الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: صنفان من أهل النار لم أرهما

          2683- السَّابع والتِّسعون: عن جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «صنفان من أهل النَّار لَم أرَهما: قومٌ معهم سياطٌ / كأذناب البقر يضربون بها النَّاس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ(1)، مميلاتٌ مائلاتٌ(2)، رؤوسهنَّ كأسنِمةِ البُخْتِ المائلة(3)، لا يدخلنَ الجنَّة ولا يجدنَ ريحها، وإنَّ ريحها ليوجدُ من مسيرةِ كذا وكذا».
          ولمسلم أيضاً من حديث عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «يوشك إن طالت بك مدَّة أن ترى قوماً في أيديهم مثلُ أذناب البقر يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله». /


[1] نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ: تفسير ذلك على ثلاثة أوجه: أحدها كاسياتٌ من نعم الله ╡ عاريات من الشكر، والثاني: أن يكشفن بعضَ أجسامهنَّ ويُسْدِلن الخُمُرَ من ورائهن، فتُكشَفُ صدورهنَّ، فهنَّ كاسياتٌ عارياتٌ؛ إذ بعض ذلك منكشِفٌ، الثالث: أن يلبسن ثياباً رِقاقاً تصفُ ما تحتَها فهنَّ كاسياتٌ في ظاهرِ الأمر عارياتٌ في الحقيقة.
[2] مائلاتٌ مميلاتٌ: فمائلات؛ أي: زائغاتٌ عن استعمال طاعة الله وما يلزمهن من حفظ الفروج، ومميلاتٌ يُعلِّمْنَ غيرَهن الدخول في مثل فِعلهنَّ، يقال: أَخبثَ فلانُ فلاناً فهو مُخبِثٌ إذا علَّمه الخُبْثَ وأدخله فيه، وفيه وجهٌ آخرُ: مائلاتٌ متبختراتٌ في مشيهنَّ، مميلاتٌ يُمِلنَ أعطافَهنَّ وأَكتافَهنَّ، وفيه وجهٌ آخر: أنهُنَّ يَمتشِطنَ المَشْطةَ الميلاءَ، وهي التي جاءت كراهتُها في بعض الحديث، وقال امرؤ القيس في صفتها:
~غدائِرُه مُسْتَشْزِراتٌ إلى العُلى ..............................
وهي مَشطةُ البغايا، والمميلات اللواتي يمشُطْن غيرَهن بالمَشْطَة الميلاء، ويجوز أن تكون المائلات والمميلات بمعنى واحد، كما قالوا: جادٌّ مُجِدٌّ، وضَرَّابٌ ضَروبٌ، ويجوز أن يكون: مائلاتٌ إلى الشر، يُملْن الرجال إلى الفتنة بهن.
[3] رؤسهن كأسنمة البخت: معناه والله أعلم أنَّهُنَّ يُعظِّمن رؤوسَهن بالخُمُر والعمائم أو بصلة الشُّعور، حتى تشبه أسنِمةَ البُخْتِ في ارتفاعها، وقيل: يجوز أن يكن يَطمَحنَ إلى الرجال، لا يَغضُضْنَ أبصارَهنَّ، ولا يُنكسنَ رؤوسهن من قلة الحياء.