الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أتذكر إذ تلقينا رسول الله أنا وأنت

          2784- الثَّاني: من روايةِ أبي محمَّدٍ عبدِ الله بن عُبيدِ الله بن أبي مُلَيكةَ قال: قال ابنُ الزُّبير لابنِ جَعفرٍ: «أتذكرُ إذْ تلقَّينا رسولَ الله صلعم أنا وأنت وابن عبَّاسٍ؟ قال: نعم، فحَمَلَنَا وتَرَكَكَ». [خ¦3082]
          ولمسلم من حديثِ إسماعيلَ ابن عُليَّةَ وأبي أسامةَ عن حبيبِ بن الشَّهيدِ قال: قال عبدُ الله ابن جعفرٍ لابن الزُّبير(1) : «أتذكرُ إذْ تلقَّينا رسولَ الله صلعم أنا وأنت وابن عباس؟ _قال: نعم(2)_ فحَمَلَنَا وترَكَكَ».
          ومن حديث مُوَرِّقٍ العِجلي عن عبدِ الله بن جعفرٍ قال: «كان رسولُ الله صلعم إذا قَدِم من سَفرٍ تُلُقِّيَ بِصبيانِ أهلِ بيتِه، قال: وإنَّه قدِم من سفرٍ، فسُبِق بي / إليه، فحَمَلَنِي بين يديه، ثم جِيء بأحد ابنَي فاطِمَةَ فأرْدَفه خَلفه، قال: فأُدخِلنا المدينةَ ثلاثةً على دابَّةٍ».
          وفي رواية عبدِ الرَّحيمِ بنِ سليمانَ عن عاصمٍ: «كان النَّبيُّ صلعم إذا قدِم من سفرٍ تُلُقِّيَ بِنَا، قال: فتُلُقِّي بي وبالحسن _أو بالحسين_ قال: فحَمَل أحدَنَا بين يدَيه والآخرَ خلفَه، حتَّى دخلنا المدينةَ».
          ولمسلمٍ أيضاً في حديثِ الحسنِ بن سعدٍ مولى الحسن بن عليٍّ عن عبدِ الله بن جَعفرٍ قال: «أرْدفَني رسول الله صلعم ذاتَ يومٍ خلفَه، فأسَرَّ إلَيَّ حديثاً لا أُحدِّث به أحداً من النَّاس، وكان أحبَّ ما استَتَر به رسولُ الله صلعم لحاجته هَدفٌ(3) أو حائشُ نخلٍ(4)».
          قال عبد الله بن محمَّدِ بن أسماءَ في حديثه: يعني حائطَ نَخلٍ. لم يزِد.
          وفي هذا الحديثِ زيادةٌ حذفَها مسلمٌ، وأخرَجها أبو بكرٍ البَرقاني في كتابه مع الحديثِ من رواية عبدِ الله بن محمد بن أسماءَ، ورواها أبو القاسمِ عبدُ الله بن محمدِ بن عبدِ العزيز البَغويُّ عن شيبانَ بن أبي شَيبةَ بالإسناد الذي أخرَجه مسلم متَّصلةً بقوله: «وكان أحبَّ ما استَتَر بِه لحاجته هَدفٌ أو حَائشُ نَخلٍ»، قال: / [«فدخَل حائطاً لِرجلٍ من الأنصار، فإذا فيه جَملٌ، فلمَّا رأى النَّبيَّ صلعم جَرْجَرَ(5) وذَرَفت عَيناه(6)، قال: فأتاه النَّبيُّ صلعم فمسح سَرَاتَه(7) إلى سَنَامه وذِفْراه(8)، فسَكن، فقال: مَن رَبُّ هذا الجملِ؟ لِمَن هذا الجمل؟! فجاء فتًى من الأنصار، فقال: هذا لي يا رسول الله؛ قال: أفلا تتَّقي الله في هذه البهيمةِ الَّتي ملَّكك الله إيَّاها، فإنَّه يَشكو لي أنَّك تُجِيعُه وتُدْئبُه»]. /


[1] رجَّحَ الحافظُ ابن حجرٍ: أنَّ قائلَ (أَتَذْكر...) هو ابن الزُّبيرِ لا ابن جعفرٍ، كما يفيدُه ظاهرُ هذه الروايةِ.
[2] سقط في (ابن الصلاح): (قال: نعم).
[3] الهدفُ: كلُّ شيءٍ مرتفِعٍ عظيمٍ، والهدفُ: ما رُفعَ منَ الأرضِ للنصالِ قالهُ النضرُ.ويسمَّى القرطاسُ أيضاً هدفاً على الاستعارةِ، ويقالُ للرَّجلِ العظيمِ الشَّخْصِ الجافِي الجِلْفِ هَدَفٌ وكلُّ شيءٍ دنا منكَ وانتصبَ لكَ واستقبلَكَ فقدْ أهدفَ لكَ واستهدفَ، ومنهُ أُخِذَ الهدفُ لانتصابِه.(ابن الصلاح نحوه).
[4] حائشُ النَّخلِ: ما اجتمعَ من ذلكَ والتفَّ ودنا بعضُه من بعضٍ، ولا واحدَ لهُ من لفظِهِ.(ابن الصلاح نحوه).
[5] الجرجرةُ: صوتٌ يرددهُ البعيرُ في حَنْجَرَتِهِ.(ابن الصلاح).
[6] ذرفَتْ عيناهُ بالدَّمعِ: [أي؛ جرَى دمعُها وسالَ].
[7] السَّراةُ: الظَّهرُ، وسراةُ كلِّ شيءٍ أعلاهُ، وفي بعضِ الأثرِ: «ليسَ للنساءِ سَرَواتُ الطريقِ» يعنِي: ظهرَ الطريقِ ومعظمهُ، وإنما لهنَّ الأطرافُ والجوانبُ.(ابن الصلاح نحوه).
[8] الذِّفْر: هو موضع العِرْق من الأذن.هامش (ابن الصلاح).