الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ويح عمار! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى

          1795- السَّادس عشر: عن عكرمةَ من رواية خالدٍ الحذَّاءِ عنه قال: قال لي ابنُ عبَّاسٍ ولابنِه عليٍّ: انطلِقا إلى أبي سعيدٍ فاسمَعا من حديثِه فانطلَقنا، فإذا هو في حائطٍ يُصلحه، فأخذَ رداءَه فاحْتَبى، ثمَّ أنشَأ يحدِّثُنا حتَّى أتى على ذِكر بناءِ المسجد فقال: «كنَّا نحمِل لَبِنَةً لَبِنَةً وعمَّارٌ لَبِنَتَين لَبِنَتَين، فرآه النبي صلعم، فجعل ينفُض التُّرابَ عنه ويقول: ويحَ عمَّارٍ! يدعُوهم إلى الجنَّة ويدعُونه إلى النَّار.
          قال: يقول عمَّار: أعوذُ بالله من الفتَن!». [خ¦447]
          وفي حديث عبد الوهابِ عن خالدٍ عن عكرمةَ: أنَّ ابنَ عبَّاسٍ قال له ولعليِّ بن عبد الله: ائْتِيا أبا سعيدٍ فاسمَعا من حديثه، قال: فأتَيناه وهو وأخوه في حائطٍ لهما، فلمَّا رآنا جاء فاحْتَبى وجلَس وقال: «كنَّا نَنْقلُ لَبِنَ المسجد لَبِنَةً لَبِنَةً، وكان عمَّارٌ ينقل لَبِنَتَين لَبِنَتَين، فَمَرَّ به النبي صلعم ومسح عن رأسِه الغُبارَ وقال: ويحَ عمَّارٍ! يدعُوهم إلى الله ويدعُونه إلى النَّار. أعوذُ بالله من الفتَن!». [خ¦2812]
          في هذا الحديث زيادةٌ مشهورةٌ لم يذكُرْها البخاريُّ أصلاً في طريقَيْ هذا الحديث، ولعلَّها لم تقَع إليه فيهما، أو وقَعت فحذفَها لغَرَضٍ قصَدَه في ذلك (1). /
          وأخرجَها أبو بكرٍ البَرْقانيُّ وأبو بكرٍ الإسماعيليُّ قبلَه، وفي هذا الحديث عندهما: أنَّ رسول الله صلعم قال: «ويح عمَّارٍ! تقتُله الفِئةُ الباغيةُ، يدعُوهم إلى الجنَّة ويدعُونه إلى النَّار».
          قال أبو مسعودٍ الدِّمشقيُّ في كتابه: لم يذكُر البخاريُّ هذه الزِّيادةَ وهي في حديث عبد العزيز ابن المُخْتار، وخالدِ بن عبد الله الواسطيِّ، ويزيدَ بن زُرَيعٍ، ومحبُوبِ بن الحسن، وشعبةَ، كلُّهم عن خالدٍ الحذَّاءِ.
          ورواه إسحاق عن عبد الوهاب هكذا، وأمَّا حديثُ عبد الوهابِ الَّذي أخرجَه البخاريُّ دونَ هذه الزِّيادةِ فلم يقَع إليْنا من غَير حديثِ البخاريِّ. هذا آخر معنى ما قاله أبو مسعودٍ(2). /


[1] نصر هذا القول ابن حجر في «الفتح» 1/542 فقال: ويظهر لي أنَّ البخاري حذفها عمداً، وذلك لنكتة خفية؛ وهي أنَّ أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلعم فدلَّ على أنَّها في هذه الرواية مدرجة...فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلعم دون غيره، وهذا دالٌّ على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث.
[2] مما فات الحميدي في مسند أبي سعيد الخدري رضي اللهُ عنه من أفراد البخاري حديث أبي سعيد الخدري رضي اللهُ عنه أنه سمع النبي صلعم يقول: لا تواصلوا فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر.قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: إني لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني.░1963، 1967▒ وقد نبَّه على هذا ابن الأثير في «جامع الأصول» 6/382.
فقال: ولم أجد هذا الحديث في كتاب الحميدي، وقد ذكره البخاري في كتاب الصوم في باب الوصال بعد حديث أنس، ولا أعلم سبب سقوطه من كتاب الحميدي الذي قرأته ونقلت منه، ولعله يقع في نسخة أخرى لكتابه، أو أنه لم يكن في كتاب البخاري الذي رواه الحميديُّ، ونقل منه.ا.ه.