الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: خرجت ليلةً من الليالي، فإذا رسول الله

          358- الثَّالث: عن زيدِ بنِ وهبٍ الجُهَنيِّ عن أبي ذرٍّ _من رواية عبدِ العزيز بنِ رُفيعٍ عن زيدٍ_ قال: «خرجتُ ليلةً مِن الليالي، فإذا رسولُ الله صلعم يمشي وحدَه ليس معه إنسانٌ، قال: فظننتُ أنَّه يكرَه أن يمشيَ معه أحدٌ قال: فجعلتُ أمشي في ظلِّ القمر، فالتفتَ فرآني، فقال: مَن هذا؟ فقلت: أبو ذرٍّ، جعلني اللهُ فِداك، قال: يا أبا ذرٍّ؛ تعالَهْ.
          قال: فمشيتُ معه ساعةً، فقال: إنَّ المكثرين همُ المقِلُّون يومَ القيامة، إلَّا مَن أعطاه الله خيراً، فنفَحَ(1) فيه يمينَه وشمالَه، وبين يدَيه ووراءَه، وعمِل فيه خيراً. /
          قال: فمشيتُ معه ساعةً، فقال لي: اجلسْ ههنا.
          قال: فأجلسَني في قاعٍ حولَه حجارةٌ، فقال لي: اجلسْ ههنا حتَّى أرجِعَ إليك.
          قال: فانطلقَ في الحَرَّةِ(2) حتَّى لا أراهُ، فلبِثَ عنِّي فأطالَ اللُّبثَ، ثمَّ إنِّي سمعتُه وهو مُقبِلٌ وهو يقول: وإن سَرَقَ وإن زَنَى؟! قال: فلمَّا جاء لم أصبِر، فقلتُ: يا نبيَّ الله؛ جعلَني اللهُ فِداكَ، مَن تُكَلِّمُ في جانبِ الحَرَّةِ؟ ما سمعتُ أحداً يَرجِعُ إليك شيئاً! قال: ذاك جبريلُ، عَرَضَ لي في جانب الحَرَّةِ، فقال: بَشِّر أمَّتَك أنَّه من مات لا يُشرك بالله شيئاً دخَل الجنَّةَ، فقلتُ: يا جبريل؛ وإن سَرَقَ وإن زَنَى؟! قال: نعم. قلت: يا رسول الله؛ وإن سَرَقَ وإن زَنَى؟! قال: نعم.
          قال: قلتُ(3) :وإن سرق وإن زَنَى؟! قال: نعم، وإن شرِب الخمرَ».
          ليس عندنا في رواية مسلمٍ: (يا رسولَ الله)، وصحَّ في رواية البخاريِّ، وبإسقاطه يحتَملُ أن يكونَ ذلك من مخاطبةِ جبريلَ صلعم.
          وفي رواية الأعمشِ وعبدِ العزيز بنِ رُفيعٍ وحبيبِ بنِ أبي ثابتٍ نحوُه عن أبي ذرٍّ.
          وفي «الكتابينِ» من رواية المعرورِ(4) بنِ سويدٍ عن أبي ذرٍّ عنه صلعم أنَّه قال: «أتاني جبريلُ فبَشَّرَنِي أنَّه مَن مات من أمَّتك لا يشركُ بالله شيئاً دخَل الجنَّةَ، قلت: وإن زَنَى وإن سَرَقَ؟! قال: وإن زَنَى وإن سَرَقَ». / [خ¦1237]
          ومن رواية أبي الأسودِ الدُّؤليِّ عن أبي ذرٍّ نحوُ هذا الفصلِ، أنَّه صلعم قال: «ما من عبدٍ قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ ثمَّ مات على ذلك إلَّا دخَل الجنَّةَ. قلتُ: وإن زَنَى وإن سَرَقَ؟! قال: وإن زَنَى وإن سَرَقَ. ثلاثاً، ثمَّ في الرَّابعة: على رَغْمِ أنفِ(5) أبي ذرٍّ.
          وفيه: أتيتُهُ وعليه ثوبٌ أبيضُ». [خ¦5827]
          وفي أفراد البخاريِّ عن حبيبٍ وحدَه عن زيدِ بنِ وهبٍ عنه أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «قال لي جبريلُ: من ماتَ مِن أمَّتِك لا يشركُ بالله شيئاً دخَل الجنَّةَ، ولم يدخُلِ النَّارَ، قلت: وإن زَنَى إن سَرَقَ؟ قال: نعم». [خ¦3222]


[1] نفَحَ بالعطاء: أي: أظهره، ونفحَ الطيبُ: ظهر ريحُه، والنَّفْح والنَّفْحة: ظهورُ الأمر بسرعة.
[2] الحَرَّةُ: أرضٌ ذاتُ حجارة سود.
[3] زاد في (أبي شجاع): (يا رسول الله).
[4] وقع في (أبي شجاع): (عبد العزيز)، وهو خطأ.
[5] أَرغم الله أنفَه: ألصقه بالرَّغام، والرَّغامُ: الترابُ، وأنا أفعلُ كذا وإنْ رغِمَ أنفُه كذلك، والمرادُ: وإن كره ذلك.(ابن الصلاح) نحوه.