-
مقدمة المصنف
-
مسانيد العشرة
-
مسانيد المقدمين
-
مسانيد المكثرين
-
مسانيد المقلين
-
مسند العباس بن عبد المطلب
-
مسند الفضل بن العباس
-
مسند عبد الله بن جعفر
-
مسند عبد الله بن الزبير
-
مسند أسامة بن زيد
-
مسند خالد بن الوليد
-
مسند عبد الرحمن بن أبي بكر
-
مسند عمر بن أبي سلمة
-
مسند عامر بن ربيعة
-
مسند المقداد بن الأسود
-
مسند بلال بن رباح
-
مسند أبي رافع
-
مسند سلمان الفارسي
-
مسند خباب بن الأرت
-
مسند عبد الله بن زمعة
-
مسند جبير بن مطعم بن عدي
- مسند المسور بن مخرمة
-
مسند حكيم بن حزام
-
مسند عبد الله بن بحينة
-
مسند أبي واقد الليثي
-
مسند المسيب بن حزن
-
مسند سفيان بن أبي زهير
-
مسند العلاء بن الحضرمي
-
مسند الصعب بن جثامة
-
مسند السائب بن يزيد
-
مسند عمرو بن أمية الضمري
-
مسند أبي شريح الخزاعي
-
مسند خفاف بن إيماء الغفاري
-
مسند أبي سفيان
-
مسند معاوية بن أبي سفيان
-
مسند المغيرة بن شعبة
-
مسند عمرو بن العاص
-
مسند عبد الله بن عمرو بن العاص
-
مسند عوف بن مالك الأشجعي
-
مسند واثلة بن الأسقع
-
مسند عقبة بن عامر
-
مسند أبي ثعلبة الخشني
-
مسند أبي أمامة الباهلي
-
مسند عبد الله بن بسر
-
مسند أبي مالك أو أبي عامر الأشعري
-
مسند أبي مالك الأشعري
-
مسند من شهد مع النبي غزوة ذات الرقاع
-
أفراد البخاري من الصحابة
-
أفراد مسلم من الصحابة
-
مسند العباس بن عبد المطلب
-
مسانيد النساء
-
خاتمة الجمع بين الصحيحين
-
من كلام الحافظ ضياء الدين
2861- الحديث الأوَّل: في عُمرةِ الحُدَيبيَةِ والصُّلحِ: عن عُروةَ بن الزُّبير عن المِسْوَر ومروانَ يُصدِّقُ كلُّ واحدٍ منهما حديثَ صاحبِه، قالا: «خرج النَّبيُّ صلعم زَمن الحُدَيبيَةِ حتَّى إذا كانوا ببعض الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلعم: إنَّ خالدَ بن الوليدِ بالغَميمِ في خيلٍ لقُريشٍ طَلِيعةً(1)، فَخُذوا ذاتَ اليمينِ. فوالله ما شعَر بهم خالدٌ حتَّى إذا هم بقَتَرَة(2) الجيشِ، فانطلق يَركُضُ(3) نذيراً لقريشٍ، وسار النَّبيُّ صلعم، حتَّى إذا كان(4) بالثَّنيَّة(5) الَّتي يُهبَطُ عليهم منها بَرَكتْ به راحلتُه(6)، فقال النَّاس: حَلْ حَلْ(7)، فألحَّتْ، فقالوا: خَلأَت القَصوَاءُ، خَلأَت القَصوَاءُ(8)، فقال النَّبيُّ صلعم: ما خلأتِ القَصواءُ، وما ذاك لها بِخُلُقٍ، ولكن حبَسها حابسُ الفِيلِ، قال: والذي نفسي بيدِه! لا يسألُوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرُماتِ الله إلَّا أعطيتُهم إيَّاها. ثم زَجَرَها فوثَبت. /
قال: فعَدَل عنهم حتَّى نزَل بأقصى الحُدَيبيَةِ على ثَمَدٍ(9) قليلِ الماءِ، يَتَبرَّضُه(10) النَّاسُ تبرُّضاً، فلم يلبثِ النَّاسُ حتَّى نَزحُوه(11)، وشُكِيَ إلى رسول الله صلعم العَطشُ، فانتزع سهماً من كِنانتِه، ثم أمرَهم أن يجعلُوه فيه، فوالله ما زال يَجِيشُ(12) لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا(13) عنه.
فبينما هم كذلك إذ جاء بُدَيْلُ بن وَرْقَاءَ الخُزاعيُّ في نفرٍ من قومِه من خُزَاعةَ، وكانوا عَيبةَ نُصحِ(14) رسولِ الله صلعم من أهل تِهامَةَ، فقال: إنِّي تركت كعبَ بن لُؤيٍّ وعامرَ بن لُؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مِياه(15) الحُدَيبيَةِ معهم العُوذُ المطافيلُ(16)، وهم / مُقاتِلوكَ وصادُّوكَ عن البيت.
فقال رسولُ الله صلعم: إنَّا لم نَجِئْ لقتال أحدٍ، ولكن جئنا معتمرين، وإنَّ قريشاً قد نَهِكَتْهم الحربُ(17) وأضرَّت بهم، فإن شاءوا مادَدْتُهم مدَّةً ويُخَلُّوا بيني وبين النَّاسِ، فإن أظْهر فإن شاءوا أن يدخُلُوا فيما دخل فيه النَّاسُ فعلوا، وإلا فقد جَمُّوا(18)، وإن هُم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتِلنَّهم على أمري هذا حتَّى تنفردَ سالِفتي(19)، وليُنفِذَنَّ الله أمره.
فقال بُدَيلُ: سأبلِّغهم ما تقول، فانطلق حتى أتى قُريشاً فقال: إنَّا قد جِئناكُم من هذا(20) الرَّجُل، وقد سمِعْناه يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرضَه عليكم فعلْنا، فقال سفهاؤُهم: لا حاجةَ لنا أن تُخبِرَنَا عنه بشيءٍ، وقال ذوو(21) الرَّأي منهم: هاتِ ما سمعتَه يقول، قال: سمعتُه يقول كذا وكذا، فحدَّثهم بما قال النَّبيُّ صلعم.
فقام عُروةُ بن مسعودٍ فقال: أيْ قومِ! ألسْتم بالوالِد؟ قالوا: بلى، قال: أوَ لَسْتُ بالولَد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتَّهِمُوني؟ قالوا: لا، قال: ألسْتُم تعلمون أنِّي استنفَرتُ(22) / أهلَ عُكَاظٍ، فلمَّا بلَّحُوا(23) عليَّ جِئتُكم بأهلي ووَلَدي ومن أطاعَني؟ قالوا: بلى، قال: فإنَّ هذا قد عرَض عليكم خُطَّةَ(24) رُشدٍ، اقبلُوها ودَعُوني آتِهِ، قالوا: ائْتِهِ. فأتاه فجعل يُكلِّم النَّبيَّ صلعم، فقال النَّبيُّ صلعم نحواً من قولِه لبُدَيلٍ، فقال عُروةُ عند ذلك: أيْ محمَّدُ، أرأيتَ إن استأْصَلْتَ(25) أمرَ قومِكَ هل سمعتَ بأحدٍ من العربِ اجتاح(26) أهلَه(27) قبلَكَ؟ وإن تكنِ الأُخرى فإنِّي والله لا أرى وُجوهاً، وإنِّي لأَرى أَوْباشاً(28) من النَّاس خَلِيقاً(29) أن يفِرُّوا ويدَعُوك، فقال له أبو بكرٍ: امصُصْ بِبَظْر اللَّاتِ(30)، أنحن نَفِرُّ عنه وندَعُه؟ فقال: مَن ذا؟ قالوا: أبو بكرٍ، فقال: أما والذي نفسي بيَده، لولا يدٌ كانت لك عِندي ولم أجْزِكَ بها لأَجبتُك. /
قال: وجعل يُكلِّم النَّبيَّ صلعم، فكُلَّما كلَّمه أخذ بلِحيته، والمغيرةُ بن شُعبةَ قائمٌ على رأس النَّبيِّ صلعم ومعه السَّيفُ، وعليه المِغْفَرُ، فكلَّما أهوى عُروةُ بيده إلى لحية النَّبيِّ صلعم ضرَب يدَه بنعل السَّيفِ(31) وقال: أَخِّر يدك عن لحية رسولِ الله صلعم، فرفع عُروةُ رأسه فقال: مَن هذا؟ قالوا: المغيرةُ بن شُعبةَ، فقال: أيْ غُدَرُ، ألستُ أسعى في غَدْرتِك؟ وكان المغيرةُ صَحِبَ قوماً في الجاهليَّة فقتلَهم وأخذ أموالَهم، ثم جاء فأسلَم، فقال النَّبيُّ صلعم: أمَّا الإسلامُ فأقبلُ، وأمَّا المالُ فلستُ منه في شيءٍ.
ثمَّ إنَّ عُروةَ جعَل يَرمُقُ أصحابَ النَّبيِّ صلعم بعينه، قال: فوالله ما تَنَخَّمَ رسولُ الله صلعم نُخامةً إلَّا وقعت في كَفِّ رجلٍ منهم فدَلَك بها وَجهَه وجِلْدَه، وإذا أمرَهم ابتَدروا أمرَه، وإذا توضَّأ كادوا يقْتَتِلُون على وَضُوئه، وإذا تكلَّم خَفَضوا أصواتَهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النَّظر تعظيماً له.
فرجع عُروةُ إلى أصحابه فقال: أيْ قومِ؛ والله لقَد وَفَدْتُ على الملُوك، ووَفَدْتُ على قَيصَرَ وكِسرى والنَّجاشِيِّ، والله إنْ رأيتُ مَلِكاً قَطُّ يعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّم أصحابُ محمَّدٍ محمَّداً، والله إن تَنَخَّمَ نُخامةً إلَّا وقعت في كَفِّ رجلٍ منهم فدَلَك بها وجهَه وجِلْده، وإذا أمرَهم ابتدَروا أمرَه، وإذا توضَّأ كادوا يقتَتِلُون على وَضُوئه، وإذا تكلَّم خَفَضوا أصواتَهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيماً له، وإنَّه قد عرَض عليكم خُطَّة رُشدٍ فاقبلُوها.
فقال رجلٌ من بني كِنانةَ: دعُوني آتِه، فقالوا: آته(32)، فلمَّا أشرف على النَّبيِّ / صلعم وأصحابِه، قال رسولُ الله صلعم: هذا فلانٌ، وهو من قومٍ يُعظِّمون البُدْنَ، فابعثُوها(33) له. فبعثوها له، واستقبلَه النَّاسُ يُلَبُّونَ، فلمَّا رأى ذلك قال: سبحانَ الله! ما ينبغي لهؤلاءِ أن يُصَدُّوا عن البيت، فلمَّا رجَع إلى أصحابه قال: رأيتُ البُدْنَ قدْ قُلِّدَت وأُشعِرَت، فما أرى أن يُصَدُّوا عن البيتِ.
فقام رجلٌ منهم يقال له: مِكْرَزُ بن حَفصٍ، فقال: دعُوني آتِه، فقالوا: ائته، فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلعم: هذا مِكرَزُ بن حَفصٍ، وهو رَجلٌ فاجرٌ(34). فجعَل يكلِّم النَّبيَّ صلعم، فبينما هو يُكلِّمه جاء سُهيلُ بن عمرٍو».
قال مَعمرٌ: فأخبرني أيُّوبُ عن عِكرمةَ أنَّه لَمَّا جاء سهيلٌ قال النَّبيُّ صلعم: «قد سَهُلَ لكم منْ أمرِكُم».
قال معمرٌ: قال الزهري في حديثه: «فجاء سهيلُ بن عَمرٍو فقال: هاتِ اكتب بيننا وبينَكم كتاباً، فدعا النَّبيُّ صلعم الكاتبَ، فقال النَّبيُّ صلعم: اكتب: ♪. فقال سُهيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ، فوالله ما أدْري ما هو، ولكن اكتُب: باسمِك اللهمَّ، كما كنتَ تكتبُ، فقال المسلمون: والله لا نكتبُها إلَّا ♪، فقال النَّبيُّ صلعم: اكتب: باسمك اللهمَّ. ثم قال: هذا ما قاضى(35) عليه محمَّدٌ رسولُ الله. فقال سُهيل: والله لو كنَّا نعلم أنَّك رسولُ الله ما / صَددْناك عن البيت ولا قاتلْناكَ، ولكن اكتُبْ: محمَّدُ بن عبدِ الله، فقال النَّبيُّ صلعم: والله إنِّي لَرسولُ الله وإن كذَّبتمُوني، اكتُبْ: محمَّدُ بن عبدِ الله».
قال الزهري: وذلك لقوله: «لا يسألُوني خُطَّةً(36) يُعظِّمون فيها حُرُماتِ الله(37) إلَّا أعطيتُهم إيَّاها».
قال النَّبيُّ صلعم: على أن تُخَلُّوا بيننا وبين البيتِ فنطُوفَ به. قال سُهيلٌ: والله لا تتحدَّثُ العَربُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً(38)، ولكن ذلك من العامِ المقبلِ، فكتَب.
فقال سهيلٌ: وعلى ألا يأتِيك مِنَّا رجُلٌ _وإن كان على دِينك_ إلَّا رددْتَه إلينا، قال المسلمونَ: سُبحانَ الله! كيف يُرَدُّ إلى المشركين وقد جاء مسلماً! فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جَنْدلِ بن سُهيلِ بن عَمرٍو يَرْسُفُ(39) في قيوده، وقد خرَج من أسفَلِ مكَّةَ حتَّى رمى بنفسه بين أظهُر المسلمين، فقال سهيلٌ: هذا يا محمَّدُ أوَّلُ ما أقاضِيكَ عليه أن تَرُدَّه إليَّ، قال: فقال النَّبيُّ صلعم: إنَّا لم نقضِ الكتابَ بعدُ. قال: فوالله إذاً لا أصالحُك على شيءٍ أبداً، قال النَّبيُّ صلعم: فأَجِزْه لي. قال: ما أنا بمُجِيزِه لك، قال: بلى فافعَل. قال: ما أنا بفاعلٍ، قال / مِكرَزٌ: بل(40) قد أجَزْناه لك، قال أبو جندلٍ: أيْ معشرَ المسلمينَ، أُرَدُّ إلى المشركين وقد جئت مسلماً، ألا ترونَ ما قد لَقِيتُ؟ وكان قد عُذِّب عذاباً شديداً في الله.
قال: فقال عمرُ بن الخطَّابِ: فأتيت نبيَّ الله صلعم فقلت: ألستَ نبيَّ الله حقَّاً؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحقِّ وعدُوُّنا على الباطِل؟ قال: بلى. قلت: فَلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِيننا(41) إذاً؟ قال: إنِّي رسولُ الله، ولستُ أعصِيه، وهو ناصِري. قلت: أوَ ليس كُنت تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فَنَطُوفُ به؟ قال: بلى، فأخبرتُك أنَّك تأتيه العامَ؟ قلت: لا، قال: فإنَّك آتيه ومُطوِّفٌ(42) به.
قال: فأتيتُ أبا بكرٍ فقلت: يا أبا بكرٍ، أليس هذا نبيَّ الله حقَّاً؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحقِّ وعدُوُّنا على الباطِل؟ قال: بلى، قلت: فَلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِيننا إذاً؟ قال: أيُّها الرَّجلُ، إنَّه رسولُ الله، وليس يعصي ربَّه، وهو ناصِرُه، فاستمْسكْ بغَرْزِه(43)، فوالله إنَّه على الحقِّ! قلت: أليس كان يُحدِّثنا أنَّه سيأتي البيتَ ويَطُوفُ بِه؟ قال: بلى، أفأخبَرك أنَّه يأتيه(44) العام؟ قلت: لا، قال: فإنَّك آتيه وتَطُوفُ بِه، قال عمرُ: فعَمِلتُ لِذلك أعمالاً.
قال: فلمَّا فرغ من قَضيَّة الكتابِ، قال رسولُ الله صلعم لأصحابِه: قومُوا فانحَرُوا ثم احْلِقُوا. قال: فوالله ما قام منهم رَجلٌ، حتَّى قال ذلك ثلاث مرَّاتٍ، / فلمَّا لم يَقُم منهم أحدٌ دخَل على أمِّ سَلَمةَ فذكر لها ما لَقي من النَّاس، فقالت أُمُّ سَلَمةَ: يا نبيَّ الله، أتحبُّ ذلك؟ اخرُجْ ولا تُكلِّمْ أحداً منهم كلمةً حتَّى تنحر بُدْنَكَ، وتدعو حالِقكَ فيحْلِقَكَ فخرَج فلم يُكلِّم أحداً منهم حتَّى فعَل ذلك، نحر بُدْنَه ودعا حالِقه فحَلَقَه، فلمَّا رأوا ذلك قاموا فنحَروا، وجعل بعضُهم يَحلِق بعضاً، حتَّى كاد بعضُهم يقتُل بعضاً غَمَّاً.
ثمَّ جاءه نسوة مُؤمناتٌ، فأنزل الله ╡ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ...} حتَّى بلغ: {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة:10] (45) فطلَّق عمرُ يومئذٍ امرأتينِ كانتا له في الشِّركِ، فتزوَّج إحدَاهما مُعَاويةُ بن أبي سُفيانَ، والأخرى صَفوانُ بن أُميَّةَ.
ثمَّ رجع النَّبيُّ صلعم إلى المدينة، فجاءه أبو بَصيرٍ _رجلٌ من قُريشٍ_ وهو مسلم، فأرسلوا في طَلَبه رجُلينِ، فقالوا: العهدَ الذي جعلتَ لنا، فدفعه إلى الرَّجُلين، فخرجا به حتَّى بَلَغَا ذا الحُلَيفةِ، فنزلوا يأكُلُون من تَمرٍ لهم، فقال أبو بَصيرٍ لأحدِ الرَّجُلينِ: والله إنِّي لأرى سيفكَ هذا يا فلانٌ جيِّداً، فاستلَّه الآخرُ فقال: أجلْ، والله إنَّه لجيِّدٌ، لقَد جَرَّبتُ به ثم جَرَّبتُ، فقال أبو بَصيرٍ: أَرِنِي أنظر إليه، فأمكَنه منه، فضرَبه به حتَّى برَد، وفرَّ الآخرُ حتَّى أتى المدينةَ، فدخل المسجدَ يعدُو، فقال رسولُ الله صلعم حين رآه: لقَد رأى هذا ذُعراً(46). فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلعم قال: قُتِلَ _والله_ صاحبي، وإنِّي لمقتولٌ، فجاء أبو بَصيرٍ، فقال: يا نبيَّ الله؛ قد أوفى الله ذِمَّتكَ، قد ردَدتَني إليهم، ثم أنجاني الله / منهم، فقال النَّبيُّ صلعم: ويلُ أمِّهِ؛ مِسْعَرَ حَرْبٍ(47)، لو كان له أحدٌ! فلمَّا سَمِع ذلك عَرَف أنَّه سَيرُدُّه إليهم، فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البحرِ(48).
قال: ويُفلتُ منهم أبو جَندلِ بنُ سُهيلٍ، فلَحِق بأبي بَصيرٍ، فجَعَل لا يَخرُجُ مِنْ قُرَيشٍ رجُلٌ قد أسلَمَ إلَّا لَحِقَ بأبِي بَصيرٍ حتَّى اجتمعَت منهم(49) عِصابةٌ(50)، فوالله ما يَسمعون بِعِيرٍ(51) خرجت لِقُريشٍ إلى الشَّامِ إلا اعتَرضوا لها، فَقَتَولُهم وأخذوا أموالَهم، فأرسلت قُريشٌ إلى النَّبيِّ صلعم تُنَاشِده الله والرَّحمَ لَـمَّا أرسَل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمِنٌ، فأرسل النَّبيُّ صلعم إليهم.
فأنزل الله ╡ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم} حتَّى بلغ: {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}[الفتح:24-27] وكانت حميَّتُهم أنَّهم لم يُقِرُّوا أنَّه نبيُّ الله، ولَم يُقِرُّوا بـ(♪)، وحالوا بينهم وبين البيتِ.
وقال عُقيلٌ: عن الزهري: قال عُروةُ: فأخبرتني عائشةُ «أنَّ رسولَ الله صلعم كان يمتحِنُهُنَّ». وبلغنا: أنَّه لَمَّا أنزَل الله أن يَرُدُّوا إلى المشركين ما أنفَقوا على مَن هاجر من أزوَّاجهنَّ، وحكَم على المسلمينَ ألا يُمْسِكوا بِعِصَمِ الكَوافرِ، أنَّ عمرَ طلَّق امرأتين: قَرِيبةَ بنت أبي أُميَّةَ، وابنةَ جَرْوَلٍ الخُزاعيِّ، فتزوَّج قَرِيبةَ مُعاويةُ، وتزوَّج الأُخرى أبو جَهمٍ. /
فلمَّا أبى الكفَّارُ أن يُقرُّوا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم أنزل الله تعالى: {وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ}[الممتحنة:11] والعقابُ ما يُؤدِّي المسلمونَ إلى من هاجَرتِ امرأتُه من(52) الكُفَّار، فأمر أن يُعطَى من ذهَب له زوجٌ من المسلمينَ ما أنفق من صَدَاق النِّساءِ الكفَّار اللَّائي هاجَرنَ، وما نعلمُ أحداً من المهاجِرات ارتدَّتْ بعد إيمانِها.
قال: وبلغنا: «أنَّ أبا بصيرِ بن أَسِيدٍ الثَّقَفيَّ قَدِم على النَّبيِّ صلعم مؤمناً مُهاجراً في المدَّة، فكتب الأَخنسُ بن شُرَيقٍ إلى النَّبيِّ صلعم يسألُه أبا بَصيرٍ...» فذكر الحديثَ. [خ¦2731] [خ¦2733]
وفي حديث يحيى بن بُكيرٍ: أنَّ عُروةَ سَمِع مروانَ والمِسْوَرَ يُخبرانِ عن أصحاب رسولِ الله صلعم قالا: «لَمَّا كاتبَ سُهيلُ بن عَمرٍو يومئذٍ كان فيما اشْتَرط سُهيلٌ على النَّبيِّ صلعم أن لا يأتِيك مِنَّا أحدٌ _وإنْ كان على دِينك_ إلَّا رددْتَه إلينا، وَخلَّيت بيننا وبينَه، فكَرِه المؤمنون ذلك، وامْتَعَضُوا(53) منه، وأبى سُهيلٌ إلَّا ذلك، فكاتبَه النَّبيُّ صلعم على ذلك، فردَّ يومئذٍ أبا جَندلٍ إلى أبيه سُهيلٍ، ولم يأته أحدٌ من الرِّجال إلَّا رَدَّه في تلك المدَّةِ وإن كان مسلماً، وجاء المؤمناتُ مهاجراتٍ، وكانت أمُّ كُلْثُومٍ بنت عُقبةَ بن أبي مُعَيطٍ ممَّن خرَج إلى رسول الله صلعم يومئذٍ وهي عاتِقٌ(54)، فجاء أهلُها يسألونَ النَّبيَّ صلعم أن يَرجِعَها إليهم فلم يَرجِعها إليهم لما أنزل الله فيهنَّ: / {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ...} إلى {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ}[الممتحنة:10]».
قال عُروةُ: فأخبَرتني عائشةُ «أنَّ رسولَ الله صلعم كان يَمتحِنُهُنَّ بهذه الآيةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ...} إلى {غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[الممتحنة:10-12]».
قال عُروةُ: قالت عائشةُ: «فمن أقرَّ بهذا الشَّرطِ مِنهُنَّ قال لها رسولُ الله صلعم: قد بايعتُكِ. كلاماً يُكلِّمُها به، والله ما مَسَّت يدُه يدَ امرأةٍ قطُّ في المبايَعة، ما بايَعهُنَّ إلَّا بقوله». [خ¦2711] [خ¦2713]
وحديثُ محمودِ بن غيلانَ عن عبد الرزَّاق مختصرٌ من حديث المِسْورِ وحدَه: «أنَّ رسولَ الله صلعم نَحر قَبل أن يَحلِقَ، وأمر بذلك أصحابَه». [خ¦1811]
وفي حديث ابن أخي الزهري عن عمِّه عن عُروةَ: «أنَّه سَمِع مروانَ والمِسْورَ يُخبرانِ خبراً من خبر رسولِ الله صلعم في غَزوة الحُدَيبيَةِ...» فذكر نحوَ حديثِ ابن بُكيرٍ، ولَم يَقل: عن أصحاب رسولِ الله صلعم. [خ¦4180]
وفي حديث سُفيانَ الذي ثبَّتَه فيه مَعمرٌ عن الزهري: أنَّ المِسْورَ بن مَخرمةَ ومروانَ _يزيدُ أحدُهما على صاحبه_ قالا: خرج النَّبيُّ صلعم في بِضْع(55) عَشرةَ مِئةً من أصحاب النَّبيِّ صلعم، فلمَّا أتى ذا الحُليفةِ قلَّد الهديَ وأشعرَه وأحرمَ منها بعمرةٍ، وبعث عَيناً(56) له من خُزاعةَ، وسار النَّبيُّ صلعم، حتَّى كان بِغديرِ / الأَشطاطِ(57) تلقَّاه عَينُه، فقال: إنَّ قُريشاً جمعوا لك جُموعاً، وقد جَمعوا لك الأحابيشَ(58)، وهم مُقاتِلوك وصادُّوكَ عن البيت ومانِعُوك، فقال: «أشيروا أيُّها النَّاسُ عليَّ، أترَونَ أن أميلَ على عِيالهم وذراريِّ هؤلاء الذين يريدون أن يَصدُّونا عن البيت، فإن يأتُونا(59) كان الله قد قطَع جَنْباً(60) من المشركينَ، وإلاَّ تركْناهم مَحرُوبينَ.(61) قال أبو بكرٍ: يا رسولَ الله؛ خرجتَ عامداً لهذا البيتِ، ولا تريدُ قتالَ أحدٍ ولا خوفَ أحدٍ، فتوجَّه له، فمن صدَّنا(62) عنه قاتلناه، قال: امضوا على اسم الله». [خ¦4178]
ولعبد لله بن المباركِ عن مَعمرٍ طَرفٌ مختصرٌ من أوَّله، قالا: «خرَج النَّبيُّ صلعم من المدينة في بِضعَ عَشْرةَ مئةً من أصحابه، حتَّى إذا كانوا بذي الحُليفةِ قلَّد الهديَ وأشعَر وأحرَم بالعُمرة». لم يزدْ. / [خ¦1694]
وفي حديث علي بن المدينيِّ عن سفيانَ: أنَّ مروانَ والمسورَ، قالا: «خرَج النَّبيُّ صلعم عامَ الحُدَيبيَةِ في بِضعَ عَشْرةَ مئةً من أصحابه، فلمَّا كان بذي الحُليفةِ قلَّد الهديَ وأشعَر وأحرَم منها»، لا أُحصي كم سمعتُه من سُفيانَ، حتَّى سمعته يقول: لا أحفظ من الزهري الإشعار والتَّقليد، فلا أدري يعني موضع الإشعار والتَّقليد أو الحديث كله. [خ¦4157]
قلت: ذكر أبو مسعودٍ في كتابه طرفَ هذا الحديثِ المذكورِ في أمر الحُدَيبيَةِ، وذكر أسانيدَه، وخَلَط معها أسانيدَ الحديثِ الذي بعدَه في وفْد هَوازنَ، وهو لم يذكره أصلاً معَه، ولا أشار إليه، ولو ذكَره معه ما كان لذلك وجْهٌ؛ لأنَّه لا مُشابهةَ بينه وبينه في وجهٍ من الوُجُوه، وعُمرةُ الحُدَيبيَة قبل الفتح، في أمر العُمرةِ والمصالحةِ، ووفدُ هَوازنَ في عَقب غزوةِ حُنينٍ وذكر السَّبي، ثم أحال على أنَّ ذلك من أصل البخاري في كُتبٍ ليس هو فيها، وهذا من أعجب ما رأيتُ في كتابه من وَهمِه، وذلك مَوجودٌ فيما ظهر من خَطِّه كما حكينا عنه.
[1] الطَّلائِعُ: الجماعاتُ يُبعثُونَ بين يدي الجيشِ ليطَّلعُوا على أخبارِ العدوِّ ومكانِهم، والواحدُ طليعةٌ.(ابن الصلاح نحوه).
[2] القَتَرَةُ: الغَبرةُ التي معها سوادٌ.
[3] ركضَ دابَّتَهُ: إذا ضربَها برجلِه لتعدوَ، والرَّكضُ: الدَّفعُ.
[4] في (ت): (كانُوا) وما أثبتناهُ من (ظ) وهو موافقٌ لنسختِنا من البخاري.
[5] الثَّنِيَّةُ: الطريقٌ بينَ الجبلينِ.(ابن الصلاح).
[6] بركَ البعيرُ: وقَع على صدره، والبَرْكُ الصَّدرُ، والأصلُ الثَّباتُ والقيامُ، فعلى هذا قيل: وإنَّما سُمِّيَ غديرُ الماءِ بِرْكَةً لثباتِ الماءِ فيها، وتبارك الله: أي؛ ثبتَ الخيرَ عنده، ويقال للإبلِ الكثيرةِ الباركةِ: بُرُكٌ.
[7] حَلْ: زجرٌ للإبلِ.(ابن الصلاح).
[8] خَلَأتِ النَّاقَةُ: مثل حرَن الفرسُ خِلَاءً، ولا يقال ذلك للجملِ، وإنَّما يقال: خلأتِ الناقةُ وألَحَّ الجملُ.(ابن الصلاح نحوه).
[9] الثَّمَد: الماءُ القليلُ الذي لا مادةَ لهُ.(ابن الصلاح نحوه).
[10] يقالُ: تَبَرَّضَ الرَّجلُ حاجتَه أخذَها قليلاً قليلاً، والتَّبرُّضُ أيضاً التَّبلُّغُ بالقليلِ من العيشِ: أي؛ يأخذونهُ قليلاً قليلاً.(ابن الصلاح نحوه).
[11] نَزحتُ البئرَ: استخرجتُ ماءَها كلَّه، ويقال: نزحتُ البئرَ فنَزَحَت، لازمٌ ومتعدٍّ.
[12] جاشَت البئرُ بالماءِ: فارَت وارتفعَت، وجاشَت القِدرُ: غلَت، وجاشَ الشيء يجيشُ جيشاً وجيشاناً.(ابن الصلاح نحوه).
[13] الصَّدَرُ: الرُّجُوعُ بعدَ الورودِ، وصَدَرَ عن الشيء رَجَعَ عنهُ.
[14] يقال فلانٌ عيبةُ نصحِ فلانٍ: إذا كان موضعَ سِرِّه وثقتِه في ذلك.(ابن الصلاح).
[15] الماءُ العِدُّ: الكثيرُ الجريِ الَّذي لا انقطاعَ لمادَّتهِ كماءِ العينِ والبئرِ المَعِينَةِ، ويقالُ في جمعِه: أعْدَادٌ وهو الَّذي أرادَ بقولِهِ (نزلُوا أَعدادَ مياهِ الحديبيةِ) أي: نزلُوا في هذهِ المواضعِ على هذهِ المياهِ.(ابن الصلاح نحوه).
[16] معَهم العُوذُ المطافيلُ: يريدُ النِّساءَ والصِّبيانَ، والعُوذُ: جمعُ عائذٍ وهي النَّاقةُ الَّتي وَضَعَت وبعدَما تضعُ حتى يقوَى ولدُها، والمَطافيلُ: جمعُ مُطْفِلٍ وهي النَّاقةُ معَها فصيلُها، وإنَّما استعارَ ذلكَ.(ابن الصلاح نحوه).
وفي «المجملِ» قالَ: كلُّ أنثى إذا وضعَت فهي سبعةُ أيَّامٍ عائذةٌ بيِّنةُ العَوذِ والجمعُ عُوذٌ إذْ تعوذُ بولدِها وتستقلُّ بهِ، والمَعَاذُ الملجأُ وكلُّ ما يُمالُ إليهِ ويُستعاذُ بهِ ويُلتزمُ، والعربُ تقولُ: أطيبُ اللحمِ عُوَّذُه وهو ما عاذَ بالّلحمِ أي؛ لزمَهُ، فكأنَّ هذهِ للزومِها ولدَها وقُربِ عهدِ ولادتِها له وخوفِها عليه سُمِّيت عائذاً.
[17] نَهِكَتْهم الحربُ: أي؛ أضرَّتْ بهِم وانتشرَتْ فيهِم، يقالُ: نَهَكتْهُ الحمَّى نَهَكاً، إذا بلغَت منهُ وأثَّرَت فيهِ وبَدَا ضرُّها عليهِ، ويقالُ: النَّهِيكُ الشجاعُ والأسدُ والسَّيفُ القاطعُ لأنَّها تتابعُ في التَّأثيرِ.(ابن الصلاح نحوه).
[18] جَمُّوا: استراحُوا، والجَمامُ الرَّاحةُ بعدَ التَّعبِ.(ابن الصلاح نحوه).
[19] السَّالِفةُ: صفحةُ العنقِ وهما سالِفتانِ عن يمينٍ وشمالٍ، يعنِي الموت؛ لأنَّها لا تنفردُ عما يليها إلا بذاك.
[20] استشكله في (ابن الصلاح)؛ والمعنى: من عند هذا الرجل.
[21] في (ابن الصلاح): (ذو)، وفي هامشها: (سع: ذوو).
[22] استنفرتُ القومَ: دعوتُهم إلى قتالِ العدوِّ، فإنْ أجابُوا قيل: نفرُوا، أي: انطلقُوا فسارُوا، وإلا قيل: أبَوا أو بَلَّحُوا.(ابن الصلاح نحوه).
[23] أصلُ التَّبليحِ: الإعياءُ والعجزُ والفتورُ، يقال: بَلَّحَ الرَّجلُ إذا انقطعَ من الإعياءِ فلمْ يقدرْ على الحركةِ وعجزَ عنْها، وقد يقال بالتَّخفيفِ بلَح.(ابن الصلاح نحوه).
[24] الخُطَّةُ: الحالُ، يقالُ: خُطَّةُ رشدٍ وخُطَّةُ غِيٍّ، والرُّشدُ والرَّشَدُ والرَّشَادُ الطريقُ المستقيمُ والهديُ والاستقامةُ والصَّلاحُ، ويقالُ: رَشَدَ يَرْشَدُ، ورشُد يرشُد رُشْداً.
[25] استَأصَل أمرَ قومِه: أي؛ أفرَط في قطعِ أصولِهم وانتهاكِ حرمتِهم.(ابن الصلاح نحوه).
[26] اجتاحَهم: أي؛ أصابَهم بمكروهٍ، والجائحةُ: ما يُصابُ به المرءُ من الخطوبِ والشَّدائدِ، والاجتياحُ والاستئصالُ متقاربانِ في المبالغةِ بالأذى.(ابن الصلاح نحوه).
[27] في (ابن الصلاح): (أصله)، وما أثبتناه من باقي الأصول موافق لنسختنا من صحيح البخاري.
[28] في (ظ): (أَوشاباً).قال الحميدي في «تفسير الغريب»: من الأَوشابِ، والأشوابُ من النَّاسِ مثلُ الأوباشِ وهم الأخلاطُ والأشائِبُ أيضاً الأخلاطُ من النَّاسِ وواحدُ الأشائِب إِشابةٌ.(ابن الصلاح نحوه).
[29] في (ت): (لخليقاً).يقالُ: فلانٌ خليقٌ بكذا: أي؛ هو ممن يُقدَّر فيه، ولا ينكِرُ مَن خالَفه ولا يبعد منه ذلك.
[30] امصص ببظرِ اللاتِ: شتمٌ لها واستهانةٌ بها وعادةً كانتْ لهم في ذلكَ، والبَظْرُ: ما تنقبُه الخافضةُ عندَ القطعِ، واللاتُ صنمٌ من أصنامِهم.(ابن الصلاح).
[31] نعلُ السَّيفِ: ما يكون أسفلَ القرابِ حديدٌ أو فضَّةٌ.(ابن الصلاح).
[32] استشكل في ابن الصلاح: (آته)، وقال في الهامش: (صوابه: ائتِه)، وكذلك ضبطها ابن حجر بألفِ وصلٍ بعدها همزةٌ ساكنةٌ ثم مثنَّاةٌ مكسورةٌ ثم هاءٌ ساكنةٌ ويجوز كسرُها.«فتح الباري» ░8283▒.
[33] كتب فوقها في (ابن الصلاح): (النسخة صح).
[34] أصلُ الفجورِ: الميلُ عن الحقِّ، والتكذيبُ بالحقِّ فجورُ، والانبعاثُ في الشَّرِّ فُجورٌ.
[35] القضاءُ في اللغةِ على وجوهٍ مرجعُها إلى انقطاعِ الشَّيءِ وتمامِه واستمرارِه، منْها قولهُ تعَالى: {ثُمَّ قَضَى أَجَلاً} [الأنعام:2] أتمَّهُ، ومنها الأمرُ وهو قولُه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء:23] ومعناهُ أمرٌ قاطعٌ حتمٌ، ومنها الإعلامُ وهو قولُه: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء:4] : أي؛ أعلمناهم إعلاماً قاطعاً ومنهُ قولُه: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ} [الحجر:66] معناهُ أوحيناهُ وأعلمناهُ، ومنهُ القضاءُ والفصلُ في الحكمِ وهو قوله: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ} [الشورى:14] : أي؛ لفُصِلَ الحكمُ بينهم، ويقالُ: قَضى الحاكمُ: أي؛ فَصَلَ الحكمَ، وقضَى دينَه: أي؛ قَطَعَ ما لغريمهِ عليهِ الأداءُ لهُ، وكلُّ ما أُحكِمَ عملُه فقدْ قُضِيَ، يقالُ: قضيتُ هذهِ الدَّارَ: أي؛ أحكمتُ عملَها، وإذا قضَى لهم شيئاً أحكَمَه، والقضاءُ قطعُ الشَّيءِ بإحكامٍ، والمقاضاةُ: مفاعلةٌ من ذلكَ.(ابن الصلاح نحوه).
[36] الخطَّةُ: الحالُ.(ابن الصلاح نحوه).
[37] حرماتُ الله: فروضُه وما يجبُ القيامُ بهَا، ومن عَظَّمَ ما حرَّمَ الله عليه اجتنبه.(ابن الصلاح نحوه).
[38] الضُّغطةُ: القهرُ والتضييقُ وأصلُ الضَّغطِ الشِّدةُ والمشقَّةُ.
[39] الرَّسْفُ: مشيُ المقيَّدِ، رسفَ يرسُفُ رَسْفاً ورَسيفاً، وارتسفتُ الإبلَ طردتُها مقيدةً.(ابن الصلاح نحوه).
[40] في (ظ) و(ابن الصلاح): (بلى)، وما أثبتناهُ من (ت) موافقٌ لنسختِنا من روايةِ البخاري.
[41] لِمَ نُعْطِي الدَّنيَّةَ في دينِنا: أي؛ لِمَ نرضَى بالدُّونِ والأَقلِّ.(ابن الصلاح).
[42] في (ابن الصلاح): (وتطوف) واستشكلها، وهي في باقي الأصول ونسختنا من صحيح البخاري (فتطوف).
[43] الغرزُ للرَّحلِ بمنزلةِ الرِّكابِ من السَّرْجِ.(ابن الصلاح).
[44] صححها في (ابن الصلاح)، وأشار لنسخة: (إنك تأتيه).
[45] {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}: أي؛ بعقدِ نكاحهنَّ، والعِصمةُ: العقدُ، ويقالُ: عصمةُ المرأةِ بيدِ الرَّجلِ: أي؛ عُقدةُ النِّكاحِ.{وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ} [الحج:78] : أي؛ امتنعُوا بهِ من الأعداءِ.و{لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} [هود:43] : أي؛ لا مانعَ.(ابن الصلاح نحوه).
[46] الذّعرُ: الفزعُ.(ابن الصلاح نحوه).
[47] مِسْعَرَ حربٍ: أي؛ موقدُ حربٍ، يقالُ: سَعرتُ النَّارَ وأسعرتُها فهي مسعورةٌ ومسعَرةٌ، والمِسْعرُ: الخشبُ الذي تسعرُ بهِ النَّارُ: أي؛ توقدُ.(ابن الصلاح نحوه).
[48] سِيفُ البحرِ: ساحلُ البحرِ.(ابن الصلاح نحوه).
[49] في (ظ): (معه) وما أثبتناهُ موافقٌ لنسختِنا من روايةِ البخاري.
[50] العصابةُ والجماعةُ من الرِّجالِ نحوُ العشرةِ، والجمعُ عُصب، وقيل: هي العشرةُ إلى الأربعين.
[51] العيرُ: الإبلُ والحميرُ التي تُحملُ عليها الأحمالُ.
[52] في (ابن الصلاح): (إلى) وفوقها: (من)، وذكر في الهامش أنها: (هكذا في أصل الحميدي).
[53] مَعَضَ الرَّجلُ من الأمرِ وامتعضَ إذا شقَّ عليهِ وكرهَه.(ابن الصلاح).
[54] العاتِقُ من الجوارِي حين أدركَت فخَدَرَتْ.(ابن الصلاح نحوه).
[55] عيناً: البِضْعُ: ما بين الواحدِ إلى العشرةِ، كذا في «المجمل»، وقال الهرويُّ: البِضْعُ من الشيء القطعةُ منه، والعرب تستعمل ذلك فيما بين الثلاثِ إلى التِّسعِ، والبِضعُ والبِضعةُ واحدٌ، ومعناها القطعة من العددِ.
[56] عيناً: أي جاسوساً.(ابن الصلاح).
[57] في (ابن الصلاح): (سع: الأشظاظ).
[58] الأحابيشُ: الجماعاتُ من قبائلَ شتَّى.(ابن الصلاح).
[59] في (ابن الصلاح) و(ت): (فأتونا)، وما أثبتناه من (ظ) موافق لنسختنا من صحيح البخاري.
[60] الجَنْبُ: الأَمرُ، يقالُ: ما فعلتُ في جنبِ حاجتِي؛ أي أمرِ حاجتي، والجَنْبُ: القطعةُ من الشَّيءِ تكونُ معظمَه أو شيئاً كثيراً منهُ، ويقالُ: هذا قليلٌ في مودَّتِكَ؛ أي في جنبِ حقوقِكَ وواجباتِكَ.(ابن الصلاح نحوه).
[61] حُرِبَ فلانٌ مالَه: إذا سُلِبَهُ، تركناهم محروبينَ: أي؛ مسلوبينَ، قدْ أصبناهم بمصيبةٍ وشغلناهم بنائبةٍ وأخذناهم بثأرٍ.(ابن الصلاح نحوه).
[62] في (ظ): (صدَّك)، وما أثبتناهُ موافقٌ لنسختِنا من البخاري.