الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: نهى رسول الله أن يبيع حاضرٌ لباد

          2218- الخمسون: عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرةَ قال: «نهى رسول الله صلعم أن يبيعَ حاضرٌ لبادٍ، ولا تناجَشوا(1)، ولا يبعِ الرَّجلُ على / بيعِ أخيه، ولا يخطِـُبْ على خِطبةِ أخيه، ولا تسألِ المرأةُ طلاقَ أختِها لتكفأَ ما في إنائها(2)».
          وفي حديث معمرٍ عن الزهريِّ: «ولا يزيدَنَّ على بيعِ أخيه». [خ¦2140]
          وفي رواية عمرِو النَّاقدِ عن سفيانَ: «ولا يَسُمِ(3) الرَّجل على سَومِ أخيه».
          وأخرجاه بزيادةٍ من حديث أبي حازمٍ عن أبي هريرةَ: «أنَّ رسولَ الله صلعم نهى عن التَّلقِّي، وأن يبتاعَ المهاجرُ للأعرابيِّ، وأن تشترطَ المرأةُ طلاقَ أختِها، وأن يستامَ الرَّجل على سَومِ أخيه، ونهى عن النَّجْشِ والتَّصْرِيَة». هذا لفظُ حديثِ البخاريِّ عن محمَّد بن عَرْعَرةَ. /
          ولفظُ حديثِ مسلمٍ مثلُه، إلَّا أنَّه قال: «نهى عن التَّلقِّي، وأن يبيعَ حاضرٌ لبادٍ».
          قال البخاريُّ: تابعه معاذٌ وعبد الصَّمد عن شعبةَ، وقال غُندرٌ وعبد الرَّحمن: «نُهيَ»، وقال آدمُ: «نُهينا»، وقال النضْرُ وحجَّاجٌ: «نهى». [خ¦2727]
          وأخرج البخاريُّ بعضَه من حديث سعيدِ بن أبي سعيدٍ المقبُريِّ عن أبي هريرةَ قال: «نهى رسولُ الله صلعم عن التَّلقِّي، وأن يبيعَ حاضرٌ لبادٍ». [خ¦2162]
          وأخرج أيضاً طرفاً من حديث سعدِ بن إبراهيمَ عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلعم قال: «لا يحلُّ لامرأةٍ تسألُ طلاقَ أختِها لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَها، فإنَّما لها ما قُدِّرَ لها». [خ¦5152]
          ومن حديث مالكِ بن أنسٍ عن أبي الزنادِ عن الأعرج عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «لا تسألِ المرأةُ طلاقَ أختِها لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفتَها، ولِتنكِحْ، فإنَّما لها ما قُدِّرَ لها». [خ¦6601]
          وأخرج مسلمٌ أيضاً بعضاً من ذلك من حديث شعبةَ عن العلاءِ _هو ابنُ عبد الرَّحمن_ وسُهيلٍ _هو ابنُ أبي صالحٍ_ عن أبيهما عن أبي هريرةَ. كذا قال. وعن إسماعيلَ بن جعفرٍ عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «لا يَسُمِ المسلمُ على سَومِ المسلمِ، ولا يخطُبْ على خِطبةِ أخيه». /
          ومن حديث الأعمشِ عن أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ بنحو حديث العلاء.
          وأخرج مسلمٌ أيضاً في التَّلقِّي من حديث محمَّد بن سيرينَ عن أبي هريرةَ قال: «نهى رسول الله صلعم أن يُتَلقَّى الجَلَب(4)».
          وفي حديث ابن جُريجٍ: «فمن تَلقَّى فاشتراهُ منه، فإذا أتى سيِّدُه السُّوقَ فهو بالخيار».


[1] النجْشُ: أن تزيدَ في ثمن المبيع لينظرَ إليك الناظر، فيغترَّ بك ويزيده، وقال ابن الأنباري: لا يمدح أحدكم السِّلعة ولايزد في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليسمعَه غيره فيزيدَ، وأصل النجشِ تنفير الناس عن الشيء إلى غيره، والأصل فيه تنفيرُ الوحش من مكان إلى مكان ليؤخذَ منه، ويقال: رجلٌ ناجشٌ وهو الذي يحوش الصيد، ونجَشتُه أثرتُه، ونجَشَ الإبل ينجُشُها نجْشَاً إذا جمعها بعد تفرُّق، وذلك كله من باب الحيلة والخديعة، والتناجش تفاعلٌ من ذلك.
[2] لا تسألِ المرأةُ طلاقَ أختِها لتكفأَ ما في إنائِها: وروي تكتفىِءَ تفتعِلَ، من كفأت الإناءَ أَكفأُه، إذا كببته لتفرِغَ ما فيه، وهذا مَثلٌ لاستمالة الضرة حقَّ صاحبتها من زوجها إلى نفسها، وسعيها في إفساد حظها منه، وقال الكِسائيُّ: كفأتُ الإناء أكببتُه، وأكفأته إذا أملتَه، ومنه الحديث في صفته صلعم «كان إذا مشى تكفَّأ» أي تمايل إلى قُدَّامُ، كما تتكفَّأ السفينة في جريها، والأصل فيه الهمز ثم تُرِكَ، وفي المجمل: كَفَأتَ الإناء وأكفَأْتَ الشيء لوجهه أي قلبته، قال ابن السِّكِّيت: بلا ألفٍ، وكذلك قوله: لتستفرغَ صحفَتها أي؛ لتستوليَ على حظِّ صاحبتها، فاستعار الصحفةَ لذلك.
[3] الاسْتِيام في البيع: أن يطلب بسلعتِه ثمناً أو أن يبذُلَ المشتري فيها ثمناً، يقال: استام يستام، وسامَ يسومُ سوماً واستياماً، وبعض الفقهاء يفسِّره بأن المتبايعَين إذا تقاربا في البيع لم يجُزْ لآخرَ أن يساوم بعد ما راما أن يعقداه، قال: وإنما يباحُ ذلك إذا ترك المساومةَ، أو لم يتقارب تمامُ البيع.
[4] نهى أن يُتلقَّى الجلَبُ: يقال: جلبت الشيء جلْباً وجلَباً، حملته من مكان إلى مكان، معناه أن ما جُلِبَ من بلد إلى بلد من المتاع فلا يُستقبلُ الجالبون له قبل وصولهم ليُبتاعَ منهم، ويُخدَعوا فيه قبل أن يعرِفوا الأسعارَ.