الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا

          2216- الثَّامن والأربعون: عن الزهريِّ عن سعيدٍ عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «بُعثتُ بجوامعِ الكَلِم(1)، ونُصِرْتُ بالرُّعب، وبينا أنا نائمٌ رأيتُني أُتيتُ بمفاتيحِ(2) خزائنِ الأرض فوُضِعَت في يدِي» قال أبو هريرةَ: فقد / ذهبَ رسول الله صلعم وأنتم تَنْتَثِلُونها(3).
          قال البخاريُّ: بلغَني أنَّ جوامعَ الكَلِم: أنَّ اللهَ ╡ يجمعُ له الأمورَ الكثيرةَ الَّتي كانت تُكتَب في الكتُبِ قبلَه في الأمر الواحد أو الاثنين. [خ¦2977]
          وأخرجه البخاريُّ من حديث محمَّد بن سيرينَ عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلعم: «أُعطيتُ مفاتيحَ الكَلِم، ونُصِرْتُ بالرُّعب، وبينا أنا نائمٌ البارحةَ إذ أُتيتُ بمفاتيحِ خزائنِ الأرضِ حتَّى وُضِعَت في يدِي» قال أبو هريرةَ: فذهب رسولُ الله صلعم وأنتم تنتَقِلونها. [خ¦6998]
          وأخرج مسلمٌ من حديث الزهريِّ عن سعيدٍ وأبي سلمةَ عن أبي هريرةَ بمثلِ حديثِ الزهريِّ عن سعيدٍ وحده.
          وأخرجه أيضاً من حديث العلاءِ بن عبد الرَّحمن من رواية إسماعيلَ بن جعفرٍ عنه عن أبيه عن أبي هريرةَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «فُضِّلْتُ على الأنبياء بستٍّ: أُعطيتُ جوامعَ الكَلِم، ونُصِرْتُ بالرُّعب، وأُحلَّتْ ليَ الغنائمُ، وجُعلَتْ ليَ الأرضُ طَهوراً ومسجِداً، وأُرسِلْتُ إلى الخلقِ كافَّةً، وخُتِمَ بيَ النَّبيُّون».
          ومن حديثِ همَّامِ بن منبِّهٍ عن أبي هريرةَ عن رسول الله صلعم قال: / «نُصِرْتُ بالرُّعب، وأُوتيتُ جوامعَ الكَلِم».
          ومن حديث أبي يونُسَ سليمِ بن جُبيرٍ مولى أبي هريرةَ عن أبي هريرةَ عن رسول الله صلعم أنَّه قال: «نُصِرْتُ بالرُّعبِ على العدوِّ، وأُوتيتُ جوامعَ الكَلِم، وبينا أنا نائمٌ أُتيتُ بمفاتيحِ خزائنِ الأرضِ فوُضِعَت في يدِي».


[1] أوتيتُ جوامِعَ الكلِم: يعني القرآنَ، جمعَ الله بلطفه وحكمته في الألفاظ اليسيرة منه معانيَ كثيرةً، ورويَ في صفته صلعم أنه كان يتكلَّم بجوامع الكلام، أي أنه كان كثيرَ المعاني قليلَ الألفاظ.
[2] المفاتيح: كل ما يُتوصَّلُ به إلى استخراج المغلقاتِ عليها التي يتعذَّر الوصول إليها، فأخبر أنه أعطيَ مفاتيح خزائن الأرض، وهو ما سُهِّل له ولأمته من استخراج الممتنِعات وافتتاح البلاد المتعذِّرات، ومن كان في يديه مفاتيحُ شيء سهُل عليه الوصول إليه، وذلك قوله: «أعطيت مفاتيح الكلم» هو ما سُهِّل عليه من الوصول إلى غوامض المعاني، وبدائع الحكم التي أغلِقَت عن غيره.
[3] تنتثِلونَها: أي تستخرجونها، والانتِثال والنَّثْل: نثركَ الشيء بمرة واحدة، يقال: نثلَ ما في كِنانته إذا صبَّها ونثرها.