الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أذنب عبد ذنباً فقال: اللهم اغفر لي

          2305- السَّابع والثَّلاثون بعد المئة: عن عبد الرَّحمن بن أبي عَمْرةَ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم فيما يحكي عن ربِّه ╡ قال: «أذنبَ عبدٌ ذنباً فقال: اللَّهمَّ اغفر لي ذنبي(1)، فقال تبارك وتعالى: أذنبَ عبدي ذنباً علِمَ أنَّ له ربَّاً يغفرُ / الذُّنوب ويأخذُ بالذَّنب، ثمَّ عاد فأذنَبَ فقال: أي ربِّ؛ اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنباً فعلمَ أنَّ له ربَّاً يغفر الذَّنبَ ويأخذ بالذَّنب، ثمَّ عاد فأذنب فقال: أي ربِّ؛ اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنبَ عبدي ذنباً فعلمَ أنَّ له ربَّاً يغفر الذَّنب ويأخذ بالذَّنب». [خ¦7507]
          في حديث عبد الأعلى عن حَمَّادٍ: «اعملْ ما شئتَ، فقد غفرتُ لك». قال عبد الأعلى: لا أدري قال في الثَّالثةِ أو الرَّابعةِ: «اعملْ ما شئت».
          وفي حديث عبد بن حُميدٍ بمعناه، وذكر ثلاثَ مرَّاتٍ، وفي الثَّالثة: «قد غفرتُ لعبدي فليفعَلْ ما شاءَ»(2).


[1] وقوله «اللهم اغفر لي ذنبي» قال قُطْرُب واسمه محمد بن المستنير: معناه اللهم غطِّ على ذنبي، قال: هو مأخوذ من قول العرب: قد غفَرتُ المتاع في الوعاء، أَغَفَره غَفْراً إذا غطيتَه، وقال أبو العباس في قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف:31] معناه يُغطي عليكم ذنوبكم، وإذا غطاها عليه لم يؤاخذها بها، إذْ لو عاقبه بها كان كشفاً لا تغطيةً، والعقوبةُ لا تخفى فهي ضد التغطية والستر، وقال الكسائي وغيره: (مِنْ) في هذا الموضع زائدة، ذهبوا إلى أنها مؤكدة، والمعنى عندهم يغفر لكم ذنوبكم، واحتجوا بقوله {وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [محمد:15] أي: كل الثمرات وبقوله تعالى {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:30] أي: يغضوا أبصارهم، وبقوله: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران:104] ولم يؤمروا بهذا بعضهم دون بعض، وإنما المعنى وكونوا كلكم أمة تدعون إلى الخير، وقال الفراء: {يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ} أي: يغفر لكم من إذنابكم وعلى إذنابكم؛ أي: يغفر لكم من أجل وقوع الذنوب منكم، كما تقول: اشتكيت من دواء شربته؛ أي: من أجل دواءٍ شربتُه، قال قُطْرُب وغيره: ومن المغفرة قولهم: قد غفَر الرجل رأسَه بالمغفر؛ أي: غطاه به، ويقال: للبيضة التي تغطي بها الرأس الغفارة، وقال الأصمعي: معنى اغفِر لنا ذنوبنا استرها علينا، ومنه قولهم: اصبغْ ثوبَك فإنه أغْفَر للوسخ؛ أي: أسترُ للوسخ وأخفى؛ أي: لا تفضحنا بها ولا بعقابها.
[2] قال الحافظ المقدسي رحمه اللهُ في رواية عبد الأعلى وعبد بن حُميدٍ: وهما شيخا مسلم.اهـ.قلنا: هي فيه برقم: ░2758▒.