الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا

          1775- الثَّاني والأربعون من حديث أبي سعيدٍ الخُدْريِّ: _من روايةِ مَعْبدِ بن سيرينَ عنه_ قال: «كنَّا في مسيرٍ لنا، فنزَلنا مَنزلاً، فجاءت جاريةٌ فقالت: إنَّ سيِّدَ الحيِّ سَليمٌ(1)، وإنَّ نفَرَنا غُيَّبٌ، فهل منكم راقٍ؟ فقام معها رجلٌ ما كنَّا نَأبُنُه برُقيةٍ، فرقاه فبرَأ، فأمَرَ له بثلاثينَ شاةً وسقانا لبناً، فلمَّا رجعَ قلنا له: أكنتَ تُحسِن رُقيةً، أو كنت تَرقي؟ قال: لا، ما رقَيتُ إلَّا بأمِّ الكتاب، قلنا: لا تُحدِثوا شيئاً حتَّى نأتيَ _أو نسألَ_ النبيَّ صلعم، فلمَّا قدِمنا المدينةَ ذكرناه للنَّبيِّ صلعم، فقال: وما كان يُدرِيه أنَّها رقيةٌ؟ اقْسِموا واضْربوا لي بِسَهمٍ». [خ¦5007]
          وأخرجاه من حديث أبي المتوكِّل علي بن داودَ النَّاجيِّ عن أبي سعيدٍ قال: «انطلَق نفرٌ من أصحاب النبي صلعم في سَفرَةٍ سافَروها حتَّى نزلُوا على حيٍّ من أحياءِ العرب، فاستضافُوهم فأبوا أن يضيِّفوهم، فلُدِغ سيِّد ذلك الحيِّ، فسَعَوا له بكلِّ شيءٍ، لا ينفعُه شيءٌ.
          فقال بعضُهم: لو أتَيتُم هؤلاءِ الرَّهْطَ الذين نزلوا لعلَّهم أن يكون عندَهم بعضُ شيء، فأتَوهم، قالوا: يا أيُّها الرَّهْطُ؛ إن سيِّدنا لُدغَ وسعَينا له بكلِّ شيء، لا ينفعُه، فهل عندَ أحدٍ منكم مِن شيء؟. /
          قال بعضُهم: إنِّي والله لأَرقي، ولكن والله لقد استضَفْناكم فلم تضَيِّفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعَلوا لنا جُعْلاً، فصالحوهم على قَطيعٍ منَ الغنَم، فانطلَق يتفُل عليه ويقرأُ: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]، فكأنَّما نُشِط من عِقال، فانطلقَ يمشي وما به قَلَبَةٌ، قال: فأَوفَوهم جُعلَهم الذي صالحُوهم عليه، وقال بعضُهم: اقتسموا.
          فقال الذي رقى: لا تفعَلوا حتى نأتيَ النبي صلعم فنذكرَ له الذي كان، فننظُرَ الذي يأمرُنا. فقدِموا على النبي صلعم فذكروا له فقال: وما يُدرِيك أنَّها رُقيةٌ! ثم قال: قد أصَبتُم، اقسِموا واضرِبوا لي معكم سهماً، وضحِك النبي صلعم». [خ¦2276]
          هذا لفظُ حديث البخاريِّ عن أبي النُّعمان، وهو أتم.
          وفي حديث شعبةَ: فجعل يَقرأُ أمَّ القرآن ويجمع بُزاقَه ويَتْفِل، فبرَأ الرَّجلُ. [خ¦5736]


[1] السَّليم: اللديغ، يقال: لأنه أُسلِم لما به، وقيل تفاؤلاً له بالسلامة.