الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن

          2220- الثَّاني والخمسون: عن الزهريِّ عن سعيدٍ عن أبي هريرةَ قال: «لَمَّا رفع رسولُ الله صلعم رأسَه من الرَّكعة الثَّانية قال: اللَّهمَّ أَنْجِ الوليدَ بن الوليدِ، / وسلمةَ بن هشامٍ، وعيَّاشَ بن أبي ربيعةَ، والمستضعَفينَ بمكَّةَ، اللَّهمَّ اشدُدْ وطأتَك على مُضَرَ(1)، اللَّهمَّ اجعلْها عليهم سنينَ كسِنِيِّ يوسُفَ(2)». [خ¦6200]
          قال في رواية إبراهيمَ بن سعدٍ ويونسَ بن يزيدَ عن الزهريِّ عن سعيدٍ و(3) أبي سلمةَ: «وكان يقول في بعض صلاتِه في صلاة الفجرِ». قال يونسُ: «حين يفرغُ من صلاةِ الفجرِ من القراءةِ، ويكبِّر ويرفعُ رأسَه: سمِع الله لمن حمِدَه، ربَّنا ولكَ الحمدُ. ثمَّ يقول وهو قائمٌ: اللَّهمَّ أنجِ الوليد... وذكره إلى قوله: كسِنيِّ يوسُفَ، اللَّهمَّ الْعَنْ(4) فلاناً وفلاناً. لأحياءٍ من العربِ، حتَّى أنزلَ الله ╡: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} الآية [آل عمران:128]».
          سمَّاهم في رواية يونسَ فقال: «اللَّهمَّ الْعَنْ لِحْيانَ ورِعْلاً وذَكْوان، وعُصَيَّةَ عصتِ الله ورسولَه». قال: ثمَّ بلغَنا أنَّه تركَ ذلك لَمَّا أنزل الله تعالى: / {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}[آل عمران:128]. [خ¦4560]
          وأخرجاه من حديث يحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ قال: «بينا النَّبيُّ صلعم يصلِّي العشاءَ إذ قال: سمِع الله لمن حمدَه. ثمَّ قال قبل أن يسجُدَ: اللَّهمَّ نَجِّ عيَّاشَ بنَ أبي ربيعةَ، اللَّهمَّ نجِّ سلمةَ بنَ هشامٍ، اللَّهمَّ نجِّ الوليدَ بنَ الوليدِ، اللَّهمَّ نجِّ المستضعفينَ من المؤمنينَ، اللَّهمَّ اشدُدْ وطأتَك على مُضَرَ، اللَّهمَّ اجعَلْها سنينَ كسنيِّ يوسفَ».
          وفي حديث الأوزاعيِّ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم قنتَ بعد الرَّكعةِ في صلاةٍ شهراً، إذا قال: سمِعَ الله لمن حمدَه؛ يقولُ في قُنوتِه: اللَّهمَّ نجِّ الوليدَ بنَ الوليد..». وذكرَ الدُّعاءَ بنحوِه إلى قوله: «كسنيِّ يوسفَ...» وفي آخره قال أبو هريرةَ: «ثم رأيتُ رسولَ الله صلعم قد تركَ الدُّعاءَ بعدُ، فقلتُ: أرى رسولَ الله صلعم قد تركَ الدعاءَ، قال: وما تراهم قد قدَّموا». [خ¦4598]
          وللبخاريِّ من حديث هلالِ بن أسامةَ عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم كان يدعو في الصَّلاة: اللَّهمَّ أنجِ عيَّاشَ بن أبي ربيعةَ...». ثمَّ ذكر الدُّعاءَ نحوَ حديث يحيى عن أبي سلمةَ إلى قوله: «كسنيِّ يوسفَ». [خ¦6940]
          ومن حديث سفيانَ الثَّوريِّ وشُعيبِ بن أبي حمزةَ، عن أبي الزنادِ عن الأعرجِ عن أبي هريرةَ بنحوِ هذا. [خ¦2932]
          وأخرجه أيضاً من حديث المغيرةِ بن عبد الرَّحمن عن أبي الزناد عن / الأعرجِ عن أبي هريرةَ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم كان إذا رفع رأسَه من الرَّكعة الآخِرةِ قال...» وذكر الدُّعاءَ بنحوِه إلى قوله: «كسنيِّ يوسُفَ». ثمَّ قال: وإنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «غِفارُ غفرَ الله لها، وأَسْلمُ سالَمَها الله(5)».
          قال البخاريُّ: وقال ابن أبي الزناد: هذا كلُّه في الصُّبح.
          ولهما جميعاً أيضاً من حديث يَحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ أنَّه قال: «لأُقرِّبَنَّ بكم صلاةَ رسولِ الله صلعم، وكان أبو هريرةَ يقنُت في الرَّكعة الآخِرةِ من صلاة الظُّهر والعشاء الآخِرةِ وصلاةِ الصُّبحِ بعدما يقول: سمِع الله لمن حَمِده، فيدعو للمؤمنينَ ويلعنُ الكفَّارَ». مختصراً. [خ¦797]


[1] اشدُد وطأتَك على مُضَرَ: أي خذهم أشدَّ أخذٍ، وقد وطِئنا العدوَّ وطأة شديدة، يكون بالقَدمِ وبالخيل والاستئصال والغلبة، وفيما يروى: «آخرُ وطأةٍ لله بِوَجٍّ» أي آخرُ أخذٍ ووقعةٍ وَجٌّ؛ هي الطائف، وكانت غزوةُ الطائف آخرَ غزوات النبي صلعم.
[2] كسنيِّ يوسُفَ: هي المذكورة عنه في القرآن في تعبيره الرؤيا، ووصْفِه له بالشدة، فدعا عليهم بمثلها.
[3] تحرَّف في (ت) إلى: (بن أبي سلمة).
[4] اللَّعن: الطردُ والإبعاد، {لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ} [البقرة:88] أي طردَهم من رحمته، وأبعدهم عن مغفرته، وكان العربُ إذا تمرَّد الرجل منهم وكثُر شرُّه، أبعدوه وطردوه لئلَّا يلحقَهم عارُه وجرائره وأشاعوا ذلك، ويقال: هو لعينُ بني فلانٍ، والشجرة الملعونة في القرآن؛ هي الزقوم؛ لأنه لُعن أكَلتُها الذين هم أهل النار، وكانت العرب تقول لكلِّ طعام كريهٍ ملعونٌ؛ لتركها له واجتنابها إيَّاه.
[5] أسلَمُ سالمَها الله: من المسالمة وتركِ الحرب، وهي المتاركَة، ويحتمل وجهين: أن يكون دعاءً دعا به النبي صلعم لها بذلك، وأن يكون خبراً، أن الله قد سالمَها، ولم يأمرْ بحربِها، وكذلك «غفار غفر الله لها» تحتمل الوجهين.