الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق

          3155- الخامسُ: عن عبد الرحمن بنِ القاسم عن أبيه عن عائشَةَ «أنَّها أرادتْ أنَّ تشتريَ بَريرةَ، وأنَّهم اشْتَرطوا ولاءَها، فذُكرَ للنَّبيِّ، فقال النَّبيُّ: اشْتَريها فأَعتِقِيها، فإنَّما الولاءُ لمن أَعتَق. وأُهدِيَ لها لحمٌ، فقالوا للنَّبيِّ: هذا تُصُدِّقَ(1) على بَريرةَ، فقال: هو لها صدقةٌ ولنا هديَّةٌ. / وخُيِّرتْ، قال عبد الرحمن: وزوجُها حرٌّ»، قال شعبةُ: ثم سألتُ عبد الرحمن عن زوجِها، فقال: لا أدري أحرٌّ أم عبد. [خ¦2578]
          ولمسلم من حديثِ يزيدَ بنِ رُومانَ عن عُروَةَ عن عائشَةَ قالت: «كان زوجُ بريرةَ عبداً».
          وأخرجاه من حديثِ أبي عثمانَ ربيعةَ بنِ أبي عبد الرحمن عن القاسم بنِ محمَّدٍ عن عائشَةَ قالت: «كان في بريرةَ ثلاثُ سُنَنٍ: إحدى السُنَنِ إنَّها أعتِقتْ(2) فخُيِّرتْ في زوجِها. وقال رسول الله: الولاءُ لِمَن أَعتَق. ودخَل رسول الله والبُرمةُ تفورُ بلحمٍ، فقُرِّبَ إليه خُبْزٌ وأُدْمٌ من أُدْمِ البيت، فقال: أَلمْ أَرَ بُرْمةً فيها لحمٌ؟ قالوا: بلى، ولكن ذلك لحمٌ تُصُدِّق به على بريرةَ، وأنت لا تأكل الصَّدقةَ، قال: عليها صدقةٌ ولنا هديةٌ». [خ¦5097]
          وفي روايةِ ابن وهبٍ عن مالكٍ عن ربيعةَ نحوُه.
          وفيه: «فقال: هو عليها صدقةٌ، وهو منها لنا هديَّةٌ. وقال النَّبيُّ فيها: إنَّما الولاءُ لمن أعتق».
          وفي حديثِ هشام بنِ عروةَ عن عبد الرحمن بنِ القاسم قالت: «كان(3) في / بريرةَ ثلاثُ قَضيَّاتٍ: أراد أهلُها أن يَبيعُوها ويَشترطُوا ولاءَها، فذكَرتُ(4) ذلك للنَّبيِّ فقال: اشْترِيها وأعتقيها، فإنَّ الوَلاءَ لمن أعتق. وعَتَقتْ فخَيَّرَها رسول الله، فاختارتْ نفسَها. قالت: وكان النَّاسُ يتصدَّقون عليها وتُهدِي لنا، فذَكرتُ ذلك لرسول الله، فقال: هو عليها صدقةٌ، وهو لكُمْ هديَّةٌ، فكُلُوه».
          وفي حديثِ سِماكٍ عن عبد الرحمن بنِ القاسم نحوُه.
          وأخرجاه من روايةِ الزُّهريِّ عن عُروَةَ عن عائشَةَ: «أنَّ بريرةَ جاءتْ تَستعينُ بها في كتابتِها، ولم تكُنْ قَضَتْ من كتابتِها شيئاً، فقالت لها عائشةُ: ارْجِعِي إلى أَهْلِكِ، فإن أَحَبُّوا أن أقضيَ عنكِ كتابتَكِ ويكون ولاؤُكِ لي فعلتُ، فذَكرتْ ذلك بريرةُ لأهلِها فأبوا، وقالوا: إن شاءتْ أن تَحتسِبَ عليكِ فلْتفعلْ، ويكون لنا ولاؤُكِ. فذكرتْ ذلك لرسول الله، فقال لها رسول الله: ابْتاعِي فأَعتقِي، فإنَّما الولاءُ لمن أعتق. ثم قام رسول الله فقال: ما بالُ أناسٍ يشترطونَ شُروطاً ليست في كتابِ الله! منِ اشتَرطَ شرطاً ليس في كتابِ الله فليس له وإن شَرَط مئةَ مرَّةٍ، شَرْطُ الله أحقُ وأوثقُ».
          هكذا عندهما من حديثِ قتيبةَ عن اللَّيثِ عن الزُّهريِّ. [خ¦2561]
          وعند البخاريِّ من حديثِ شُعيبٍ عن الزُّهريِّ نحوُه. / [خ¦2155]
          وأخرجه البخاريُّ تعليقاً من حديثِ يونسَ عن ابنِ شهابٍ قال: قال عروةُ: قالت عائشةُ: «إنَّ بَريرةَ دخَلتْ عليها تَستعينُها في كتابتِها وعليها خمسُ أواقٍ نُجِّمت(5) عليها في خمسِ سنينَ، فقالت لها عائشةُ ونَفِسَتْ فيها: أَرَأيتِ إن عَدَدتُ لهم عَدَّةً واحدةً، أَيَبيعُكِ أهلُك فأُعتقَكِ، فيكون ولاؤُكِ لي؟ فذهَبتْ بريرةُ إلى أهلِها فعَرَضَتْ ذلك(6) عليهم، فقالوا: لا، إلَّا أن يكونَ لنا الولاءُ، قالت عائشةُ: فدخَل عليَّ رسول الله، فذكرتُ ذلك له، فقال لها رسول الله: اشْترِيها فأعتقِيها، فإنَّما الولاءُ لمن أعتَق. ثم ذكَر نحوَه، إلَّا أنَّه قال: مَنِ اشْترطَ شرطاً ليس في كتابِ الله فهو باطلٌ». [خ¦2560]
          وفي حديثِ ابنِ وهبٍ عن يونسَ بمعنى حديثِ قتيبةَ عن اللَّيثِ.
          وفيه: فقال: «لا يَمنعُكِ ذلك، ابْتاعِي وأعتقِي. قال: ثم قام رسول الله في النَّاس، فحمدَ الله، ثم قال: أمَّا بعدُ».
          وأخرجاهُ من حديثِ هشامِ بنِ عروةَ عن أبيه عن عائشَةَ قالت: «جاءَتْني بريرةُ فقالت: كاتبتُ أهلِي على تسعِ أواقٍ(7) في كلِ عامٍ أُوقية، فأَعِينِينِي»، ثم ذكر نحوَ ذلك، وفيه: «ثم قام رسول الله في النَّاس فحمدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بالُ أقوامٍ يشترطونَ شروطاً ليستْ في كتابِ الله، ما كان من شَرطٍ ليس في كتابِ الله فهو باطلٌ وإن كان مئةَ شرطٍ، قضاءُ الله أحقُّ، وشرطُ الله أوثقُ، وإنَّما / الولاءُ لمن أعتقَ». [خ¦2168]
          وعند البخاريِّ في روايةِ عُبيدِ بنِ إسماعيلَ نحوُه، وفي آخرِه: «ما بالُ رجالٍ يقولُ أحدُهم: أَعتِقْ يا فلانُ وليَ الولاءُ، إنَّما الولاءُ لمن أَعتقَ». وهكذا في روايةِ مسلمٍ عن أبي كُريبٍ عن أبي أسامةَ بنحوِه. [خ¦2563]
          وفي رواية جَريرٍ عن هشامٍ قال: «وكان زوجُها عبداً فخيَّرها رسول الله»، ولو(8) كان حرَّاً لم يخيِّرْها. وأخرج البخاريُّ من حديثِ الأسودِ بنِ يزيدَ عن عائشَةَ: «أنَّها أرادت أن تشتريَ بريرةَ للعتقِ»، ثم ذكر نحوَ ما تقدَّمَ في أنَّ الولاءَ لمن أعتقَ، وفي إباحةِ ما تُصُدِّقَ به عليها. [خ¦5284]
          وفي حديثِ آدمَ عن شعبةَ نحوُه، وقال: «فخُيِّرتْ من زوجِها». [خ¦1493]
          وفي حديثِ عثمانَ بنِ أبي شَيبةَ عن جَريرٍ، فقال: «أعتقيها، فإنَّ الولاءَ لمن أَعطى الوَرِق. فأعتقتُها(9)، فدعاها النَّبيُّ فخيَّرَها من زوجِها، فقالت: لو أعطاني كَذا وكَذا ما ثَبَتُّ عنده، فاختَارتْ نفْسَها». [خ¦2536]
          وفي حديثِ شعبةَ عن الحَكمِ / قال: «وكان زوجُها حرَّاً». قال البخاريُّ: وقولُ الحكمِ مرسلٌ، وقال ابنُ عبَّاسٍ: «رأيتُه عبداً». [خ¦6751]
          وفي حديثِ أبي عَوانةَ وجريرٍ عن منصورٍ نحوُه، قال الأسودُ: «وكان زوجُها حرَّاً»، قال البخاريُّ: قولُ الأسودِ مُنقطِعٌ، وقولُ ابنِ عبَّاسٍ: «رأيته عبداً» أصحُّ. [خ¦6754]
          وفي حديثِ سفيانَ الثَّوريِّ عن منصورٍ: قال النَّبيُّ: «الولاءُ لمن أعطى الوَرِقَ، ووَلِيَ النِّعمةَ». [خ¦6760]
          ولمسلمٍ من حديثِ غُنْدَرٍ عن شعبةَ: «أنَّ النَّبيَّ أُتيَ بلحمِ بقرٍ، فقيل: هذا ما تُصُدِّق على بريرةَ، فقال: هو لها صدقةٌ ولنا هديةٌ».
          وأخرج البخاريُّ من حديثِ أيمنَ المكِّي قال: دخلتُ على عائشةَ فقلت: كنت غلاماً لعتبةَ بنِ أبي لهبٍ، ومات ووَرِثني بَنُوه، وإنَّهم باعوني من ابنِ أبي عمرٍو، واشْترطَ بَنو عُتبةَ الولاءَ، فقالت: «دخَلَت عليَّ بريرةُ، فقالت: اشْتَريني وأعتقينِي، قلتُ: نعم، قالت: لا يَبيعُوني حتى يَشترِطُوا ولائِي، قلتُ: لا حاجةَ لي فيكِ، فسمِع بذلك النَّبيُّ أو بَلغهُ، فقال: ما شأنُ بريرةَ؟، فذَكَرتْ عائشةُ ما قالت، فقال: اشْترِيها فأَعتقيها، ولْيَشترطُوا ما شاؤوا. قال: فاشْتَرتْها فأَعتَقتْها، واشْترطَ أهلُها ولاءَها، فقال النَّبيُّ صلعم: الولاءُ لمن أعتَقَ، وإنِ / اشْترطُوا مئةَ شَرْطٍ». [خ¦2565]
          ومن حديثِ عَمرةَ بنتِ عبد الرحمن: «أنَّ بريرةَ جاءتْ تَستعينُ عائشةَ أمَّ المؤمنين، فقالت لها: إن أَحبَّ أهلُك أن أَصُبَّ لهم ثَمنَكِ صَبَّةً واحدةً فأُعتقَكِ فعَلتُ، فذكرتْ بريرةُ ذلك لأهلِها، فقالوا: لا، إلَّا أن يكونَ ولاؤُكِ لنا. فزعَمتْ عَمرةُ أنَّ عائشةَ ذكرَت ذلك لرسولِ(10) الله، قال: اشْترِيها فأعتقيها، فإنَّما الولاءُ لمن أَعتقَ». كذا في روايةِ مالكٍ عن يحيى بنِ سعيدٍ. [خ¦2564]
          وفي روايةِ سفيانَ بنِ عُيينةَ عن يحيى عن عَمرَةَ عن عائشَةَ قالت: «أتتْها بريرةُ تسألُها في كتابتِها، فقالت: إنْ شئتِ أَعطيتُ أَهلكِ ويكونُ الولاءُ لي. فلمَّا جاءَ رسول الله ذكَرتْ ذلك له فقال النَّبيُّ: ابْتاعيها فأَعتقيها، فإنَّما الولاءُ لمن أعتَق. ثم قام رسول الله على المنبر، فقال: ما بالُ أقوامٍ يَشتَرطون شُروطاً ليستْ في كتابِ الله، منِ اشْترطَ شرطاً ليس في كتابِ الله فليس له، وإنِ اشترطَ مئةَ شرطٍ». [خ¦456]


[1] صحَّحها (ابن الصلاح)، لكنه استشكل قوله أولاً: «أهدي لها» مع قوله: «تُصُدِّقَ على بريرة»، والضمير في «لها» إن كان لبريرة فكأنَّه أُطلقَ على الصدقة عليها هدية لها، وإن كان لعائشة فلأن بريرة لما تصدَّقوا عليها باللحم أهدت منه لعائشة.انظر «فتح الباري» 9406.
[2] في (ظ): (عتقت) وما أثبتناه موافق لما في البخاري.
[3] في (ت): (قال: كانت)! وما أثبتناه موافق لما في مسلم، وفي رواية له: (قالت: كانت).
[4] في (ظ): (فذكر)!.
[5] النجْمُ: وظيفةٌ معلَّقةٌ بوقت يجب فيه أخذُها واقتضاؤُها، نُجِّمتُ عليها، أي: وظَّفْتُ وفرَّقت في نجوم وأوقاتٍ، تُؤدي ذلك فيها.(ابن الصلاح نحوه).
[6] سقط قوله: (ذلك) من (ت)، وما أثبتناه موافق لما في البخاري.
[7] في (ابن الصلاح) و(ت): (أواقيَّ)، وما أثبتناه من (ظ) موافق لنسختنا من صحيح البخاري.
[8] في (ت): (ولولا) وهو خطأ وتحريف.
[9] تحرف في (ت) إلى: (فأعطتها)!.
[10] في (ظ) و(ابن الصلاح): (أنَّ رسول الله...) وما أثبتناه من (ت) موافق لما في البخاري.