الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إن النبي نهى عما قد علمت من

          2864- الرَّابع: في النَّهي عن الهُجران، من حديث الزهري قال: حدَّثني عوفُ بن مالكِ بن الطُّفيل _وهو ابن أخي عائشةَ زوجِ النَّبيِّ صلعم لأمِّها_ أنَّ عائشةَ حُدِّثت(1) أنَّ عبدَ الله بن الزُّبير قال في بيعٍ أو عطاءٍ أعطتْه عائشةُ: والله لتنتهيَنَّ عائشةُ أو لأحْجُرَنَّ عليها، قالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم، قالت: هو لله عليَّ نذرٌ ألَّا أكلِّم ابن الزُّبيرِ أبداً، فاستشفع ابن الزُّبير إليها حين طالت الهِجرةُ، فقالت: لا والله، لا أُشَفِّعُ فيه أبداً، ولا أتحنَّث إلى نذري.
          فلمَّا طال ذلك على ابن الزُّبيرِ كلَّمَ المِسْورَ بن مخرمةَ وعبدَ الرَّحمن بن / الأسودِ بن عبدِ يَغوثَ _وهما من بني زُهرةَ_ وقال لهما: أنشدكما الله لَـمَّا أدخلتماني على عائشةَ، فإنَّها لا يَحِلُّ لها أنْ تنذر قطيعتي، فأقبل به المِسْورُ وعبدُ الرَّحمن مشتملَيْنِ(2) بأردِيتهما، حتَّى استأذنا على عائشةَ، فقالا: السَّلامُ عليكِ ورحمةُ الله وبركاتُه، أندخل؟ قالت عائشةُ: ادخلوا، قالوا: كلُّنا؟ قالت: نعم، ادخلوا كلُّكُم، ولا تعلم أنَّ معهما ابنَ الزُّبيرِ، فلمَّا دخلوا دخل ابن الزُّبيرِ الحجابَ، فاعتنق عائشةَ وطفق(3) يُناشدها ويبكي، وطَفِق المِسْورُ وعبدُ الرَّحمن يناشدَانِها إلَّا كلَّمته وقبلت منه، ويقولان: «إنَّ النَّبيَّ صلعم نهى عمَّا قد عَلِمتِ من الهِجرةِ»، ولا يَحِلُّ لمسلم أن يهجر أخاهُ فوقَ ثلاثِ ليالٍ، فلمَّا أكثروا على عائشةَ من التَّذكرةِ والتَّحريجِ(4)، طَفِقت تذكِّرُهما وتبكي وتقول: إنِّي نذرت والنَّذرُ شديدٌ، فلم يزالا بها حتَّى كلَّمت ابن الزُّبيرِ، وأعتقت في نذرِها ذلك أربعينَ رقبةً، وكانت تذكر نذرَها بعد ذلك فتبكي حتَّى تَبُلَّ دموعُها خِمَارَها. [خ¦6073]


[1] في (ظ): (حدثَته).وما أثبتناهُ موافقٌ لنسختِنا من البخاري.
[2] استشكلها ابن الصلاح.هذا على حد قوله: ركب القوم دوابّهم ولبسوا ثيابهم، أي مشتمل كل منهما بردائه.
[3] في (ت): (وجعل)، وما أثبتناهُ موافقٌ للبخاري.يقال: طَفِقَ يفعلُ، وجَعلَ يفعلُ، بمعنى واحدٍ.
[4] الحرجُ: الضِّيقُ، والحرَجُ: والإثمُ.(ابن الصلاح نحوه).