الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ناس من أمتي يركبون البحر الأخضر في

          1898- الحادي والخمسون: عن أبي طُوالةَ عن أنس قال: «دخَل رسول الله صلعم على أمِّ حَرام بنت مِلحان _قال بعض الرُّواة: وهي خالة أنس_ فاتَّكأ عندها ثمَّ ضحِك، فقالت: مِمَّ تضحَك يا رسول الله؟ فقال: ناسٌ من أمَّتي يركبون البحر الأخضر(1) في سبيل الله، مَثَلهم مَثَل الملوك على الأَسِرَّة! قالت: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم، قال: اللَّهمَّ اجعلها منهم. ثمَّ عاد فضَحِك، فقالت له مثلَ ذلك، فقال لها مثلَ ذلك أو ممَّ ذلك، فقال لها مثل ذلك(2)، فقالت: ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال: أنتِ من الأوَّلين ولستِ من الآخرين.
          قال أنس: فتزوَّجت عبادةَ بنَ الصَّامت فركبتِ البحرَ مع بنتِ قَرَظَةَ، فلمَّا / قَفَلَت(3) ركبَت دابَّتها، فوقصت بها(4) فسقطت عنها، فماتت». [خ¦2877]
          وعند مسلم من رواية محمَّد بن يحيى بن حَبَّان عن أنس عن أمِّ حَرام ذِكرُ الرُّؤيا، جعله في مسند أمِّ حَرام، وسيجيء في مسندها إن شاء الله تعالى.


[1] قال الحميدي: وفي بعض الروايات: (تركبون ثبج هذا البحر الأخضر)، الثَّبج: الوسط، ويقال لما بين الكتفين من الإنسان: ثبج، وقيل: بحرٌ أخضَر، وكتيبةٌ خضراء؛ لِسَوادهما ولِسواد الحديد في أحدهما، وخُضرَة الحديد سواده.
[2] سقط قوله: (فقال لها مثل ذلك) من (ق).
[3] قَفَلت: رجعت، والقُفول الرجوع من السفر، والقافلة الراجعة من السفر.
[4] ركبت دابَّتها فوَقَصت بها: أي دقّت عنقها، ووُقصت عنقُه فهي موقوصة، كذا في هذه الرواية بالواو، وكذا فُسِّر؛ ولعله على المآل، ومنهم من رواه فرقصت بالراء، يقال: أرقصتُ البعير حملتُه على الخَبَب، ورقصتِ الناقة خبَّت وزادت في المشي، وإنما وقع الخلاف في ذلك لقوله: (فوقصت بها فسقطت عنها فماتت) فظاهره أنّ الوقص قبل السقوط، وإنما الوقص في السقوط لا قبله، إلا أنّ الهروي قال في الحديث الذي فيه: (ركب فرساً فجعل يتوقص به): أي ينزو، فجعل النزو توقُّصاً لا دقَّاً للعنق، فعلى هذا يحتمل ما في تلك الرواية، والله أعلم.وأما حديث المحرم (فوقصت به ناقته) فالوقص فيه دقُّ العنق، قاله أبو عُبيد.