الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: دعا رسول الله على الذين قتلوا أصحاب

          1886- التَّاسع والثَّلاثون: عن إسحاق عن أنس قال: «دعا رسولُ الله / صلعم على الَّذين قتَلوا أصحابَ بئر مَعونَة ثلاثين صباحاً، يدعو على رِعْلٍ ولَـِحيانَ وعُصيَّة عَصَتِ الله ورسوله.
          قال أنس: فأنزَل الله ╡ في الَّذين قُتِلوا ببئر مَعونة قرآناً قرأناه حتَّى نُسِخَ بعدُ: (أن بلِّغوا قومَنا أن قد لقينا ربَّنا فرضي عَنَّا ورضينا عنه)»، كذا في حديث مالك عن إسحاق مختصراً. [خ¦2814]
          وفي رواية همَّام عن إسحاقَ عن أنس قال: «بعَث رسول الله صلعم أقواماً من بني سُليم إلى بني عامرٍ في سبعين»(1).
          وفي رواية موسى بنِ إسماعيلَ عن همَّام عن إسحاقَ عنه: «أنَّ النَّبيَّ صلعم بعث خالَه أخاً لأمِّ سليم _واسمه حرام_ في سبعين راكباً»(2).
          وفي رواية حفصِ بنِ عمرَ عن همَّام: «فلمَّا قدموا قال لهم خالي: أَتقَّدمكم، فإن أمَّنوني(3) حتَّى أبلِّغهم عن رسول الله صلعم وإلَّا كنتم منِّي قريباً فتقدَّم فأمَّنوه، فبينما هم(4) يحدِّثهم عن رسول الله صلعم إذ أَومَؤوا إلى رجلٍ منهم فطعنه فأنفذَه، فقال: الله أكبر! فُزْتُ وربِّ الكعبة! ثمَّ مالوا على بقيَّة أصحابه فقتلوهم إلَّا رجلاً أعرَجَ صعِد الجبل _قال همَّام: وأُراه آخَرَ معه_ فأخبر جبريل النَّبيَّ صلعم أنَّهم قد لَقُوا ربَّهم فرضي عنهم وأرضاهم، قال: فَكُنَّا نقرأ: (أَنْ / بلِّغُوا قَوْمَنَا أنَّا قَدْ لَقِيْنَا ربَّنَا، فَرَضِيَ عنا وَأَرْضَانَا)، ثمَّ نُسِخَ بعدُ، فدعا عليهم أربعين صباحاً، على رِعلٍ وذَكوانَ وبني لَحيانَ وبني عُصَيَّة الَّذين عَصَوا الله ورسوله». [خ¦2801]
          وللبخاريِّ من حديث ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس(5) قال: «لمَّا طُعِنَ حَرام بن مِلحان _وكان خالَه_ يومَ بئر مَعونة، قال بالدَّم هكذا فنضَحه على وجهه ورأسِه، ثمَّ قال: فُزْتُ وربِّ الكعبة». [خ¦4092]
          ومن حديث عبد العزيز بنِ صُهيب عن أنس قال: «بعَث النَّبيُّ صلعم سبعين رجلاً لحاجةٍ يقال لهم: القرَّاء، فعرَض لهم حيَّانِ من سُليم: رِعلٌ وذَكوانُ عند بئرٍ يقال لها(6) : مَعونة، فقال القوم: والله ما إيَّاكم أردنا، وإنَّما نحن مجتازون في حاجةٍ للنَّبيِّ صلعم، فقتلوهم، فدعا النَّبيُّ صلعم عليهم شهراً في صلاة الغداة، وذلك بَدْءُ القُنوت، وما كنَّا نَقْنُت».
          قال عبد العزيز: فسأل رجلٌ أنساً عن القُنوت: أبعدَ الرُّكوع أو عند فراغِ القِراءَة؟ فقال: لا، بل عند فراغِ القِراءَة. [خ¦4088]
          وأخرجاه من حديث هشام الدَّستَوائي عن قتادَةَ عن أنس قال: «قنَتَ النَّبيُّ صلعم شهراً بعد الرُّكوع يدعو على أحياءٍ من العرب». [خ¦4089]
          ومن حديث سعيد بن أبي عَروبَةَ عن قتادَةَ عن أنس: «أنَّ رِعلاً وذَكوانَ / وبني لَحيانَ استمدُّوا رسول الله صلعم على عدوٍّ، فأمدَّهم بسبعين من الأنصار، كنَّا نسمِّيهم القرَّاء في زمانهم، كانوا(7) يحتطبون بالنَّهار ويُصَلُّون باللَّيل، حتَّى إذا كانوا ببئر مَعونة قتلوهم وغدروا بهم، فبلَغ ذلك النَّبيَّ صلعم، فقنَت شهراً يدعو في الصُّبح على أحياءٍ من العرب، على رِعلٍ وذَكوانَ وعُصيَّة وبني لَحيانَ.
          قال أنس: فقرأنا فيهم قرآناً، ثمَّ إنَّ ذلك رُفِعَ: (بلِّغوا قومنا...)» وذكَرَه. [خ¦4090]
          وأخرجا من حديث محمَّد بنِ سيرينَ، قال: قلت لأنس: «هل قنتَ رسول الله صلعم في صلاةٍ؟ قال: نعم، بعد الرُّكوع يسيراً». [خ¦1001]
          ومن حديث أبي مجلَز لاحِقِ بن حُمَيد عن أنس قال: «قنَتَ رسول الله صلعم شهراً بعد الرُّكوع في صلاة الصُّبح يدعو على رِعلٍ وذَكوانَ، ويقول: عُصَيَّة عصتِ الله ورسوله». [خ¦1003]
          ولمسلم من حديث أنس بن سيرين عن أنس بن مالك: «أنَّ رسول الله صلعم قنت شهراً بعد الرُّكوع في صلاة الفجر يدعو على بني عُصيَّة».
          وأخرجاه من حديث عاصم بن سليمانَ الأحْوَل عن أنس قال: سألتُه عن القُنوت: قبل الرُّكوع أو بعد الرُّكوع؟ فقال: قبل الرُّكوع، قلت: فإنَّ ناساً يزعُمون أنَّ رسول الله صلعم قنَت بعد الرُّكوع، فقال: «إنَّما قنَت رسول الله صلعم(8) شهراً يدعو على أناسٍ قتلوا أناساً من أصحابه يقال لهم: القرَّاء، زُهاءَ سبعين رجلاً». /
          زاد في رواية ثابت بن يزيدَ عن عاصم: «وكان بينهم وبين النَّبيِّ صلعم عهدٌ»، وفي رواية ابن عيينة: «أُصيبوا يومَ بئر مَعونة».
          وفي رواية أبي الأحوص عن عاصم عن أنس قال: «بعث النبيُّ صلعم سريَّةً يقال لهم(9) : القرَّاء، فأُصيبوا، فما رأيت النَّبيَّ صلعم وجد على شيءٍ ما وجد عليهم، فقنتَ شهراً في صلاة الفجر، ويقول: إنَّ عُصيَّة عصتِ الله ورسوله». [خ¦1002]
          وأخرج البخاريُّ من حديث أبي قِلابَةَ عن أنس قال: «كان القُنوتُ في المغرب والفجر». [خ¦798]
          وأخرج مسلم من حديث موسى بنِ أنسٍ عن أنسٍ، ومن حديث شعبَةَ عن قتادَةَ عن أنس: «أنَّ النَّبيَّ صلعم قنَت شهراً يلعَن رِعلاً وذَكوانَ وعُصيَّة عَصوا الله ورسوله»، وليس فيه ذكرٌ للعُرَنيِّين(10).
          وحكى أبو مَسعودٍ في أفراد مسلم في ترجمة موسى بن أنس عن أنس: أنَّ فيه ذكر العُرنيِّين، وليس لذلك في كتاب مسلم ذِكرٌ، ثمَّ جمع أبو مسعود في ترجمة شعبة عن قتادَةَ عن أنس بين هذا الحديث الَّذي ذَكر أنَّه من أفراد مسلم وبين حديث البخاريِّ في العرنيين من هذه الطَّريق، وليس في حديث البخاريِّ في العرنيين أصلاً ذكرُ الدُّعاء على بني لَحيانَ وعُصيَّة، وجعله من المتَّفق عليه، / فليُتأمَّل ذلك! وحديث البخاريِّ في آخر كتاب الزَّكاة، وحديث مسلم في الصَّلاة في ذكر القنوت(11).
          ولمسلم من حديث حَمَّاد عن ثابتٍ عن أنس قال: «جاء ناسٌ إلى النَّبيِّ صلعم فسألوا: أنِ ابعث معنا رجالاً يعلِّمونا القرآن والسُّنَّة، فبعث إليهم سبعين رجلاً من الأنصار يقال لهم: القرَّاء، فيهم خالي حَرام، يقرؤون القرآن ويتدارسون باللَّيل يتعلَّمون، وكانوا بالنَّهار يجيئون بالماء فيضَعونَه في المسجد ويحتَطِبون، فيبيعونه ويشترون به الطَّعام لأهل الصُّفَّة وللفقراء، فبعَثَهم النَّبيُّ صلعم إليهم، فعرَضوا لهم فقتَلوهم قبل أن يَبلغوا المكان، فقالوا: اللَّهمَّ أَبلِغ عَنَّا نبيَّنا أنَّا قد لقِيناك فرَضينا عنك ورَضيت عَنَّا، قال: وأتى رجلٌ حَراماً خالَ أنس من خلفه فطعَنه برمحٍ حتَّى أنفذَه، فقال حَرام: فُزْت وربِّ الكَعبة! فقال رسول الله صلعم لأصحابه: إنَّ إخوانَكم قد قُتِلوا، وإنَّهم قالوا: اللَّهمَّ بلِّغ عنَّا نبيَّنا أنَّا قد لقيناك فرضيتَ عنَّا ورضينا عنك».


[1] وهي رواية حفص بن عمر الآتية.
[2] لهذه الرواية تتمة فيها زيادات لم تذكر في غيرها من الروايات وهي: وكان رئيس المشركين عامر بن الطفيل خير بين ثلاث خصال.فقال: يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر...أتؤمنوني أن أبلغ رسالة رسول الله صلعم (خ:4091▒.
[3] في (ق): (آمنوني).
[4] سقط قوله (هم) من (ق)، وعند البخاري: (فبينما هو).
[5] سقط قوله: (عن أنس) من (ق).
[6] في (الحموي): (له).
[7] في (الحموي): (كان).
[8] زاد في (الحموي): (بعد الركوع)، وكذا عند البخاري، ما أثبتناه موافق لما في «مسلم».
[9] في (الحموي) أثبتها بالوجهين (لهم، لها).
[10] في (الحموي): (للعوينين) وهو تصحيف.وزاد في (ق): (فيها).
[11] زاد في (ق): (أصح).