الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أن رجلاً سأل النبي عن الساعة، فقال:

          1962- الخامس عشر بعد المئة: عن حمَّاد بن زيد عن ثابتٍ عن أنس: «أنَّ رجلاً سأل النَّبيَّ صلعم عن السَّاعةِ، فقال: متى السَّاعةُ؟ قال: وما أعدَدتَ لها؟ قال: لا شيءَ، إلَّا أنِّي أحبُّ لله ورسولَه، فقال: أنت مع من أحبَبْت قال أنس: فما / فرحنا بشيءٍ فرَحَنا بقول النَّبيِّ صلعم: أنت مع من أجبَبْت».
          قال أنس: فأنا أحبُّ النَّبيَّ صلعم وأبا بكرٍ وعمرَ، وأرجو أن أكونَ معهُم بحبّي إيَّاهم، وإن لَم عمل أعمالَهم. [خ¦3688]
          وفي رواية أبي الرَّبيع عن حَمَّاد، قال أنس: فأنا أحبُّ الله ورسولَه...، وذكره(1).
          وأخرجه مسلم من حديث الزُّهري عنه بنَحوِه، غير أنَّه قال: «ما أعددتُ لها من كبيرٍ أحمدُ عليه نفسي»، ولم يذكر قول أنس.
          ومن حديث إسحاقَ بنِ عبد الله بنِ أبي طلحةَ عن أنس: «أنَّ أعرابيَّاً قال لرسول الله صلعم: متى السَّاعةُ؟ قال له: ما أعدَدتَ لها؟ قال: حُبَُّ الله ورسولِه، قال: أنتَ مع مَن أحبَبتَ».
          وفي حديث جعفر بنِ سليمانَ عن ثابتٍ البُناني عن أنس عن النَّبيِّ صلعم بنَحوِه، ولم يذكر قول أنس عن نفسه.
          وأخرجاه من حديث سالم بن أبي الجَعدِ عن أنس قال: «بينما أنا ورسول الله صلعم خارجان من المسجد، فلقينا رجلٌ عند سُدَّة المسجد، فقال: يا رسول الله، متى السَّاعةُ؟ فقال: ما أعدَدتَ لها؟ فكأنَّ الرَّجل استكانَ(2)، ثمَّ قال: يا رسول الله، ما أعدَدتُ لها كبيرَ صيامٍ ولا صلاةٍ ولا صدقةٍ، ولكنّي أحبُّ الله ورسولَه، قال: / أنت مع من أحبَبْت». [خ¦6171]
          وأخرجه البخاريُّ بزيادةٍ من حديث همَّام عن قتادَةَ عن أنس: «أنَّ رجلاً من أهلِ الباديةِ أتى النَّبيَّ صلعم فقال: يا رسول الله، متى السَّاعةُ قائمةٌ؟ قال: ويلك! وما أعدَدتَ لها؟ قال: ما عدَدتُ لها إلَّا أنِّي أحبُّ الله ورسولَه، قال: إنَّك مع من أحبَبْت؟ قلنا(3) : ونحن كذلك؟ قال: نعم. ففرحنا يومئذٍ فرحاً شديداً، فمرَّ غلام للمغيرة _وكان من أقراني_ فقال: إن أُخِّرَ هذا لَم يدرِكْه الهرَمُ حتَّى تقومَ السَّاعةُ». [خ¦6167]
          وهذه الزّيادةُ الَّتي أوَّلها: «فمرَّ غلام للمغيرة...» إلى آخر الحديث، قد أخرجها مسلم في الفتن من حديث همام عن قتادَةَ عن أنس، وجعلها أبو مَسعودٍ من أفرادِ مسلمٍ.
          وقد أخرجها البخاريُّ في كتاب الأدب متَّصلاً بالحديث الَّذي أورَدنا.
          وقال البخاريُّ: اختصَرَه شعبةُ عن قتادَةَ عن أنسٍ عن النَّبيِّ صلعم، يعني أنَّه لم يذكُر إلَّا حديث: «المرءُ مع مَن أحبَّ» دون الزّيادة.
          وقد أخرجه مسلمٌ كذلك بالإسناد من حديث شعبةَ عن قتادَةَ عن أنس، ومن حديث أبي عوانَةَ عن قتادَةَ عن أنس، ومن حديث هشام الدَّستَوائي عن قتادَةَ عن / أنس، عن النَّبيِّ صلعم.
          وقد وَهِمَ أيضاً خلفٌ الواسطيُّ فجعل الزّيادة الَّتي أوَّلها: «فمرَّ غلامٌ للمغيرة...» إلى آخره، من أفرادِ مسلمٍ، وكأنَّ أبا مَسعودٍ وخَلفاً لم يتأمَّلا ما في آخر حديث البخاريِّ الَّذي أوَّله سؤال البدويِّ له: «متى السَّاعة»، وفيه هذا الفصل الَّذي أخرجه مسلم سواء بسواء(4) من التَّرجمة بعينها، من رواية همام عن قتادَةَ عن أنس.
          وأخرجه مسلم من حديث حمَّاد بن سلمَةَ عن ثابتٍ عن أنس: «أنَّ رجلاً سألَ رسول الله صلعم: متى تقومُ السَّاعةُ؟ وعنده غلامٌ من الأنصار يقال له: محمَّد، فقال رسول الله صلعم: إن يَعِش هذا الغلامُ فعسى ألَّا يدركَه الهرَمُ حتَّى تقومَ السَّاعة».
          ومن حديث مَعبَد بنِ هِلالٍ عن أنس: «أنَّ رجلاً سأل النَّبيَّ صلعم، قال: متى السَّاعةُ؟ قال: فسكَتَ رسول الله صلعم هنَيهَةً، ثمَّ نظَر إلى غلامٍ بين يديه من أزدِ شَنُوءَةَ، فقال: إن عُمِّرَ هذا لَم يدركْه الهرَم حتَّى تقوم السَّاعةُ».
          قال أنس: ذلك الغلامُ من أترابي(5) يومئذٍ.


[1] قال الحافظ المقدسي: وهذه الرواية لمسلم .اهـ .
[2] استكان: استفعل من السكون، يقال: استكان واستَكنَّ وتمسْكَن إذا خضع، قاله الهروي.
[3] في (ق): (قال)، وفي البخاري (فقلنا).
[4] سقط قوله (بسواء) من (ق).
[5] الأتراب: الأقران، الواحد تِرْب، أي: قرينٌ في السن.