الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: كنا قعوداً حول رسول الله معنا أبو

          2765- التَّاسع والسَّبعون بعد المئة: عن أبي كثير يزيد بن عبد الرَّحمن بن أذينة الغُبَرِيِّ السُّحيمي عن أبي هريرةَ قال: «كنَّا قعوداً حولَ رسول الله صلعم معنا أبو بكرٍ وعمر في نفرٍ، فقام رسول الله صلعم من بين أظهرنا، فأبطأ علينا، وخشينا أن يُقتَطَع دوننا، وفَزِعنا فقمنا، فكنت أوَّل مَن فَزِع، فخرجت أبتغي رسول الله صلعم حتى أتيتُ حائطاً للأنصار لبني النَّجَّار، فدرتُ به هل أَجِد له باباً فلم أَجِد، فإذا ربيعٌ يدخل في جوف حائطٍ من بئر خارجة _والرَّبيع: الجدول_ قال: فاحتفزت، فدخلت على رسول الله صلعم، فقال: أبو هريرةَ؟ فقلت: نعم يا رسول الله، فقال: ما شأنُك؟ قلت: كنتَ بين ظهرينَا فقمتَ فأبطأتَ علينا، فخشينا أن تُقتَطع دوننا، ففَزِعنا، فكنت أوَّل من فَزِع، فأتيت هذا الحائط فاحتفزتُ كما يَحتفز الثَّعلب، وهؤلاء النَّاس ورائي، فقال: يا أبا هريرةَ. وأعطاني نعله، فقال: اذهب بنعليَّ هاتين، فمن لقيتَ من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلَّا الله مستيقناً بها قلبه فبشِّره بالجنَّة. فكان أوَّل من لَقيت عمر، فقال: ما هاتان النَّعلان يا أبا هريرةَ؟ قلت: هاتان نعلا رسول الله صلعم، بَعَثَنِي بهما: مَن لقيتُ يشهدُ أن لا إله إلَّا الله مستيقناً بها قلبه بشَّرته بالجنَّة، فضرب عمر بين ثدييَّ فخَرَرْت(1) لاستي، فقال: ارجع يا أبا هريرةَ فرجعت إلى رسول الله صلعم / فأجْهَشْتُ بالبكاء(2)، وركبني عمر(3)، فإذا هو على أثري، فقال رسول الله صلعم: ما لك يا أبا هريرةَ؟ قلت: لقيتُ عمر فأخبرته بالَّذي بعثتَنِي به، فضرب بين ثدييَّ ضربةً خرَرْتُ(4) لإِستِي، فقال: ارجع، قال رسول الله صلعم: يا عمر، ما حَملَكَ على ما فعلت؟ قال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمِّي، أبعثتَ أبا هريرةَ بنعليك: مَن لقي يشهد أن لا إله إلَّا الله مستيقناً بها قلبه بشَّرَه بالجنَّة؟ قال: نعم. قال: فلا تفعل، فإنِّي أخشى أن يَتَّكِلَ النَّاس عليها، فَخَلِّهم يعملون، فقال رسول الله صلعم: فَخَلِّهِمْ».


[1] خَرَرْت: سقطتُ.
[2] جَهَش يجهَش وأَجهَش يُجهِش: إذا تهيأ للبكاء، وجهشتُ إلى فلان إذا فزعت إليه _ وأنت مع ذلك تريد البكاء _ كالصبي يَفْزَع إلى أمه.
[3] ورَكِبَنى عمرُ: أي؛ لحقني.
[4] خرَرْتُ: سقطت.