسَكم، لقد كنَّا مع رسولِ الله صلعم يومَ الحُدَيبِيَةِ، ولو نرى قتالاً لقاتَلْنَا، وذلكَ في الصُّلحِ الَّذي كان بين رسولِ الله صلعم وبين المشركينَ، فجاء عمرُ بنُ الخطَّاب، فقال: يا رسولَ الله؛ ألسنا على حقٍّ وهم على باطلٍ؟! قال: بلى، قال: أليس قتْلانا في الجنَّة وقتْلاهم في النَّار؟! قال: بلى، قال: فَفِيمَ نعطي الدَّنيَّةَ(1) في دينِنا، ونرجِعُ وَلمَّا يحكمِ اللهُ بيننا وبينهم؟! فقال: يا بنَ الخطَّابِ؛ إنِّي رسولُ الله، ولن يضيِّعَني اللهُ أبداً! فانطلَق عمرُ، فلم يصبِر متَغيِّظاً(2)، فأتى أبا بكرٍ، فقال: يا أبا بكرٍ؛ ألسنا على حقٍّ وهم على باطلٍ؟! قال: بلى، قال: أليس قتْلانا في الجنَّة وقتْلاهم في النَّار؟! قال: / بلى، قال: فَعَلامَ نعطي الدَّنيَّةَ في دينِنا ونرجِعُ وَلَمَّا يحكمِ اللهُ بيننا وبينهم؟! فقال: يا بنَ الخطَّاب؛ إنَّه رسولُ الله، ولن يضيِّعَه الله أبداً!، قال: فنزَل القرآنُ على رسولِ الله صلعم بالفتحِ، فأرسَل إلى عمرَ فأقرأه إيَّاه(3)، فقال: يا رسولَ الله؛ أو فَتْحٌ هو؟ قال: نعم، فطابَت نفسُه ورجَعَ». [خ¦4844]
          وفي حديث يحيى بنِ آدمَ: فنزلَت سورةُ الفتح، فقرأها رسولُ الله صلعم على عمرَ. [خ¦3182]
          وفي حديث الأعمشِ وأبي حَصِينٍ عن أبي وائلٍ: أنَّه سمِعَ سهلَ بنَ حُنَيفٍ بصِفِّينَ يقول: يا أيُّها النَّاسُ؛ اتَّهِموا رأيَكم(4) على دينِكم، لقد رأيتُني يومَ أبي جَندلٍ ولو أستطيعُ أن أرُدَّ أمْرَ رسولِ الله صلعم لَرَدَدتُه، وما وضَعْنا سيوفَنا على عواتِقِنا إلى أمرٍ يُفظِعُنا(5) إلَّا أسهَلْنَ(6) بنا إلى أمرٍ نعرِفُه غيرَ هذا الأمرِ. [خ¦3181]
          زاد / أبو حصَينٍ: ما نَسُدُّ(7) منه خُصْماً(8) إلَّا انفجرَ علينا منه خُصْمٌ، ما ندري كيفَ نتأتَّى(9) له؟!.
          وفي حديث محمَّد بنِ سابقٍ: لمَّا قدِمَ سهلُ بنُ حُنيف من صِفِّينَ أتَيناه نستخبِرُ، فقال: اتَّهِموا الرَّأيَ، وذكَر نحوَه.


[1] نعطي الدنِيَّةَ: أي النقِيصةَ.
[2] في (ابن الصلاح): (متغضِّباً)، وما أثبتناه من (أبي شجاع) موافق لنسخنا من «الصحيحين».
[3] سقط قوله: (إيّاه) من (أبي شجاع).
[4] في (ابن الصلاح): (أنفسكم)، وما أثبتناه من (أبي شجاع) موافق لنسختنا من رواية البخاري.
[5] أمرٌ يفظِعُنا: أي يشتَدُّ علينا، يقال: أفظَع الأمرُ: اشتدَّ، وهو مفظِع وفظيع.
[6] أسهلَ الرجلُ: إذا ركِبَ السهلَ من الأرض في سَيْره، وقوله أسهَلْنَ بنا: أي رأَيْنا في عاقبته وفي السلوك إليه سهولةً كأنه ركِبَ السهلَ في طريقه إليه ولم ير في آخره مكروهاً.
[7] في (ابن الصلاح): (سع: نسدّ)، وفي هامشها (ص: نشدّ)، وما أثبتناه موافق لنسختنا من رواية البخاري.
[8] الخُصْمُ: جانب العدلِ، وخُصمُ كل شيء طرفه وجانبه، وإنما ذلك إخبارٌ عن انتشار الأمر وشدتِه وأنه لا يتهيأُ إصلاحُه وتلافيه وأنه بخلاف ما كانوا عليه من قبل ذلك.(ابن الصلاح) نحوه.
[9] هكذا في الأصلين وهو في نسختنا من رواية البخاري: (نأتي له) وليست هذه الزيادة في رواية مسلم.