الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم

          2384- السَّادس عشر بعد المئتين: عن سُميٍّ عن أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ: «أنَّ فقراءَ المهاجرينَ أتَوا رسولَ الله صلعم فقالوا: قد ذهبَ أهلُ الدُّثورِ(1) بالدَّرجاتِ العُلى والنَّعيم المقيم، فقال: وما ذاك؟ قالوا: يصلُّونَ كما نصلِّي، ويصومونَ كما نصومُ، ويتصدَّقونَ ولا نتصدَّقُ، ويُعتِقونَ ولا نُعتِقُ، فقال رسول الله صلعم: أفلا أعلِّمُكم شيئاً تُدرِكونَ به من سبَقكُم وتَسبِقونَ به من بعدَكم، ولا يكونُ أحدٌ أفضلَ منكم إلَّا مَن صنعَ مثلَ ما صنعتُم؟ قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: تسبِّحونَ وتكبِّرونَ وتحمَدونَ دبُرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثينَ مرَّةً».
          قال أبو صالحٍ: «فرجع فقراءُ المهاجرينَ إلى رسولِ الله صلعم فقالوا: سمِع إخوانُنا أهلُ الأموالِ بما فعلنا ففعَلوا مثلَه، فقال رسولُ الله صلعم: ذلك فضلُ الله يؤتيهِ من يشاءُ».
          قال سُميٍّ: فحدَّثتُ بعض أهلي هذا الحديثَ فقال: وهِمتَ إنَّما قال لك: «تسبِّحُ ثلاثاً وثلاثينَ، وتحمَد الله ثلاثاً وثلاثينَ، وتكبِّرُ الله ثلاثاً وثلاثينَ». فرجعتُ إلى أبي صالحٍ، فقلت ذلك. فأخذ بيدي فقال: الله أكبرُ، وسبحانَ الله، والحمدُ لله، الله أكبرُ، وسبحانَ الله، والحمدُ لله، حتَّى تبلغَ من جميعِهم ثلاثةً وثلاثينَ.
          قال ابن عَجلانَ: فحدَّثتُ بهذا الحديث رجاءَ بن حَيوةَ، فحدَّثني بمثلِه عن / أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ عن رسول الله صلعم(2). لفظُ حديث مسلمٍ.
          وليس عند البخاريُّ قولُ أبي صالحٍ: «فرجع فقراءُ المهاجرينَ، وما قالوا، وقال لهم رسول الله صلعم، وعندَه بعد قوله: تسبِّحونَ وتحمدونَ وتكبِّرونَ خلفَ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثينَ». فاختلفنا بينَنا، فقال بعضُنا: نسبِّحُ ثلاثاً وثلاثينَ، ونحمَد ثلاثاً وثلاثينَ، ونكبِّرُ أربعاً وثلاثينَ. فرجعتُ إليه فقال: تقول: سبحانَ الله، والحمدُ لله، والله أكبر، حتَّى يكونَ منهنَّ كلِّهنَّ ثلاثٌ وثلاثونَ.
          وللبخاريِّ من حديث ورقاءَ عن سُميٍّ عن أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ قال: «قالوا: يا رسولَ الله؛ ذهب أهلُ الدُّثور بالدَّرجاتِ والنَّعيم المقيم...». وذكر نحوَه، إلى قوله: «أفلا أخبرُكم بأمرٍ تُدرِكون به مَن كان قبلَكم، وتَسبقون مَن جاء بعدَكم، ولا يأتي أحدٌ مثلَ ما جئتُم به إلَّا مَن جاء بمثلِه؟ تسبِّحونَ في دبُر كلِّ صلاةٍ عشراً، وتحمَدونَ عشراً، وتكبِّرونَ عشراً». [خ¦843]
          قال البخاريُّ: تابعه عبيدُ الله بن عمرَ عن سُمَيٍّ، ورواه ابن عَجلانَ عن سُميٍّ ورجاء بن حَيوةَ، ورواه جريرٌ عن عبد العزيزِ بن رُفيعٍ عن أبي صالحٍ عن أبي الدَّرداءِ، ورواه سهيلٌ عن أبيه عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم. انتهى كلامُ البخاريِّ.
          وأخرجه مسلمٌ من حديث رَوحِ بن القاسمِ عن سهيلٍ عن أبيه عن أبي هريرةَ: «أنَّهم قالوا: يا رسولَ الله؛ ذهب أهلُ الدُّثور بالدَّرجاتِ العُلى والنَّعيم المقيم...». ثمَّ ذكر مثلَ ما في الحديثِ الأوَّل، وأدرجَ في حديث أبي هريرةَ قولَ أبي / صالحٍ: «ثمَّ رجعَ فقراءُ المهاجرينَ...» ولم يجعَلْه من قولِ أبي صالحٍ، وذكره وزاد في آخره: يقول سهيلٌ: إحدى عشرةَ، إحدى عشرةَ، إحدى عشرةَ(3).
          ومن حديث عطاء بن يزيدَ الليثيِّ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «من سبَّحَ اللهَ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثينَ، وحمِدَ الله ثلاثاً وثلاثينَ، وكبَّر اللهَ ثلاثاً وثلاثينَ، فتِلك تسعةٌ وتسعونَ، وقال تمامَ المئةِ: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، غُفرَت له خطاياهُ وإن كانت مثلَ زَبدِ البحرِ».


[1] الدُّثُور: جمع دَثْرٍ، والدَّثْر: المال الكثير.
[2] سقط قوله: (عن رسول الله صلعم) من (الحموي).
[3] في (الحموي): (إحدى عشرة إحدى عشرة) مرتين فقط، وهي كذلك في نسختنا من رواية مسلم، مسلم ░595▒ من طريق يزيد بن زريع عن روح عن سهيل عن أبيه به.