الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما من مولود إلا يولد على الفطرة

          2252- الرَّابع والثَّمانون: عن ابن شهابٍ عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «ما من مولودٍ إلَّا يولدُ على الفِطرةِ». ثمَّ يقول: «اقرؤوا {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم:30]»، كذا عند مسلمٍ.
          زاد في حديث البخاريِّ عن عبدانَ: «فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانه أو يُمَجِّسانه، كما تُنتَج البهيمةُ بهيمةً جمعاءَ(1)، هل تُحِسُّون فيها من جَدْعاءَ؟(2)». ثمَّ يقول أبو هريرةَ: {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}[الروم:30]. [خ¦1359]
          وأخرجاه من حديث همَّام بن منبِّهٍ عن أبي هريرةَ عن رسول الله صلعم قال: «من يولدُ يولَدُ على هذه الفِطرةِ، فأبواه يُهوِّدانه ويُنصِّرانه، كما تُنتجونَ الإبلَ، فهل تجدون فيها جدعاءَ حتَّى تكونوا أنتم تَجدَعونها؟ قالوا: يا رسولَ الله؛ أفرأيتَ من يموتُ صغيراً؟ قال: الله أعلمُ بما كانوا عاملينَ». [خ¦6599]
          وأخرجه البخاريُّ منقطعاً من حديث شعيبِ بن أبي حمزةَ عن الزهريِّ قال: / يُصلَّى على كلِّ مولودٍ متوفًّى وإن كان لِغِيَّةً، من أجل أنَّه وُلدَ على فطرةِ الإسلام، يدَّعي أبواه الإسلامَ، أوأبوه خاصَّةً، وإن كانت أمُّه على غير الإسلامِ إذا استهلَّ صارخاً، ولا يُصلَّى على مَن لم يستهلَّ من أجل أنَّه سِقْطٌ، فإنَّ أبا هريرةَ كان يحدِّثُ أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «ما من مولودٍ إلَّا يولَد على الفطرةِ، فأبواه يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانه، كما تُنتَج البهيمةُ بهيمةً جمعاءَ، هل تحسُّون فيها من جدعاءَ؟». ثمَّ يقول أبو هريرةَ: {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} الآية[الروم:30].[خ¦1358]
          وأخرجَه البخاريُّ _وإن كان منقطعاً_ لما فيه من كلام الزهريِّ في فقهِه، ولأنَّه عند الزهريِّ مسند. والبخاريُّ قد أخرجه متَّصلاً به من حديث يونسَ عن الزهريِّ عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم بمثلِه.
          وأخرجه مسلمٌ من حديث الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرةَ بنحوِه.
          وزاد فيه زيادةَ عبدانَ، وفي آخره: ثمَّ يقول أبو هريرةَ: اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَةَ اللهِ} الآية[الروم:30].
          ومن حديث الأعمشِ عن أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «ما من مولودٍ إلَّا يولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهوِّدانه ويُنصِّرانه ويُشَرِّكانه. فقال رجلٌ: يا رسول الله؛ أرأيتَ لو ماتَ قبلَ ذلك؟ قال: الله أعلمُ بما كانوا عاملينَ».
          وفي رواية عبد الله بن نُميرٍ عن الأعمشِ: «ما من مولودٍ يولَدُ إلَّا وهو على الملَّة».
          وفي رواية أبي بكرِ بن أبي شيبةَ عن أبي معاويةَ: «... إلَّا على هذه الملَّةِ، / حتَّى يُبيِّنَ عنه لسانُه».
          وفي رواية أبي كُريبٍ عن أبي معاويةَ: «ليس من مولودٍ يولَدُ إلَّا على هذه الفطرةِ، حتَّى يعبِّرَ عنه لسانُه».
          ومن حديث عبد العزيز الدَّراورديِّ عن العلاءِ بن عبد الرَّحمن عن أبيه عن أبي هريرةَ قال: «كلُّ إنسانٍ تلدُه أمُّه على الفطرةِ، وأبواه بعدُ يُهوِّدانه ويُنصِّرانه ويُمجِّسانه، فإن كانا مسلمَينِ فمسلمٌ، كلُّ إنسانٍ تلدُه أمُّه يلكُز(3) الشَّيطانُ في حِضنَيه(4) إلَّا مريمَ وابنَها».
          وقد أخرجا جميعاً في: «من ماتَ منهم صغيراً». من حديث عطاءِ بن يزيدَ الليثيِّ عن أبي هريرةَ قال: سُئلَ النَّبيُّ صلعم عن ذَراريِّ المشركينَ فقال: «الله أعلمُ بما كانوا عاملينَ». [خ¦1384]
          وأخرجه مسلمٌ من حديث سفيانَ بن عيينةَ عن أبي الزنادِ عن الأعرجِ عن أبي هريرةَ قال: «سُئلَ رسولُ الله صلعم عن أطفال المشركينَ، عمَّن يموتُ منهم صغيراً فقال: الله أعلمُ بما كانوا عاملينَ».


[1] بهيمة جَمعاء: أي سليمة من العيوب والتأثيرات، وُصفَت بذلك لاجتماع سلامةِ أعضائها لها، لا جَدعَ بها ولا لَيَّ.
[2] جَدْعُ الأنفِ والأذُن: قَطْعُه.
[3] اللَّكْز والوَكْز: الطعن والدَّفع، إلَّا أنَّ الوكز بجميع الكفِّ، لكَز يلكُزُ لكزاً، ووَكَز يكِز وكْزاً: أُسقِطتِ الواو في هذا لوقوعِها بين ياءٍ وكسرة.
[4] الحِضْنان: الجنبان، وهو ما دون الإبط إلى الخصر، ويقال: حضنتُ الرجلَ جعلته في حضني، ومنه سمِّيت الحاضنةُ، ونواحي كل شيء أحضانُه.