الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم

          2222- الرَّابع والخمسون: عن الزهريِّ عن سعيدٍ وأبي سلمةَ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم قال: «إذا سمعتُم الإقامةَ فامشوا إلى الصَّلاة، وعليكم السَّكينةَُ(1) والوقارَُ(2)، ولا تُسرِعوا، فما أدركتم فَصَلُّوا، وما فاتكم فأَتِمُّوا». [خ¦636]
          وأخرجا من حديث شعيبٍ وغيره عن الزهريِّ عن أبي سلمةَ وحدَه عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم قال: «إذا أُقيمتِ الصَّلاةُ فلا تأتوها تَسعَون وائْتُوها تمشونَ عليكمُ السَّكينةَُ، فما أدركتم فَصَلُّوا، وما فاتَكم فأتِمُّوا». [خ¦908]
          وأخرجه مسلمٌ من حديث ابن عُينيةَ عن الزهريِّ عن سعيدٍ وحدَه عن أبي هريرةَ. /
          وأخرجه مسلمٌ من حديث محمَّد بن سيرينَ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «إذا ثُوِّبَ بالصَّلاة فلا يَسْعَ إليها أحدُكم(3)، ولكن ليَمْشِ وعليه السَّكينةُ والوَقارُ، فصَلِّ ما أدركتَ، واقضِ ما سبقَكَ».
          ومن حديث همَّام بن منبِّهٍ عن أبي هريرةَ بنحوِه.
          ومن حديث العلاء بن عبد الرَّحمن عن أبيه عن أبي هريرةَ بنحوِ ذلك. وزاد العلاء في آخرِ حديثِه: «فإنَّ أحدَكم إذا كان يعمِدُ إلى الصَّلاةِ فهو في صلاةٍ».


[1] السَّكينة: السكونُ والطُّمأنينةُ، وتركُ الإفراط في الحركة، ومنه سُكَّان السفينة؛ لأنه يسكِّنها عن الاضطراب، وهو عربيٌّ، قاله في المجمَل.
[2] الوَقار: الهدوء والسُّكون، والمقصود بها الحضُّ على ترك الإسراع في المشي، والرفقُ بالنفس في قصدها إلى الطاعة.
[3] إذا ثُوِّبَ بالصَّلاةِ فلا يسْعَ إليها أحدُكم: السعي ها هنا بمعنى الإسراع في المشي، وتركِ الرفق إلى ما ذكرنا آنِفاً، والتثويب ها هنا: الإقامةُ؛ لأنه رجع عن الأذان إلى ما يشبهُه من الدُّعاء إلى الصَّلاة، وأصل التثويب الرجوع، يقال: ثاب يثوبُ إذا رجع، وكذلك يجيء على معاني: يكون التثويبُ الصلاة بعد المكتوبة، وهي العَود للصلاة بعد الصلاةِ، والتثويب في أذان الفجر أن تقولَ الصلاةُ خيرٌ من النوم مرَّتين، عَوداً على بَدءٍ، وكل داعٍ مثوِّب، وقد ثوَّب بالصلاة إذا دعا إليها، والأصل فيه الرجل يجيء مستصرِخاً، فيلوِّح بثوبه، فيسمَّى ذلك الدعاء تثويباً لذلك، وإنما سمِّي تكرير المؤذِّن في الأذان لصلاة الصُّبح: الصلاة خيرٌ من النوم تثويباً؛ لأنه رجوعٌ إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة، والراجع فهو مثوِّب وثائب، ويقال: ثاب إلى جسمي أي رجع، فإذا قال: حيَّ على الصلاة، فمعناه هلمُّوا إليها، فإذا قال بعدها: الصلاة خير من النوم، فقد رجع بكلامٍ يؤول معناه إلى المعنى الذي قدَّمه من المبادرة إلى الصلاة أيضاً، فهو رجوعٌ إليه، فلذلك سمي تثويباً وقد يكون التثويب بمعنى الجزاء في قوله: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين:36] المَثابات المَنازل؛ لأن الناس يرجعون إليها ويثوبونَ، والمثابةُ: المرجع، والمثابَةْ: المجتمَعُ.