الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما راجعت رسول الله في شيء ما

          44- السَّادس والعشرون: للبخاريِّ عن جُويريةَ بنِ قُدامةَ عن عمرَ مختصراً. / [خ¦3162]
          ولمسلمٍ عن مَعدانَ بنِ أبي طلحةَ عن عمرَ بطوله: أنَّ عمر بن الخطَّاب خطب يومَ جمعةٍ، فذكر نبيَّ الله صلعم، وذكر أبا بكرٍ، ثمَّ قال: إنِّي رأيت كأنَّ دِيكاً نقرَني ثلاثَ نَقَراتٍ، وإنِّي لا أُراه إلَّا لحُضور أجلي، وإن أقواماً يأمرونَني أن أستخلِف، وإنَّ الله لم يكن ليُضيِّعَ دينَه ولا خِلافتَه ولا الَّذي بعثَ به رسولَه صلعم، فإن عَجِلَ بي أمرٌ فالخلافةُ شُورى بين هؤلاء السِّتَّة الَّذين تُوفِّي رسول الله صلعم وهو عنهم راضٍ وإنِّي قد علمت أنَّ أقواماً يطعُنون في هذا الأمر، أنا ضربتُهم بيدي هذه على الإسلام، فإن فعلوا ذلك فأولئكَ أعداءُ الله الكَفَرةُ الضُّلَّالُ، ثمَّ إنِّي لا أَدعُ بعدي شيئاً أهمَّ عندي من الكَلالة(1)، «ما راجعتُ رسول الله صلعم في شيءٍ ما راجعتُه في الكَلالة، وما أغلظَ لي في شيءٍ ما أغلظَ لي فيه، حتَّى طعن بأُصبُعه في صدري، وقال: يا عمرُ، ألا تكفيكَ آيةُ الصَّيف الَّتي في آخر سورة النِّساء؟!»، وإنِّي إن أَعِشْ أَقْضِ فيها بقضيَّةٍ يَقضي بها مَن يقرأ القرآنَ ومَن لا يقرأُ القرآنَ. ثمَّ قال: اللَّهمَّ إنِّي أُشهِدك على أُمَراء الأمصار(2)، وإنِّي إنَّما بعثتُهم عليهم ليَعدِلوا، ولِيعلِّموا النَّاسَ دينَهم وسنَّةَ نبيِّهم صلعم، ويقسِموا فيهم فيئَهم، ويرفعوا إليَّ ما أَشكلَ عليهم من أمرِهم، ثمَّ إنَّكم أيُّها النَّاسُ تأكلون شجرتَين لا أُراهما إلَّا خبيثتَين: هذا البصلُ والثُّوم، «لقد رأيت رسولَ الله صلعم إذا وجدَ ريحها مِن الرَّجل في المسجد أَمرَ به فأُخرج إلى البقيع، فمَن أكلهُما فليُمِتهُما طبخاً»(3). /
          في حديث جُويريةَ: [فما كانت إلَّا(4) الجمعةُ الأُخرى حتَّى طُعِنَ عمرُ، قال: فأُذِن للمهاجرين من أصحاب النَّبيِّ صلعم، وأُذِن للأنصار، ثمَّ أُذِن لأهل المدينة، ثمَّ أُذِن لأهل الشَّام، ثمَّ أُذِن لأهل العراق، فكنَّا آخرَ من دخل عليه، قال: فإذا هو قد عَصَبَ جُرحَه ببُردٍ أسودَ والدَّمُ يسيلُ عليه قال: فقلنا: أَوصِنا، ولم يسأله الوصيَّةَ أحدٌ غيرُنا، قال: أوصيكم بكتاب الله، فإنَّكم لن تضلُّوا ما اتَّبعتُموه، قال: وأوصيكم بالمهاجرين، فإنَّ النَّاس يكثُرون ويَقلُّون، وأوصيكم بالأنصار، فإنَّهم شِعب الإسلام الَّذي لَجأ إليه، وأوصيكم بالأعراب، فإنَّهم أصلُكم ومادَّتُكم _وفي روايةٍ: فإنَّهم إخوانُكم وعدوُّ عدوِّكم_ وأوصيكم بأهل الذِّمَّة، فإنَّهم ذِمَّة نبيِّكم ورِزقُ عيالكم، قوموا عنِّي] (5).
          وبعضُ هذا المعنى في الوصيَّة في حديث مَقتل عمرَ والشُّورى من رواية عمرِو بن ميمونٍ (6).


[1] الكلالة: العصَبة وبنو العم وهم مَن دون الآباء والبنين من سائر الورثة، وقال القُتَبي: الأب والابن طرفان للرجل فإذا مات ولم يخلفهما فقد مات عن ذهاب طرفيه فسمي بذلك عن ذهاب الطرفين كلالةً.(ابن الصلاح) نحوه.
[2] تصحفت في (ابن الصلاح) إلى: (الأنصار).
[3] فليُمتهما طبخاً: أي ليكسر رائحتهما بالطبخ يعني البصل والثوم.
[4] سقطت (إلا) من (ابن الصلاح).
[5] لم أجد هذه الرواية بهذا السياق في «الصحيح»، وإنما أخرج البخاري من طريق جويرية طرفاً منه كما تقدَّم، قال الحافظ ابن حجر: جويرية ما له في البخاري سوى هذا الموضع، وهو مختصر من حديث طويل في قصة مقتل عمر.«فتح الباري» 6/267.
[6] سيأتي ذكر حديث عمرو بن ميمون في الحديث الثاني عشر من أفراد البخاري.