الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلةً بعث

          3070- الثَّاني: من روايةِ عامرِ بنِ واثلةَ أنَّه سمِع عبدَ الله بنَ مسعودٍ يقول: «الشَّقيُّ من شقِيَ في بطنِ أمِّهِ، والسَّعيدُ من وُعظَ بغيرهِ، فأتى رجلاً من أصحابِ رسولِ الله صلعم يقال له: حذيفةُ ابنُ أسيدٍ الغفاريُّ، فحدَّثه بذلك من قولِ ابنِ مسعودٍ، وقال له: وكيفَ يشقَى رجلٌ بغيرِ عملٍ؟ فقال له الرَّجلُ: أتعجبُ من ذلك، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله صلعم يقولُ: إذا مرَّ بالنطفةِ ثنتانِ وأربعونَ ليلةً بعثَ الله إليها ملكاً فصوَّرها وخلَق سمعَها وبصرَها وجلدَها ولحمَها وعظامَها، ثم قال: يا ربِّ، أَذَكَرٌ أمْ أُنثى؟ فيقضِي ربُّك ما شاءَ(1)، ويكتبُ الملكُ، ثم يقولُ: يا ربِّ، أجلُه، فيقولُ ربُّكَ ما شاءَ، ويكتبُ الملكُ، ثم يقولُ: يا ربِّ، رزقُهُ(2)، فيقضِي ربُّك ما شاءَ، ويكتبُ الملكُ، ثم يخرُج الملكُ بالصَّحيفةِ في يده، فلا يزيدُ على أمرٍ ولا يَنقصُ».
          هكذا في حديثِ أبي الزُّبيرِ عن أبي الطُّفيلِ عن أبي سَريحةَ.
          وفي حديثِ عكرمةَ بنِ خالدٍ عن أبي الطُّفيلِ قال: دخلَت على أبي سريحةَ حذيفةَ بنِ أسيدٍ فقال: سمعتُ رسولَ الله صلعم بِأُذنيَّ هاتين يقولُ: «إنَّ النُّطفةَ / تقَع في الرَّحمِ أربعين ليلةً، ثم يتصوَّرُ(3) عليها الملكُ _قال زهيرٌ أبو خيثمةَ: حسبتُه قال: الذي يخلُقُها_ فيقولُ: يا ربِّ، أذكرٌ أو أنثى؟ فيجعَلُه الله ذكراً أو أنثى، ثم يقولُ: يا ربِّ، أسويٌّ أو غيرُ سويٍّ؟ فيجعَلُه الله سويَّاً أو غيرَ سويٍّ، ثم يقولُ: يا ربِّ، ما رزَقُه؟ ما أجلُه؟ ما خلقُه؟ ثم يجعَلُه الله شقيَّاً أو سعيداً».
          وفي روايةِ كلثومٍ عن أبي الطُّفيلِ عنه رفَع الحديثَ إلى رسولِ الله صلعم: «إنَّ ملَكاً موكلاً بالرَّحمِ إذا أرادَ الله أن يخلقَ شيئاً يأذنُ الله لبضع وأربعين ليلةً...». ثم ذكَر نحوَه.


[1] في (ظ): (ما شاء الله) وما أثبتناه من (ت) موافق لنسختنا من صحيح مسلم.
[2] في (ظ): (ما رزقه) وما أثبتناه من (ت) موافق لنسختنا من صحيح مسلم.
[3] استشكلها في (ابن الصلاح)، وقال النووي: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: «يتصور» بالصاد، وذكر القاضي: «يتسور» بالسين؛ قال: والمراد بـ«يتسور» ينزل، وهو استعارةٌ من تسوَّرتُ الدَّارَ إذا نزلتَ فيها من أعلاها، ولا يكون التَّسوُّرالا من فوق، فيحتمل أن تكون الصاد الواقعة في نسخِ بلادنا مبدلةً من السين والله أعلم.«شرح مسلم» 16194.