الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم

          2661- الخامس والسَّبعون: عن يعقوب بن عبد الرَّحمن عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرةَ: أنَّ رسول الله صلعم قال: «لا يبغض الأنصار رجلٌ يؤمن بالله واليوم الآخر(1)». /


[1] لا يُبغِضُ الأنصارَ رجلٌ يؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ: ظن بعضهم أن هذا معارض لقوله: «من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه فإن عملها كتبت عليه» وليس هذا من ذلك في شيء؛ لأن هذا من عمل القلب لا يفتقر إلى إظهاره، وإنما إظهاره زيادةٌ في الإثم، وذلك الأول همَّ بالقلب لم يعزم عليه ولا ظهَرَ به الفعل المفتقر إلى إظهاره، فإذا عزم القلب على أمر لا يفتقر إلى إظهاره واستمر عليه كُتب عليه، ومن ذلك قوله تعالى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:25] فقد توعَّده الله ╡ على النية الفاسدة التي عزم عليها من الإلحاد في الحرم، وأوجب له على هذه الإرادة العذاب الأليم دون ظهور الفعل، والهمُّ بالشيء دون تحقيق له واستمرار عليه لممٌ، وقد عُفي عن اللَّمَم إلا أن يكون قد تقدّم له فعلُ شيءٍ من جنس ذلك الفعل الذي همَّ الآن به، فهذا يسمى مُصِرَّاً وله حكم المُصرِّ، وقد ذكر بعضَ هذا المعنى ودلَّ عليه أبو بكر ابنُ المنذر في ما أخبرنا به أبو القاسم سعيد بن حميد عن محمد بن عمار عنه.