الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أنه كان يصلي بهم فيكبر كلما خفض

          2242- الرَّابع والسَّبعون: عن ابن شهابٍ عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ: «أنَّه كان يصلِّي بهم، فيكبِّرُ كلَّما خفضَ ورفعَ، فإذا انصرف قال: إنِّي لأشبَهُكم صلاةً برسولِ الله صلعم». [خ¦785]
          وأخرجاه من حديث الزهريِّ عن أبي بكرِ بن عبد الرَّحمنِ بن الحارثِ بن هشامٍ عن أبي هريرةَ قال: «كان رسولُ الله صلعم إذا قام إلى الصَّلاةِ يكبِّرُ حين يقومُ، ثم يكبِّرُ حين يركعُ، ثمَّ يقول: سمِعَ الله لمن حمِدَه(1) حين يرفعُ صُلبَه من / الرَّكعة، ثمَّ يقول وهو قائمٌ: ربَّنا لك الحمدُ، ثمَّ يكبِّرُ حين يهوي ساجداً، ثمَّ يكبِّرُ حين يسجُد، ثمَّ يكبِّر حين يرفعُ رأسَه، ثمَّ يفعلُ ذلك في الصَّلاةِ كلِّها حتَّى يقضيَها، ويكبِّرُ حين يقومُ من الثِّنتَين بعد الجلوسِ».
          زاد في حديث ابن جُريجٍ: «ثمَّ يقولُ أبو هريرةَ: إنِّي لأشبَهُكم صلاةً برسولِ الله صلعم». وزاد هو وغيرُه الواو في قوله: «ولكَ الحمدُ». [خ¦789]
          وأخرجه البخاريُّ من حديث شعيبٍ عن الزهريِّ عن أبي بكرٍ وأبي سلمةَ: «أنَّ أبا هريرةَ كان يكبِّرُ في كلِّ صلاةٍ من المكتوبةِ وغيرِها في رمضانَ وغيرِه، فيكبِّرُ حين يقومُ، ويكبِّرُ حين يركعُ، ثمَّ يقولُ: سمِعَ الله لمن حمدَه، ثمَّ يقول: ربَّنا ولكَ الحمدُ» ثم ذكرَ نحوَه، وقال في آخره: «ويفعلُ ذلك في كلِّ ركعةٍ حتَّى يفرغَ من الصَّلاة، ثمَّ يقولُ حين ينصرفُ: والَّذي نفسي بيده؛ إنِّي لأقربُكم شَبَهاً بصلاةِ رسولِ الله صلعم، إن كانت هذه لصلاتُه حتَّى فارَقَ الدُّنيا».
          قال: وقال أبو هريرةَ: «كان رسولُ الله صلعم حين يرفعُ رأسَه يقول: سمِعَ الله لمن حمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ. يدعو لرجالٍ فيسمِّيهم بأسمائهم فيقول: اللَّهمَّ أنجِ الوليدَ بن الوليدِ، وسلمةَ بنَ هشامٍ، وعيَّاشَ بن أبي ربيعةٍ، والمستضعفينَ من المؤمنينَ، اللَّهمَّ اشدُدْ وطأتَكَ على مُضَرَ، واجعَلْها عليهم كسنيِّ يوسفَ، وأهلُ المشرقِ يومئذٍ من مُضرَ مخالِفونَ له». [خ¦803]
          وأخرجه مسلمٌ من حديث يَحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي سلمةَ: «أنَّ أبا هريرةَ كان يكبِّرُ في الصَّلاةِ كلَّما رفع ووضَعَ، فقلنا: يا أبا هريرةَ؛ ما هذا التَّكبيرُ؟ فقال: إنَّها لصلاةُ رسولِ الله صلعم». /
          ومن حديث يعقوبَ بن عبد الرَّحمنِ عن سهيلِ بن أبي صالحٍ عن أبيهِ عن أبي هريرةَ: «أنَّه كان يكبِّرُ كلَّما خفضَ ورفعَ، ويحدِّثُ أنَّ رسولَ الله صلعم كان يفعلُ ذلك».


[1] قول المصلِّي: سمِعَ الله لمن حمِدَه، أي تقبَّل الله منه وأجابَ حمدَه، ويقال: اسمع دعائي: أي أجب دعائي، لأنَّ غرضَ السائل الإجابةُ والقَبولُ، فذكر مرادَه وغرضَه باسم غيره للاشتراك الذي بين القَبول والسمعِ، فوضع السمعَ موضعَ القَبولِ والإجابةِ، ومن ذلك قوله: {آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} [يس:25] أي استمعوا منِّي سمْعَ الطاعة والقَبول، ومنه قوله: «أعوذ بك من دعاءٍ لا يُسمَع» أي لا يُجاب، وعلى هذا تأوَّلوا قولَ الله ╡: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل:80] أي لا تقدر أن تلزمَ الكفَّار قبولَ الحقِّ وتصديقَه، ومنه قوله: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} [المائدة:42] أي قائلون للباطلِ، وكذلك قوله: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [الأنعام:36] يعني الذين يصغون إليك إصغاءَ القَبول والطاعة، ومثل هذا متَّسِعٌ كثير.