الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث

          2485- السَّابع عشر بعد الثَّلاث مئة: عن جعفر بن ربيعةَ عن الأعرج قال: قال أبو هريرةَ يَأثُر عن النَّبيِّ صلعم قال: «إيَّاكم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكذَبُ / الحديثِ، ولا تَحسَّسوا، ولا تَجسَّسوا(1)، ولا تَباغَضوا، وكونوا إخواناً، ولا يخطُبِ الرَّجلُ على خِطبةِ أخيه حتَّى ينكِحَ أو يترُكَ». [خ¦5143]
          كذا هو عند البخاريِّ من هذا الوجه.
          وأخرجه أيضاً من حديث مالكٍ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرةَ: أنَّ رسول الله صلعم قال: «إيَّاكم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكذبُ الحديث، ولا تَحسَّسوا، ولا تَجسَّسوا، ولا تحاسَدوا(2)، ولا تَباغَضوا، ولا تَدابَروا، وكونوا عبادَ الله إخواناً». [خ¦6066]
          أغفله أبو مسعودٍ، وقد أخرجه البخاريُّ في كتاب الأدب.
          وأخرجه أيضاً من حديث همَّام بن منبِّهٍ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم بنحوه. [خ¦6064]
          وذكر أبو مسعودٍ في كتابه أنَّ البخاريَّ أخرجه في الأدب [من حديث شُعيبِ ابن أبي حمزةَ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرةَ ]: «إيَّاكم والظَّنَّ، ولا تَحاسدوا...» الحديث، ولم أجِد ذلك في الأدب إلَّا من حديث شُعيبٍ عن الزهريِّ عن أنس بن مالكٍ
          وأخرجه البخاريُّ أيضاً من حديث طاوُسِ بن كَيسانَ عن أبي هريرةَ / قال: قال رسول الله صلعم: «إيَّاكم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكذبُ الحديث، ولا تَحسَّسوا، ولا تَجسَّسوا، ولا تَباغَضوا، ولا تَدابروا، وكونوا عبادَ الله إخواناً». [خ¦6724]
          وقد أخرجه مسلمٌ أيضاً من حديث مالكٍ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرةَ: أنَّ رسول الله صلعم قال: «إيَّاكم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكذبُ الحديث، ولا تَحسَّسوا، ولا تَجسَّسوا، ولا تَنافسوا(3)، ولا تَحاسدوا(4)، ولا تَباغضوا(5)، ولا تَدابروا(6)، وكونوا عبادَ الله إخواناً». فهو متَّفقٌ عليه من ترجمة مالكٍ، لا من الأفراد.
          وأخرج بعضَه أيضاً من حديث الأعمش عن أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «لا تَحاسدوا، ولا تَباغَضوا، ولا تَجسَّسوا، ولا تَحسَّسوا، ولا تَناجَشوا(7)، وكونوا عبادَ الله إخواناً».
          وفي حديث شعبةَ عن الأعمش: «لا تَقاطَعوا، ولا تَدابَروا، ولا تَباغَضوا، ولا / تَحاسَدوا، وكونوا(8) إخواناً كما أمرَكم الله».
          ومن حديث عبد العزيز بن محمَّد عن العلاءِ بن عبد الرَّحمن عن أبيه عن أبي هريرةَ أنَّ رسول الله صلعم قال: «لا تَهاجَروا، ولا تَدابَروا، ولا تَجسَّسوا، ولا يَبعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ(9)، وكونوا عبادَ الله إخواناً».
          ومن حديث وُهيبِ بن خالدٍ عن سهيل بن أبي صالحٍ عن أبيه عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم قال: «لا تَباغَضوا، ولا تَدابَروا، ولا تَنافَسوا، وكونوا عبادَ الله إخواناً».
          ومن حديث أبي سعيدٍ مولى عبد الله بن عامرٍ بن كُرَيزٍ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «لا تَحاسَدوا، ولا تَناجَشوا، ولا تَباغَضوا، ولا تَدابَروا، ولا يَبعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ، وكونوا عبادَ الله إخواناً، المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلِمُه ولا يخذُلُه، ولا يحقِرُه، التَّقوى ها هنا _ويشير إلى صدره ثلاثَ مرَّاتٍ_ بحَسْب امرئٍ من الشَّرِّ أن يحقِرَ أخاه المسلمَ، كلُّ المسلم على المسلم حرامٌ: دمُه ومالُه وعِرضُه».
          وفي حديث أسامةَ بن زيدٍ عن أبي سعيدٍ نحوُه، وزاد ونقَصَ، وممَّا زاد فيه: «إنَّ الله لا ينظرُ إلى أجسادكم ولا إلى صوَرِكم، ولكن ينظرُ إلى قلوبكم. وأشار / بإصْبَعه إلى صدرِه».
          وقد أخرج مسلمٌ أيضاً هذا الفصلَ الآخرَ وحدَه من حديث يزيدَ بن الأصمِّ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «إنَّ الله لا ينظرُ إلى صوَرِكم وأموالِكم، ولكن ينظرُ إلى قلوبِكم وأعمالِكم».


[1] التَّجَسُّس: البحث والاستقصاء والفحص عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال ذلك في الشر، والجاسوسُ: صاحب سِرِّ الشر، والناموس صاحب سِر الخير، وقال ثعلب: التَحَسُّس أن يتبع الأخبار لنفسه والتجسس بالجيم أن يطلب ذلك لغيره، وقيل: التحسس البحث عن العورات والتجسس الاستماع.
[2] سقط قوله: (ولا تحاسدوا) من (ت).
[3] المُنافَسةُ: الرغبةُ في الشيء والحرص عليه، والمكروه من ذلك أن يُؤثر كل واحد منهما الانفرادَ والغلبة عليه دون صاحبه؛ وذلك سبب من أسباب العداوة.
[4] الحسدُ: أن يرى الرجل لأخيه نعمةً فيأمل أن تنتقل عنه، ويتمنى أن تزول عنه وتصير له دونه، والغَبْطُ: أن يتمنى أن يكون له مثلها ولا يتمنى أن تزول عنه، وقيل: الحسد مأخوذ من الجدل فهو يفسد القلب ويؤلمه كما يفسد القُراد الجلد ويمصُّ الدم.
[5] البِغْضة والبغضاءُ: العداوة، وقيل: هو خلاف الحب إذ قد يبغضه ولا يعاديه.
[6] لا تَدابروا: أي؛ لا تقاطعوا، يقال: تدابر القوم إذا أدبر كل واحد منهما عن صاحبه وأعرض عنه ودابرتُ فلاناً عاديته.
[7] النَّجْش: أن يزيد في ثمن المبيع وهو لا يريد الشراء؛ ليغرَّ بذلك من يريد الشراء فيزيد.
[8] زاد في (ت): (عباد الله)، كما عند مسلم.
[9] «ولا يَبعْ بعضُكم على بيعِ بعض» قيل: هو أن يتبايع الرجلان فيجيء آخرُ فيسأله مثل تلك السلعة ليعرضها على المشتري قبل التفرق فيفسد على الأول بيعه، وقيل: إن ذلك في تقاربهما.