الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: لا يتلقى الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم

          2337- التَّاسع والسِّتُّون بعد المئة: عن مالكٍ عن أبي الزناد عن الأعرجِ عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «لا يُتلقَّى الرُّكبانُ للبيع(1)، ولا يبِعْ / بعضُكم على بيعِ بعضٍ(2)، ولا تناجَشوا(3)، ولا يبعْ حاضرٌ لبادٍ، ولا تُصَرُّوا الإبلَ(4) والغنمَ، فمن ابتاعَها بعد ذلك فهو بخيرِ النَّظرين بعدَ أن يحلِبَها، فإن رضيَها أمسكَها، وإن سَخِطَها ردَّها وصاعاً من تمرٍ». [خ¦2150]
          وأخرج البخاريُّ في التَّصريةِ نحوَه من حديث جعفر بن ربيعةَ عن الأعرج عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «لا تُصَرُّوا الإبلِ والغنمَ، فمن ابتاعَها فإنَّه بخيرِ النَّظرين بعدَ أن يحلبَها، إن شاء أمسكَ، وإن شاء ردَّها وصاعاً من تمرٍ». / [خ¦2148]
          ومن حديث ثابت بن عياضٍ الأعرجِ مولى عبد الرَّحمن بن زيد بن الخطَّابِ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «مَن اشترى غنماً مُصَرَّاةً فاحتلبَها، فإنْ رضيَها أمسكَها، وإنْ سخِطَها ففي حَلْبَتِها صاعٌ من تمرٍ». [خ¦2151]
          وأخرجه مسلمٌ من حديث موسى بن يسارٍ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «مَن اشترى شاةً مُصرَّاةً فلْينقلِبْ بها فلْيحلِبْها، فإنْ رضيَ حِلابَها أمسكَها، وإلَّا ردَّها ومعها صاعٌ من تمرٍ».
          ومن حديث يعقوبَ بن عبد الرَّحمن القاريِّ عن سهيلِ بن أبي صالحٍ عن أبيه عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «مَن ابتاعَ شاةً مُصرَّاةً فهو فيها بالخيار ثلاثةَ أيَّامٍ، إنْ شاء أمسكَها، وإنْ شاء ردَّها ورَدَّ معها صاعاً من تمرٍ».
          ومن حديث محمَّد بن سيرينَ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم قال: «مَن اشترى شاةً مُصرَّاةً فهو فيها بالخيارِ ثلاثةَ أيَّامٍ، فإنْ ردَّها رَدَّ معها صاعاً من طعامٍ لا سمراءَ(5)».
          وفي رواية أيُّوبَ عن محمَّد بن سيرينَ: «وإنْ شاء ردَّها وردَّ معها صاعاً من تمرٍ لا سمراءَ».
          وفي حديث عبد الوهابِ عن أيُّوب: «مَن اشترى من الغنم _يعنى مُصرَّاةً_ فهو بالخيارِ».
          ومن حديث همَّامِ بن منبِّهٍ عن أبي هريرةَ عن رسول الله صلعم قال: «إذا ما / أحدُكم اشترى لَقْحةً مُصرَّاةً أو شاةً مصرَّاةً فهو بخيرِ النَّظرين بعد أن يحلِبَها، إمَّا هي وإلا فلْيردَّها وصاعاً من تمرٍ».


[1] تلقِّي الرُّكبانُ للبيع: أن تشتري منهم السلع في الصحراء قبل الوصول إلى أسواق المدن ومعرفة أسعارها؛ لما في ذلك من الخديعة لهم وغبنهم.
[2] ولا يبعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ: فعلى قولين، فمنهم من قال في تفسيره: هو أن يشتري الرجل السلعة ويتم البيع ولم يفترق المتبايعان عن مقامهما ذلك، فنهى النبي صلعم أن يعرض رجل آخر سلعة أخرى على ذلك المشتري تشبه السلعة التي اشتراها ليبيعها؛ لما في ذلك من الإفساد على الأول، أو لعله أن يرد التي اشترى أولاً ويميل إلى هذه وهو إن كان لهما الخيار ما لم يتفرقا على هذا المذهب، فهو نوع من الإفساد قد اعترض به وسارع إليه، فلذلك وقع النهي عنه، والتفسير الآخر: أنه في المتبايعين يتساومان في السلعة ويتقارب الانعقاد ولم يبق إلا اشتراط البعد أو نحوه، فيجيء رجل آخرُ يريد أن يشتري تلك السلعة ويخرجها من يد المشتري الأول، فذلك عند هؤلاء ممنوع عند المقاربة؛ لما فيه من الإفساد، ومباح في أول العرض والمساومة.
[3] النَّجْش: أن يعطي في السلعة عطاءً كثيراً، وهو لا يريد شراءَها ويمدحها؛ ليغتر به من يريد شراءها فيزيد، وأصل النجْش مدحُ الشيء وإطراؤه تصنعاً.
[4] المُصَرَّاة: الناقةُ التي لا تُحلَب أياماً ليَعظُم ضرعُها، فيظن المشتري أن ذلك منها في كل يوم، فيغترَّ بذلك، وأصل التَّصرية الحبس والإمساك.
[5] السَّمراءُ: الحِنطة.