الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر والسكينة

          2246- الثَّامن والسَّبعون: عن الزهريِّ عن أبي سلمةَ بن عبد الرَّحمن: أنَّ أبا هريرةَ قال: سمعتُ رسول الله صلعم يقول: «الفخرُ والخُيلاءُ(1) في الفدَّادينَ(2) / أهلِ الوبرِ(3)، والسَّكينةُ في أهل الغنَمِ» زاد شعيبٌ عن الزهريِّ: «والإيمانُ يمَانٍ، والحكمةُ يمَانِيَةٌ(4)». قال أبو عبد الله البخاريِّ: وسمِّيَت اليمنَ لأنَّها عن يمينِ الكعبة، والشَّام عن يسارِ الكعبة. [خ¦3499]
          وأخرجاه من حديث مالكٍ عن أبي الزنادِ عن الأعرج عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «رأسُ الكفرِ نحوَ المشرقِ، والفخرُ والخيلاءُ في أهل الخيلِ والإبلِ الفدَّادينَ أهلِ الوبر، والسَّكينةُ في أهلِ الغنم». [خ¦3301]
          وأخرجاه من حديث الأعمشِ عن أبي صالحٍ ذَكوانَ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «أتاكُم أهلُ اليمن، هم ألْيَنُ قلوباً وأرقُّ أفئدةً، الإيمانُ يمَانٍ، والحكمة يمَانِيَةٌ، ورأسُ الكفر قِبلَ المشرقِ» زاد شعبةُ عن الأعمشِ: «والفخرُ والخُيلاءُ في أصحاب الإبلِ، والسَّكينةُ والوقارُ في أصحابِ الشاءِ». / [خ¦4388]
          وأخرجه البخاريُّ من حديث أبي الغيثِ سالمٍ عن أبي هريرةَ: أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «الإيمانُ يمَانٍ، والفتنةُ ها هنا ها هنا، حيث يطلعُ قرنُ الشَّيطان». [خ¦4389]
          ومن حديث شعيبِ بن أبي حمزةَ عن أبي الزناد عن الأعرجِ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم قال: «أتاكُم أهلُ اليمنِ، أضعفُ قلوباً، وأرقُّ أفئدةً، الفقه يمَانٍ، والحكمةُ يمَانِيَةٌ». [خ¦4390]
          وأخرجه مسلمٌ من حديث الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب: أنَّ أبا هريرةَ قال: سمعت النَّبيَّ صلعم قال: «جاء أهلُ اليمنِ، هم أرقُّ أفئدةً، وأضعفُ قلوباً، الإيمانُ يمَانٍ، والحكمةُ يمَانِيَةٌ، السَّكينةُ في أهلِ الغنم، والفخرُ والخُيلاءُ في الفدَّادينَ أهلِ الوبر، قِبلَ مَطْلعِ الشَّمس».
          ومن حديث محمَّد بن سيرينَ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «جاء أهلُ اليمن، هم أرقُّ أفئدةً، الإيمانُ يمَانٍ، والفقهُ يمانٍ، والحكمةُ يمَانِيَةٌ».
          ومن حديث صالح بن كَيسانَ عن الأعرج عن أبي هريرةَ عن رسول الله صلعم بنحوِه.
          ومن حديث إسماعيلَ بن جعفرٍ عن العلاء بن عبد الرَّحمن بن يعقوبَ عن أبيه عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «الإيمانُ يمَانٍ، والكفرُ قِبلَ المشرقِ، والسَّكينةُ في أهل الغنمِ، والفخر والرِّياءُ في الفدَّادين أهلِ الخيلِ والوبرِ». /


[1] الخُيَلاء: التكبُّر، وكأنه يوجب لنفسه فوقَ ما يستحقُّه فيتعاظَم.
[2] الرواية: في الفدَّادِينَ بتشديد الدال، فقال أبو عمرو: وهو في الفَدَادين مخفَّفةٌ واحده فدَّانٌ مشدَّد، وهي البقر التي يُحرَث بها، وأهلها أهلُ جفاءٍ وقسوة لبعدهم عن الأمصار، وقال ابن الأنباريِّ: أراد في أصحاب الفدَادين، فحذف الأصحابَ، وأقام الفَدَادين مُقامَهم كما قال: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف:82] أي أهلَ القرية، وقال الأصمعيُّ: الفدَّادون مشدَّد، وهم الذين تعلو أصواتُهم في حروبهم ومواشيهم وأموالهم، يقال: فدَّ الرجل يفِدُّ فديداً، إذا اشتد صوتُه، وقال أبو عُبيدٍ: الفدَّادون المكثرون من الإبل، وهم جفاةٌ أهل خيلاءَ، ومنه الحديث: «إن الأرضَ تقول للميِّت: ربما مشَيتَ عليَّ فدَّاداً» أي ذا خُيلاءَ ومالٍ كثير، وقال أبو العباس: الفدَّادون الجمَّالون والرِّعيان والبقَّارون والحمَّارون.
[3] أهل الوَبَر: يعني أهلَ الإبل ذاتِ الوبر، فأقام المضافَ إليه مقامَ المضاف، ومدح أهلَ الغنم بالسكينة، وهي السكونُ والرفقُ.
[4] الإيمانُ يَمانٍ والحِكْمة يَمانيَةٌ: قال أبو عبيد: بدأ الإيمان من مكَّةَ؛ لأنها مولدُ النبي صلعم ومبعثه، ثم هاجر إلى المدينة، ويقال: مكةُ من أرض تِهامةَ، وتِهامةُ من أرض اليمن، ولهذا سمِّيت وما وليها من أرض اليمن التهائمَ، فمكةُ على هذا التفسير يمانيةٌ، وقيل في هذا وجه آخر وهو أن النبي صلعم قال هذا القولَ وهو يومئذ بتبوكَ، ومكةُ والمدينةُ حينئذ بينه وبين اليمنِ، وأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكةَ والمدينةَ، وقيل: أراد بهذا القول الأنصارَ لأنهم يَمانونَ، وهم نصروا النبي صلعم والمؤمنين وآوَوهم، فنسب الإيمان إليهم، ويقال: رجل يمانٍ، والأصل يمانيٌّ، فحذفوا ياء النسبة، كما قالوا: التِّهامون الأشعرونَ والسَّعدون.