الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع: اعبدوا الله

          1824- التَّاسع والعشرون: عن قتادةَ بن دِعامةَ السَّدوسيِّ قال: حدَّثني مَن لقِيَ الوفدَ الَّذين قدِموا على رسول الله صلعم من عبدِ القَيسِ، وذكر قتادةُ أبا نضْرةَ عن أبي سعيدٍ في حديثه هذا: «أنَّ أناساً من عبدِ القَيسِ قدِموا على رسول الله صلعم قالوا: يا نبيَّ الله؛ إنَّا حيٌّ من ربيعةَ، وبيننا وبينَك كفَّارُ مُضَرَ، ولا نَقدِرُ عليك إلَّا في أشهُر الحُرُم، فمُرنَا بأمرٍ نأمُرُ به مَن وراءَنا وندخلُ به الجنَّة إذا نحن أخذنا به، فقال رسول الله صلعم: آمُركم بأربعٍ، وأنهاكم عن أربعٍ: اعبُدوا الله ولا تشْركوا به شيئاً، وأقيموا الصَّلاة، وآتوا الزَّكاة، وصوموا رمضانَ، وأعطُوا الخُمُس من الغنائمِ، وأنهاكم عن أربعٍ: عن الدُّبَّاء(1) والحنْتَم والمُزَفَّت والنَّقير.
          قالوا: يا نبيَّ الله؛ ما عِلمُكَ بالنَّقير؟ قال: بلى، جذعٌ تَنْقُرونه فتَقْذِفون فيه من القُطَيْعاء _أو قال: من التَّمر_ ثمَّ تصبُّون فيه من الماء، حتَّى إذا سكَن غلَيانُه شرِبتُموه، حتَّى إنَّ أحدَكم _أو: إنَّ أحدَهم_ لَيضْرِب ابنَ عمِّه بالسَّيف.
          قال: وفي القوم رجلٌ أصابتْه جِراحةٌ كذلك، قال: وكنت أخْبَأُها حياءً من رسول الله صلعم. /
          فقلت: فيمَ نشربُ يا رسول الله؟ قال: في أسقِيَة الأَدَم الَّتي يُلاثُ على أفواهها(2).
          قالوا: يا رسول الله؛ إنَّ أرضَنا كثيرةُ الجِرذان(3)، ولا تبقى بها أسقِيَةُ الأَدَم.
          فقال النبي صلعم: وإن أكَلَتها الجِرذان، وإن أكَلَتها الجِرذان، وإن أكَلَتها الجِرذان!.
          قال: وقال النبي صلعم: إنَّ فيك خَصْلَتين يحبُّهما الله ╡: الحِلمُ والأناةُ(4)».
          وفي حديث ابنِ أبي عديٍّ نحوُه، وقال فيه: «وتَذِيفُون(5) فيه من القُطَيْعاء والتَّمْر».
          وفي حديث أبي قزَعةَ عن أبي نضْرةَ عن أبي سعيدٍ: «أنَّ وفدَ عبدِ القَيسِ قالوا: يا نبيَّ الله؛ جعلَنَا الله فداءَك؛ ماذا يصلُح لنا من الأشْرِبة؟ قال: لا تشربوا في النَّقير.
          قالوا: يا نبيَّ الله؛ جعلَنَا الله فداءَك؛ أوَتدري ما النَّقيرُ؟ قال: نعم؛ الجِذْع يُنقَرُ وسطُه، ولا في الدُّبَّاء، ولا في الحنْتَمَة، وعليكم بالمُوْكَى(6)». /


[1] الدُّبَّاء: اليقطين، ويقال له في بعض البلاد: القَرْع، وإذا جفَّ أُخرِج ما في جوفه وانْتُبذ فيه.
[2] تُلَاثُ على أفواهِها: أي؛ تُوكأ وتُشَد، وأصل اللوث الطَّي والربط، يقال: لُثْت العمامة ألُوثها لَوثاً.
[3] الجُرْذَانُ، جمع جُرَذ _بالذال المنقوطة_: الفئران، جمع فأر.
[4] الأنَاة: التثبت والتمكُّث، وتركُ الطيش والعجلة.
[5] رُويَ بالذال المعجمة والمهملة، وهما لغتان فصيحتان، ومعناه: يخلطون ويمزجون.«شرح مسلم» 1/191.
[6] المُوكَى: المشدود فمُه بالوِكاء، وهو الخيط أو الحبل.