الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أربع في أمتي من أمر الجاهلية

          3014- الثَّاني: من حديثِ أبي سَلَّامٍ أيضاً عن أبي مالكٍ الأشعريِّ: أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «أربعٌ في أمَّتي من أمرِ الجاهليَّةِ لا يَتْرُكُونَهُنَّ: الفخرُ بالأحسابِ(1)، / والطَّعنُ في الأنسابِ، والاستسقاءُ بالنجومِ(2)، والنياحة. وقال: النَّائحةُ إذا لم تتبْ قبلَ موتِها تقامُ يومَ القيامةِ وعليها سربالٌ(3) من قطِرانٍ ودرعٌ من جَرَبٍ». /


[1] الفخرُ بالأحسابِ: الحَسَبُ: الفعالُ الحسنُ للرَّجلِ ولآبائهِ، مأخوذٌ من الحِسابِ إذا حسبُوا مناقبَهم وعدَّ كلُّ واحدٍ مناقبَه ومآثرَ آبائِه وكسبَها، فمن كان أكثرُ فيها كان أولى بها وأعلى فيها، وإنما جعلها في الحديث من أمرِ الجاهليةِ لأنَّهم كانوا يجعلون ذلك سبباً للحروبِ والفتنِ والاستعلاءِ، والإسلامُ قد ساوى بين الكلِّ وهدَم التفاخرَ المؤدي إلى الضغائنِ، ومناقبُ الإسلامِ وشرائطُه على خلافِ ما كانوا عليهِ، وأصلُها كلُّها في الإسلامِ هو كلُّ ما يؤدي إلى الإلفةِ والتعاونِ على البِّر وإطفاءِ الضغائنِ وذمِّ الفتنِ كلِّها وأسبابِها، وفي بعضِ الآثارِ: (كرمُ المرءِ دينُه، وحسَبُه خلقُه).وقد تسمَّى كثرةُ أعدادِ القرباتِ وذوي الأرحام حسباً، ومن ذلك حديثُ وفدِ هوازنَ لما سألُوا رسولَ الله صلعم في سبيِهم قال لهم: «اختاروا إحدى الطائفتينِ إما المالَ وإما السَّبي»، فقالوا: أما إذ خيرتَنا فإنَّا نختارُ الحسبَ، فاختارُوا أبناءَهم ونساءَهم، واحتيج إلى معرفة متاح الحسب أيضاً، وفي قوله صلعم: «تُنكحُ المرأةُ لحسبِها ومالِها»، ليُعتبرَ بهِ مهرُ المثلِ في النِّكاحِ عندَ الحاجةِ.
[2] الاستسقاءُ بالنُّجوم: هو ما كانوا يقولون: مُطِرنا بنوءِ كذا وإضافتُهم السُّقيا إلى النَّجوم.
[3] السربالُ: القميصُ، وجمعُه سرابيل.