الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها

          3104- العاشرُ: عن أبي أسماءَ عن ثوبانَ قال: قال رسولُ الله صلعم: / «إنَّ الله زوَى لي الأرضَ(1)، فرأيتُ مشارقَها ومغاربَها، وإنَّ أمَّتي سيبلغ ملكُها ما زُوِيَ لي منها، وأعطيتُ الكنزينِ الأحمرَ والأبيضَ(2)، وإنِّي سألتُ ربِّي لأمَّتِي ألا يهلكَها بسنةٍ(3) بعامَّةٍ(4)، وألَّا يسلِّطَ عليهم عدوَّاً من سِوى أنفسِهم فيستبيحَ بيضتَهم(5)، وإنَّ ربِّي قال: يا محمَّد؛ إنِّي إذا قضيتُ قضاءً فإنَّه لا يردُّ، وإنِّي أعطيتُكَ لأمَّتِك أنِّي لا أهلكُهم بسنةٍ بعامَّة، ولا أسلِّطُ عليهم عدوَّاً سوى أنفسِهم يَستبيحُ بيضتَهم، ولو اجتمَع عليهم مَن بأقطارِها(6) _أو قال: من بين أقطارِها_ حتَّى يكون بعضُهم يُهلِكُ بعضاً، ويَسبِي بعضُهم بعضاً».
          وفي روايةِ هشامٍ الدَّستوائيِّ عن قتادَةَ: أنَّ نبيَّ الله صلعم قال: «إنَّ الله زوى لي الأرضَ، حتَّى رأيتُ مشارقَها ومغاربَها، وأعطانِي الكنزين الأحمرَ والأبيضَ...» ثم ذكَر نحوَ ما تقدَّم.
          وأخرجه أبو بكرٍ البَرقانيُّ من حديثِ أبي الرَّبيعِ الزَّهرانيِّ وقتيبةَ، ومن حديثِ أبي موسى وبُندارٍ عن هشامٍ، كما أخرجه مسلم من حديثِهم بالإسنادِ، / وزاد بعد معنى ما تقدَّم: [«وإنَّما أخافُ على أمَّتي الأئمَّةَ المضلِّينَ، وإذا وقَع عليهم السَّيفَ لم يُرفَع إلى يومِ القيامةِ، ولا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يلحقَ حيٌّ من أمَّتي بالمشركينَ، وحتى يَعبدَ فِئامٌ(7) من أمَّتي الأوثانَ، وإنَّه سيكون في أمَّتي كذابونَ ثلاثونَ، كلُّهم يزعمُ أنَّه نبيٌّ، وأنا خاتمُ النَّبيينَ، لا نبيَّ بعدِي، ولا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي على الحقِّ منصورةً، لا يضرُّهم مَن خذلَهم حتَّى يأتيَ أمرُ الله تبارَك وتعالى»].


[1] إن الله زوَى لي الأرضَ: أي؛ جمعَها لي جمعاً أمكنَه الإشرافُ على ما زُوِيَ له منها والنظرُ إليه والمعرفةُ به، وهو ما خصَّه بالذِّكر من المشارقِ والمغاربِ إذ لم يوجَد نصٌّ بزيادةٍ على ذلك وهذا من أَعلام نبوَّته في الإخبارِ عما يكون قبلَ كونِه، لأنَّ أمَّتَه لم يتسعُوا في الجنوبِ والشَّمالِ كاتِّساعهم في المشارقِ والمغاربِ وهذا مما استفدناه قديماً عن بعضِ الأئمةِ المتكلمينَ على المعاني.(ابن الصلاح نحوه).
[2] أُعطيت الكنزينِ الأحمرَ والأبيضَ: يعني الذّهب والفِضّة.(ابن الصلاح).
[3] السَّنةُ: الشِّدةُ والجَدبُ.(ابن الصلاح نحوه).
[4] العامَّةُ: التي تعمُّ الكُلَّ.(ابن الصلاح نحوه).
[5] يستبيح بيضتَهم: أي؛ جماعتهم وأصلهم، وبيضةُ الدارِ معظمُها ووسطُها.(ابن الصلاح).
[6] القُطْرُ: الناحيةُ، والأقطارُ الجوانبُ.
[7] فئامٌ من أمَّتِي: أي؛ جماعةٌ.