الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة

          1931- الرَّابع والثَّمانون: عن شعبَةَ عن قتادَةَ عن أنس، وعن شعبَةَ عن أبي إياس معاويةَ بن قرَّة عن أنس، أنَّ النَّبيَّ صلعم، قال: «اللَّهمَّ لا عيشَ إلَّا عيشُ الآخرةِ، فاغفِر للأنصار والمهاجرَةِ». [خ¦3795]
          ومنهم من قال: «فأصلحِ الأنصارَ والمهاجرةَ».
          وكذا في رواية معاويةَ بنِ قرَّة(1).
          ومنهم من قال: «فأكرم».
          وأخرجه البخاريُّ من حديث حُمَيد بن تيرويه الطّويل عن أنس قال: «خرَج / رسول الله صلعم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفِرون في غداةٍ باردةٍ ولَم يكن لهم عبيدٌ يعملون ذلك لهم، فلمَّا رأى ما بهم من النَّصب والجوع قال: اللَّهمَّ إنَّ العيشَ عيشُ الآخرةِ، فاغفر للأنصار والمهاجرةِ.
          فقالوا مُجيبين له:
نحن الَّذين بايعوا محمداً                     على الجهاد ما بقينا أبداً[خ¦2834]
          وفي حديث شعبة عن حُمَيد عن أنس قال: كانت الأنصار يومَ الخندق تقول:
نحن الَّذين بايعوا محمداً                     على الجهاد ما بقينا أبداً
          فأجابهم النَّبي صلعم: اللَّهمَّ لا عيشَ إلَّا عيشُ الآخرَةِ، فأكرمِ الأنصار والمهاجرَةِ». [خ¦2961]
          وأخرجه البخاريُّ من حديث عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: «جعَل المهاجرون يحفِرون الخندقَ حولَ المدينةِ وينقُلون التُّراب على مُتونهم(2) وهم يقولون:
نحن الَّذين بايعوا محمداً                     على الإسلام ما بقينا أبداً
          قال: يقول النَّبيُّ صلعم وهو يجيبهم: اللَّهمَّ لا خيرَ إلَّا خيرُ الآخرة، فبارِك في الأنصار والمهاجرةِ. /
          قال: ويُؤتون بمِلء كفٍّ من الشَّعير، فيُصنَع لهم بإهالة(3) سَنِخةٍ(4) توضَع بين يدَي القوم والقوُم جياعٌ، وهي بَشِعة(5) في الحَلْق، ولها ريحٌ منكرة». [خ¦2835]


[1] في رواية بندار عن غندر، (ح) وآدم، عن شعبة عن معاوية: (فأصلح)، وفي رواية محمد بن المثنى عن شعبة عن معاوية: (فاغفر)، وكذا في رواية آدم عن شعبة عن قتادة.
[2] المتن: من الظهر ما اكتنف أعلى الصلب من العصب واللحم، وهما متنان، والصُّلب عظم من مَغْرَس العنق إلى الذنب، ومن الإنسان إلى العُصعُص، والعُصعُص عجب الذنب، و يقال: متَنتُ الرجل إذا ضرَبتَ متنَه.
[3] الإهالة: الودَك، وكل شيء من الأدهان مما يؤتدم به، واستأهل الرجل إذا طلب الإهالة وأكلها، وفي الأمثال: (استأهلي إهالتي وأحسني إيالتي)، أي: خذي صفوَ مالي وأحسني القيامَ علي، ولا يقال: فلان مستأهل لكذا، وإنما يقال: هو أهل لكذا.
[4] سَنِخَ الدُّهن؛ تغير.
[5] البشِع: الكريه الطعم والرائحة.