الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: خذ عليك سلاحك؛ فإني أخشى عليك قريظة

          1822- السَّابع والعشرون: عن أبي السَّائب مولى هشامِ بن زُهْرةَ _وقيل في اسمِه: السَّائبُ، وأبو السَّائب أصحُّ_ أنَّه دخل على أبي سعيدٍ الخُدْريِّ في بيته / قال: فوجَدتُه يصلِّي، فجلست أنتظِره حتَّى يقضِيَ صلاتَه، فسمعت تحريكاً في عَراجِينَ(1) في ناحية البيت، فالتفتُّ فإذا حيَّةٌ، فوثبتُ لأقتُلَها، فأشار إليَّ أنِ اجْلِس، فجلستُ فلمَّا انصرفَ أشار إلى بيتٍ في الدَّار فقال: أتَرى هذا البيت؟ فقلت: نعم، فقال: «كان فيه فتىً مِنَّا حديثُ عهدٍ بعرسٍ قال: فخرجْنا مع رسول الله صلعم إلى الخندَق، فكان ذلك الفتى يستأذِنُ رسول الله صلعم بأنصاف النَّهار، فيرجِع إلى أهله، فاستأذنَه يوماً فقال له رسول الله صلعم: خُذ عليك سلاحَك؛ فإنِّي أخشَى عليك قُريظةَ. فأخذ الرَّجلُ سلاحه ثمَّ رجع، فإذا امرأتُه بين البابَين قائمةٌ! فأهوَى إليها بالرُّمحِ ليطعُنَها به _وأصابَته غَيرةٌ_ فقالت له: اكفُفْ عليكَ رُمْحَكَ وادخُلِ البيت حتَّى تنظُرَ ما الَّذي أخرجَني، فدخل، فإذا بِحيَّةٍ عظيمةٍ منطوِيةٍ على الفراش! فأهوى إليها بالرُّمح فانْتَظَمها به، ثمَّ خرج فرَكَزه في الدَّار، فاضطربت عليه فما يُدرَى أيُّهما كان أسرع موتاً، الحيَّة أم الفتى! قال: فجئنا رسول الله صلعم وذكرنا ذلك له، وقلنا: ادعُ الله يحييه لنا، فقال: استغفِروا لصاحبكم. ثمَّ قال: إنَّ بالمدينة جِنَّاً قد أسلَموا، فإذا رأيتُم منهم شيئاً فآذِنوه ثلاثةَ أيَّامٍ، فإن بدا لكم بعدَ ذلك فاقْتُلوه، فإنَّما هو شيطانٌ».
          وفي حديث أسماءَ بن عبيدٍ عن السائب نحوُه، وقال فيه: إنَّ رسول الله صلعم قال: «إنَّ لهذه البيوتِ عوامرَ(2)، فإذا رأيتُم منها شيئاً فحرِّجوا عليها(3) / ثلاثاً، فإن ذهب وإلَّا فاقتُلوه؛ فإنَّه كافرٌ.
          وقال لهم: اذهبوا فادفِنوا صاحبَكم».


[1] العَراجين: جمع عُرْجُون، وهي للنخلة كالأغصانِ لسائر الشجر، وهي الجريد والسَّعَف، وإذا قَدُم العُرجُون استقوس وانعرج، والانعراجُ: الانحراف عن الاستقامة.
[2] إنَّ لهذه البيوت عَوَامِرَ: يعني من الجن، يقال للجن: عوامر البيوت، وعُمَّار البيوت، يُراد اللواتي يطول لُبْثُهُنَّ في البيوت، من العُمُر: وهو البقاء.
[3] فحَرِّجُوا عليها: أي: قولوا أنتِ في حَرَج، أي: في ضيق إن عدت إلينا، فلا تلومينا أن نُضيِّق عليك بالطرد والتتبع.