الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أتيت النبي بمكة وهو بالأبطح

          511- الثَّاني: عن عونِ بن أبي جُحَيفَةَ عن أبيه قال: «أتيتُ النَّبيَّ صلعم بمكَّةَ وهو بالأَبطَحِ(1)، في قُبَّةٍ له حمراءَ من أدَمٍ، قال: فخرجَ بلالٌ بوَضوئِه، فمِن ناضِحٍ ونائلٍ، قال: فخرَج النَّبيُّ صلعم عليه حُلَّةٌ حمراءُ كأنِّي أنظُرُ إلى بياضِ ساقَيْهِ، فتوضَّأَ، وأذَّن بلالٌ، قال: فجعلْتُ أتتبَّعُ فاهُ ههنا وههنا _يقولُ يميناً وشمالاً_ يقول: حيَّ على الصَّلاةِ، حيَّ على الفلاحِ، قال: ثمَّ رُكِزَتْ له عَنَزَةٌ، فتقدَّمَ فصلَّى الظُّهرَ ركعتَينِ(2)، يمُرُّ بَينَ يدَيهِ الحمارُ والكلبُ لا يُمنَعُ، ثمَّ صلَّى / العصرَ ركعتَينِ، ثمَّ لم يَزَل يصلِّي ركعتَينِ حتَّى رجَعَ إلى المدينةِ».
          وفي حديث ابنِ أبي زائدةَ: «ورأيتُ بلالاً أخرَجَ وَضُوءاً، فرأيتُ النَّاسَ يبتدِرُون ذلك الوَضوءَ، فمَن أصابَ منه شيئاً تمسَّحَ به، ومَن لم يصِبْ منه أخَذ من بَللِ يدِ صاحبِه، ثمَّ رأيتُ بلالاً أخرَجَ عَنَزَةً فَرَكَزَها، وخرجَ رسولُ الله صلعم في حُلَّةٍ حمراءَ مُشمِّراً، فصلَّى إلى العَنَزَةِ بالنَّاس ركعتَينِ، ورأيتُ النَّاسَ والدَّوابَّ يمُرُّون بينَ يدَيِ العَنَزَةِ». [خ¦376]
          وفي حديث مالكِ بنِ مِغْولٍ: «فلمَّا كان بالهاجِرةِ خرَجَ بلالٌ فنادى بالصَّلاةِ». [خ¦3566]
          وقال الحكمُ بنُ عُقبةَ عن أبي جُحَيفَةَ: «خرَجَ رسولُ الله صلعم بالهاجِرةِ إلى البَطْحاءِ، فتوضَّأَ، فصلَّى الظُّهرَ ركعتينِ، والعصرَ ركعتينِ، وبين يدَيهِ عَنَزَةٌ».
          قال شعبةُ: زاد فيه عونٌ عن أبيه: «يمُرُّ مِن ورائِها المرْأةُ والحمارُ».
          وفي حديثِ الحكمِ: «فجعَل النَّاسُ يأخُذونَ مِن فضْلِ وَضوئِه فيتمسَّحونَ بهِ». [خ¦187]
          وفي حديث حجَّاجٍ عن شعبةَ فيه: «وقام النَّاسُ فجعَلوا يأخُذونَ يدَيهِ يمسَحونَ بها وجوهَهم، قال: فأخْذتُ بيدِه فوضعتُها على وجهِي، فإذا هي أبردُ منَ الثَّلجِ، وأطيَبُ رائحةً مِن المِسكِ»، صلعم تسليماً دائماً أبداً. [خ¦3553]
          أفرد البخاريُّ من حديثِ عونِ بنِ أبي جُحَيفَةَ عن أبيه في هذا طرَفاً منه في / كتاب الصَّلاةِ: «أنَّه رَأى بلالاً يؤذِّنُ، فجعَل يتَتَبَّع فاهُ ههُنا وههُنا بالأذانِ». [خ¦634]
          فجعَل أبو مسعودٍ الدِّمشقيُّ في كتابِه في «الأطرافِ» هذا الفصلَ من أفرادِ البخاريِّ، ظنَّاً منه أنَّ مسْلِماً لم يخرِّجْه، وقد أخرجَه مسلمٌ في كتاب الصَّلاةِ في أحاديثِ سُترةِ المصلِّي في جملةِ الحديثِ الطَّويلِ عن عونِ بنِ أبي جُحَيفةَ عن أبيه الَّذي أوَّلُه: «أتيتُ النَّبيَّ صلعم بمكةَ وهو بالأبْطَحِ في قُبَّةٍ له حمراءَ من أَدَمٍ، فخرج بلالٌ بوَضوئِه، وفيه: وأذَّنَ بلالٌ، فجعلتُ أتَتَبَّع فاهُ ههُنا وههُنا، يقولُ يميناً وشمالاً، يقول: حيَّ على الصَّلاةِ، حيَّ على الفلاحِ». فصحَّ أنَّه ممَّا اتَّفقَا عليه، لا ممَّا انفردَ به البخاريُّ.


[1] الأبطَحُ والبَطحا والبَطحَاء: كلُّ مكانٍ متسعٍ من الأرض.(ابن الصلاح) نحوه وزاد: (قال شيخنا رضيَ اللهُ عنهُ: ليس كما قال، والمنقول: كلُ سيل فيه دُقاقُ الحصا قاله الخليل، وقال ابنُ دريد: هو الرملُ المنبسط على وجه الأرض، وقال أبو زيد: هو أثرُ المسيل ضيقاً كان أو واسعاً، قال الشيخ: وهو هاهنا مكان كذلك بين مكة ومنى).
[2] سقط قوله: (ركعتين) من (أبي شجاع).