الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: منعت العراق درهمها وقفيزها ومنعت الشام

          2677- الحادي والتِّسعون: عن زهير بن معاوية عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «منعت العراق درهمها وقفيزها(1)، ومنعت الشَّام مُدَّها(2) ودينارها، ومنعت مصر إردبَّها(3) ودينارها، وعُدتم من حيث بدأتم(4)، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم(5)» شهد على ذلك لحمُ / أبي هريرةَ ودمُه.
          وقد أخرج البخاري معناه من حديث سعيد بن عمرو عن أبي هريرةَ تعليقاً. وإنَّما فرَّقناهما لأنَّ اللَّفظين مختلفان، وإن كان المعنى واحداً، ولو جُمِعَا لجاز. وقد ذكرناه في أفراد البخاريِّ، وهو السَّابع والثَّمانون من أفراده، وأوَّله(6) : «كيف أنتم إذا لَم تُجبوا ديناراً ولا دِرهماً...». الحديث.


[1] القَفيزُ: لأهل العراق ثمانية مكاكِيك، والمكُّوك: صاعٌ ونصف.
[2] المُدْيُ: مكيال لأهل الشام يسَع خمسةً وأربعين رطلاً.
[3] الإِرْدَبُّ: لأهل مصر، أربعةٌ وستون مَنّاً بمَنَا بلادِ العجم.
[4] مَنَعت العراقُ درهمَها وقَفيزها، ومنعَت الشامُ مُدَّيها ودينارَها، ومنعت مصرُ إرْدبَّها ودينارَها، وعُدتُم من حيث بدأتُم: هذا نص الحديث كقوله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف:29] وفي هذا إخبار منه عليه السلام بما لم يكن وهو في علم الله سبحانه أمر كائن، فخرج لفظه على لفظ الماضي تحقيقاً لكونه، وفي إعلامه عليه السلام به قبل وقوعه دليلٌ من دلائل نبوته، قالوا: وفيه أيضاً دليل على رضاه من عُمرَ بما وظَّفه على الكفرة في الأمصار من الجزية ومقدارها.وفي تفسير المنع وجهان: أحدهما أنّ النبي صلعم أعلم أنهم سيُسْلِمون، وسيسقط ما وُظِّف عليهم بإسلامهم، فصاروا مانعين بإسلامهم ما وُظِّف عليهم، واستُدلَّ على ذلك بقوله «وعدتم من حيث بدأتم» لأنّ بَدْأَهم في علم الله وفي ما قضى وقدَّر أنهم سيُسلِمون، فعادوا من حيث بدأوا، وقيل في قوله: «منعت العراق درهمها» الحديث: أنهم يرجعون عن الطاعة وهذا وجه، وقد استحسن الأول بعض العلماء، وكان يكون هذا لولا الحديث الوارد الذي أفصح فيه برجوعهم عن الطاعة، أخرجه البخاري من حديث سعيد بن عمرو عن أبي هريرة قال: «كيف أنتم إذا لم تَجْبُوا ديناراً ولا درهماً» فقيل: وكيف ترى ذلك كائناً؟ قال: والذي نفسي بيده؛ عن قول الصادق المصدوق، قال: عمَّ ذاك؟ قال: (تُنتهَك ذمّةُ الله وذمّةُ رسوله فيشدُّ الله قلوبَ أهلِ الذِّمَّة فيمنعون ما في أيديهم).
[5] في (ت): (وعدتم من حيث بدأتم) مرتين، وما أثبتناه من (الحموي) موافق لنسختنا من رواية مسلم.
[6] سقط قوله: (وأوله) من (ت).