الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس

          2891- أحدُهما: من رواية سعيدِ بن أبي سعيدٍ المقْبُريِّ عنه أنَّه قال لعمرِو بنِ سعيدٍ وهو يبعثُ البُعوث إلى مكَّةَ: «ائذن لي أيُّها الأميرُ أُحدِّثْك قولاً قام به رسولُ الله صلعم الغدَ من يوم الفتحِ، سَمِعَته أُذُنايَ وَوَعاه قَلبي وأبصرَته عينايَ حين تكلَّم به، حمِد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنَّ مكَّةَ حرَّمها الله ولَم يُحَرِّمْها النَّاسُ، فلا يحلُّ لامرئٍ يؤمن بالله واليومِ الآخِرِ أن يسفِك بها دماً، ولا يَعضِدَ(1) بها شَجَرةً، فإن أحدٌ ترخَّص لقتال رسولِ الله صلعم فيها، فقولوا له: إنَّ الله قد أذِن لرسوله ولم يأذَن لكم، وإنَّما أذِن لي فيها ساعةً من نهارٍ، ثم عادت حُرمَتُها اليومَ كحُرمَتِها بالأمسِ، وليبلِّغِ الشَّاهدُ الغائب.
          فقيل لأبي شُريحٍ: ماذا قال لك عمرٌو؟ قال: قال: أنا أعلم بذلك مِنك يا أبا شُريحٍ، إنَّ الحرمَ لا يُعِيذ عاصياً، ولا فارَّاً بدمٍ، ولا فارَّاً بِخَرْبَةٍ(2)». / [خ¦104]


[1] العَضْدُ: قطعُ الشَّجَرِ بالمعضدِ، والمِعْضَدُ: شفرةٌ كالسَّيفِ تُستعمَل في قطعِ الشَّجرِ، والعاضدُ: القاطعُ، والعضيدُ: ما قُطعَ من الشَّجرةِ إذا عُضِدَتْ.
[2] الخَـُرْبَةُ: أصلُه العيبُ والعثرةُ، يقاُل: ما فيه خَـُرْبةٌ: أي؛ عيبٌ وأرادَ هاهُنا ولا فارَّاً بشيءٍ يريدُ أن ينفردَ بهِ، ويغلبَ عليهِ مما لا تشرعُه لهُ الشريعةُ، والخَاربُ: اللصُّ ويقالُ إنَّ الخاربَ هو سارقُ البُعرانِ خاصَّةً، وقدْ يجوزُ أن يكونَ كانَ الأصلُ هذا ثمَّ استعيرَ لكلِّ من فعلَ مثلَ فعلِه في غيرِ البُعرانِ.(ابن الصلاح نحوه)، وأجاز تسكين الراء وفتحها.