الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: والله لا أحملكم، وما عندي ما أحملكم

          436- الحادي عشر: عن غَيلانَ بنِ جريرٍ عن أبي بُردةَ عن أبيه قال: «أتيتُ النَّبيَّ صلعم في رهطٍ من الأشْعَريِّينَ نَستَحمِلُه فقال: والله لا أحمِلُكُم، وما / عندي ما أحملُكم عليه.
          قال: فلبِثنا ما شاء اللهُ، ثمَّ أُتِيَ بإبلٍ، فأمَر لنا بثلاثِ ذَودٍ(1) غُرِّ الذُّرَى، فلمَّا انطلَقنا قلنا، أو قال بعضُنا لبعضٍ: لا يبارِكُ اللهُ لنا، أتَينا رسولَ الله صلعم نستحمِلُه، فحلَف ألا يحمِلَنا، ثمَّ حَمَلَنا، فأَتَوه فأخبَروه، فقال: ما أنا حَمَلتُكُم، ولكنَّ اللهَ حَمَلَكُم، وإنِّي واللهِ _إن شاء اللهُ_ لا أحلِفُ على يمينٍ ثمَّ أرى خيراً منها إلا كفَّرتُ عن يميني وأتَيتُ الَّذي هو خيرٌ».
          زاد في رواية محمدِ بنِ الفضلِ متَّصلاً به: «أو أتيتُ الذي هو خيرٌ وكفَّرتُ عن يميني». [خ¦6623]
          وأخرجاه أيضاً من رواية بريدِ بنِ عبدِ الله بنِ أبي بردةَ عن جدِّه أبي بردةَ عن أبي موسى قال: «أرسَلَني أصحابي إلى رسول الله صلعم أسألُه لهم الحُمْلانَ إذ هم معه في جيش العُسْرَةِ، وهي غزوةُ تبوكَ، فقلت: يا نبيَّ الله؛ إنَّ أصحابي أرسَلوني إليكَ لتحمِلَهم، فقال: والله لا أحمِلُكم على شيءٍ.
          ووافقتُه وهو غضبانُ ولا أشعُرُ، فرجَعتُ حزيناً من مَنعِ رسولِ الله صلعم، ومن مخافةِ أن يكونَ رسولُ الله صلعم قد وَجَدَ في نفسِه عليَّ، فرجعتُ إلى أصحابي فأخبرتُهم الذي قال رسولُ الله صلعم، فلم ألبَث إلا سُوَيعةً إذ سمِعت بلالاً ينادي: أين عبدُ الله بنُ قيسٍ؟ فأجبتُه، فقال: أَجِبْ رسولَُ الله صلعم يدعوكَ، فلمَّا أتيتُ رسولَ الله صلعم قال: خُذْ هذَينِ القَرينَينِ، وهذَينِ القَرينَينِ، وهذَينِ القَرينَينِ _لِسِتَّةِ أَبعِرةٍ ابتاعَهنَّ حينئذٍ من سَعدٍ_ فانطلِق بِهِنَّ إلى أصحابِك فَقُل: إنَّ اللهَ _أو قال: إنَّ رسولَ الله صلعم_ يُحمِلُكم على هؤلاءِ فاركَبُوهُنَّ.
          قال أبو موسى: فانطلَقتُ إلى أصحابي بهِنَّ، فقلتُ: إنَّ رسولَ الله صلعم / يحمِلُكم على هؤلاءِ، ولكنْ والله لا أدعُكم حتَّى ينطلقَ معي بعضُكم إلى مَن سمِعَ مقالةَ رسول الله صلعم حين سألتُه لكم، ومَنعَه في أوَّل مرَّةٍ، ثمَّ إعْطاءَه إيَّايَ بعد ذلك لا تظنُّوا أنِّي حدَّثتُكم شيئاً لم يَقُلهُ، فقالوا لي: والله إنَّكَ عندنا لمصدَّقٌ، ولنفعلنَّ ما أحببتَ، فانطلَقَ أبو موسى بنفَرٍ منهم حتَّى أتَوا الذين سمِعوا قولَ رسولِ الله صلعم منعَهُ إيَّاهم ثمَّ إعطاءَهُم بعدُ، فحدَّثوهم بما حدَّثَهم به أبو موسى سواءً». [خ¦4415]
          وأخرَجاه أيضاً مِن رواية زَهْدمِ بنِ مُضَرِّبٍ الجَرْميِّ قال: كنَّا عند أبي موسى فدعا بمائدتِه وعليها لحمُ دجاجٍ، فدخَل رجلٌ من بني تَيمِ الله أحمرُ شبيهٌ بالموالي، فقال له: هلُمَّ، فَتَلكَّأَ، فقال له: «هَلُمَّ! فإنِّي قد رأيتُ رسولَ الله صلعم يأكُل منه»، فقال الرَّجل: إنِّي رأيتُه يأكُل شيئاً فقَذِرتُهُ، فحلَفتُ ألَّا أَطعَمَه، فقال: «هَلُمَّ أحدِّثكَ عن ذلك، إنِّي أتيتُ رسولَ الله صلعم في رهْطٍ من الأشعريِّينَ نستَحمِلُه، فقال: والله ما أحْمِلُكم، وما عندي ما أحْمِلُكم عليه، فلبِثْنا ما شاء اللهُ، فأُتِيَ رسولُ الله صلعم بِنَهْبِ إبلٍ، فدعا بِنا فأمَر لنا بخَمسِ ذَودٍ غُرِّ الذُّرَى، قال: فلمَّا انطلَقْنا قال بعضُنا لبعضٍ: أغفَلْنا رسولَ الله صلعم يمينَه، لا يبارَكُ لنا، فرجَعْنا إليه فقلنا: يا رسولَ الله؛ إنَّا أتَيناكَ نستَحمِلُك، وإنَّكَ حلَفتَ ألا تحمِلَنا ثمَّ حمَلتَنا، أفَنَسِيتَ يا رسولَ الله؟! قال: إنِّي والله _إن شاءَ اللهُ_ لا أحلِفُ على يمينٍ، فأرى غيرَها خيراً منها إلَّا أتيتُ الذي هو خيرٌ وتحلَّلتُها، فانطَلِقُوا فإنَّما حَمَلكم اللهُ». [خ¦3133]


[1] الذَّودُ: من الإبل من الثلاثة إلى العشرة.(ابن الصلاح) نحوه.