الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: قضى النبي بالغرة عبد أو أمة

          2917- التَّاسع: من ترجمتين، وفيه مع المغيرةِ محمَّدُ بن مسلمَةَ
          رواه البخاري من حديث أبي عبدِ الله عروةَ بن الزُّبير بن العوَّامِ عن المغيرة: أنَّ عمرَ استشارهم في إملاص المرأةِ(1)، فقال المغيرةُ: «قضى النَّبيُّ صلعم بالغرَّة عبدٍ أو أمةٍ(2)، وشهد محمَّد بن مسلمةَ أنَّه شَهِد النَّبيَّ صلعم قضى به». [خ¦6905]
          وفي حديث أبي معاويةَ عن هشام بن عروةَ عن أبيه عن المغيرةِ قال: «سأل عمرُ بن الخطَّابِ عن إمْلاَص المرأةِ _وهي الَّتي يُضرَب(3) بطنُها فتُلْقِي جنيناً_ فقال: أيُّكم سمع من النَّبيِّ صلعم فيه شيئاً؟ قال: فقلت: أنا، قال: ما هو؟ قلت: سمعت النَّبيَّ صلعم يقول: فيه غُرَّةٌ: عبدٌ أو أمةٌ. فقال: لا تبرحْ حتَّى تجيئَني(4) بالمَخرج مما قلتَ، فخرجت فوجدتُ محمَّدَ بن مسلمةَ، فجئتُ به فشهد معي أنَّه سمع النَّبيَّ صلعم يقول: فيه غُرَّةٌ: عبدٌ أو أمةٌ». [خ¦7317]
          ورواه مسلم من حديث المِسْورِ بن مَخرمةَ قال: استشار عمرُ بن الخطَّابِ / النَّاسَ في إمْلَاص المرأةِ، فقال المغيرةُ بن شعبةَ: «شهدت النَّبيَّ صلعم قضى فيه بغرةٍ: عبدٍ أو أمةٍ، فقال عمرُ: ائتني بمَن يشهد معك، قال: فشهد له محمَّدُ بن مسلمةَ».
          أخرج أبو مسعودٍ في كتابه محمَّد بن مَسلَمةَ في جُملة الصَّحابةِ الذين انفرَد البخاريُّ بالإخراج عنهم، وقد أخرَج مسلم لمحمَّد بنِ مسلمةَ هذا الحديثَ المشترك فيه مع المغيرةِ في كتاب الحدود، فصحَّ أنَّه ممَّن اتَّفقا على الإخراج عنه.
          وأخرج مسلم هذا المعنى من حديث عُبيدِ بن نُضيلَةَ الخُزاعيِّ عن المغيرةِ قال: «ضربت امرأةٌ ضَرَّتَها بعَمود فُسْطاطٍ وهي حُبلى فقتَلَتْها، قال: وإحدَاهما لَحيانيَّة، قال: فجعَل رسولُ الله صلعم دِيَّةَ المقتولةِ على عَصبة القاتلةِ، وغُرَّةً لِمَا في بطنها، فقال رجلٌ من عَصَبة القاتلةِ: أنغْرَمُ ديةَ مَن لا أكَل ولا شرِب ولا استهلَّ، فمِثلُ ذلك يُطَلُّ(5)، فقال رسولُ الله صلعم: أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الأعرابِ؟ قال: وجعل عليهم الدِّيةَ».
          وفي حديث شعبةَ عن منصورٍ نحوُه، غيرَ أنَّ فيه: «فأسقطَت، فرُفِعَ ذلك إلى النَّبيِّ صلعم، فقضى فيه بغُرَّةٍ، وجعلَه على أولياء المرأةِ». ولم يذكر في حديثه دِيَّةَ المرأةِ. /


[1] أملصَتِ المرأةُ: رمت بولدهَا إملاصاً، وأملصَ الشيء من يدي: أفلت، ومَلِصَ الرِّشاءُ يَمْلَصُ، وكلُّ ما زلق من اليد فقد ملِص يَملَصُ ملصاً، يقال: أملصَتْ به أمه وأزلقَت وأسهَلت وخطأت بهِ، بمعنى واحد.(ابن الصلاح نحوه).
[2] غُرّة عبدٌ أو أمةٌ: قال أبو عبيدٍ الغرةُ: عبدٌ أو أمةٌ، أي: أنه عنَى بالغُرّةِ الجسمَ كله، وقيل: الغرَّة عند العرب: أحسنُ شيء يُملكُ، وقال الأزهري: لم يقصِد النبي صلعم إلا جنساً من أجناس الحيوانِ وهو قوله: عبدٌ أو أمةٌ، وكان أبو عمرو ابن العلاء يقول في تفسير غُرّة: الجنسُ الذي لا يكون إلا الأبيض من الرقيق، ومن الفُقهاء من يقول: إن الغُرَّة من العبيد الذي يكون ثمنُه عُشْرَ الدِية.
[3] في (ظ): (تُضرَبُ على).
[4] في (ظ) و(ابن الصلاح): (سع: تجيءَ).
[5] وفي بعض رواياتِ الجنين (ومثلُ ذلك بَطَلَ)، أي: يُبْطَلُ، والطلُّ: إبطالُ الدياتِ، يقال: طُلَّ دمُه وأُطِلَّ وأطَلَّه الله، أي: أهدره وأبطله، ولا يقال طَلَّ بفتحِ الطاء قاله أبو زيد، وقال الكسائي: طَلَّ الدَّم بنفسه.