الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما عليكم ألا تفعلوا؛ ما من نسمة

          1758- الخامس والعشرون: عن أبي مُحَيْرِيزٍ عبدِ الله بنِ مُحَيرِيزٍ الجُمَحِي قال: دخلتُ المسجدَ، فرأيتُ أبا سعيدٍ الخُدريَّ، فجلست إليه فسألتُه عن العَزْل، فقال أبو سعيدٍ: «خرجْنا مع رسول الله صلعم في غزوةِ بني المصْطلِق، فأصَبْنا سبياً من سبيِ العرب، فاشتَهَينا النِّساءَ واشتدَّت علينا العُزْبَةُ، وأحْببنا العَزْل، فأردنا أن نعزِل، وقلنا: نعزِل ورسولُ الله صلعم بين أظهرِنا قبلَ أن نسألَه! فسألناه عن ذلك، فقال: ما عليكم ألَّا تفعلوا؛ ما من نسمةٍ(1) كائنةٍ إلى يومِ القيامةِ إلَّا وهي كائنةٌ». / [خ¦4138]
          وفي رواية يونسَ عن الزُّهريِّ نحوُه، وفيه أنَّه ◙ قال: «لا عليكم ألَّا تفعلوا؛ فإنَّه ليست نسمةٌ كتبَ الله أن تخرُجَ إلَّا وهي كائنةٌ». [خ¦6603]
          وفي رواية عبدِ الله بن يوسفَ عن مالكٍ: «إلَّا وهي [خارجةٌ»]. [خ¦2229]
          وفي رواية وُهَيبٍ ومحمَّدِ بن الزِّبْرِقان عن موسى بن عقبة: «ما عليكم ألاَّ تفعَلُوا؛ فإنَّ الله قد كتبَ مَن هو خالقٌ إلى يومِ القيامة». [خ¦7409]
          ولمسلمٍ في حديثِ عليِّ بن حُجْر ويحيى بن أيُّوب عن إسماعيلَ بن جعفرٍ: «لا عليكم ألَّا تفعلوا؛ ما كتب الله خَلْقَ نسمةٍ هي كائنةٌ إلى يوم القيامة إلَّا ستكون».
          وليس لابنِ محيرِيزٍ عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ في الصَّحيحين غيرُ هذا الحديثِ الواحدِ.
          وأخرجَه مسلمٌ بالإسناد من حديث مجاهدٍ عن قَزَعةَ عن أبي سعيدٍ قال: «ذُكِرَ العزلُ لرسولِ الله صلعم فقال: وَلِمَ يفعلُ ذلك أحدُكم؟ _ولم يقُلْ: ولا يفعلْ ذلك أحدُكم_ فإنَّه ليست نفْسٌ مخلوقةٌ إلَّا الله خالقُها».
          وجعله أبو مسعودٍ من أفرادِ مسلمٍ، وقد أخرجَه البُخاريُّ تعليقاً فقال: وقال مجاهدٌ عن قزَعةَ قال: سألتُ أبا سعيدٍ فقال: قال النبي صلعم: «ليست نفْسٌ مخلوقةٌ إلَّا الله خالقُها». / [خ¦7409]
          ولم يذكر أبو مسعودٍ إخراجَ البخاريِّ له تعليقاً وقد جرَت عادتُه بإخراج التَّعاليق.
          وأخرجه مسلمٌ من حديث مَعْبَد بن سيرينَ عن أبي سعيدٍ: أنَّ النبي صلعم قال: «لا علَيكم ألَّا تفعَلوا ذلكم؛ فإنَّما هو القدَرُ».
          ومن حديثِ محمَّدِ بن سيرينَ عن عبد الرَّحمن بنِ بشرِ بن مسعودٍ الأنصاريِّ عن أبي سعيد قال: سُئل رسولُ الله صلعم عن العزْلِ فقال: «لا علَيكم ألَّا تفعَلوا ذاكُم؛ فإنَّما هو القدَرُ(2)» قال ابنُ سيرينَ: وقوله: «لا علَيكم» أقربُ إلى النَّهيِ.
          وقال في روايةِ ابنِ عونٍ عن ابنِ سيرينَ عن عبد الرَّحمن: أنَّ أبا سعيدٍ قال: «ذُكِرَ العزْلُ عند النبي صلعم فقال: وما ذاكُم؟ قالوا: الرَّجلُ تكونُ له المرأةُ تُرضِعُ، فيُصِيبُ منها ويكرَه أن تحمِل منه، والرَّجل تكونُ له الأمَةُ فيُصِيبُ منها ويكرَه أن تحمِلَ منه، قال: فلا علَيكم ألَّا تفعَلوا ذاكُم؛ فإنَّما هو القدَرُ».
          قال ابنُ عونٍ: فحدَّثتُ به الحسنَ فقال: والله؛ لَكَأنَّ هذا زَجْراً(3).
          وليس لأبي بِشرٍ عبدِ الرَّحمن بنِ بِشرٍ عن أبي سعيدٍ في الصَّحيح غيرُ هذا. /
          وأخرجَه أيضاً من حديث أبي الوَدَّاك جَبْرِ بن نَوْفٍ عن أبي سعيدٍ قال: سُئل رسول الله صلعم عن العزْل فقال: «ما من كُلِّ الماء يكون الولدُ، وإذا أراد الله خَلْق شيءٍ لم يمْنَعْه شيءٌ».


[1] النسَمَة: النفس.
[2] سقط من (ق) و(غ) من قوله: (القدر) في الحديث السابق إلى (القدر) في هذا الحديث.
[3] هكذا وقع في (ص) و(ق) وهو مشكل إلا أن يكون (زجراً) مفعول لأجله، والخبر مقدر (أي حاصل زجراً)، أو على وجه ضعيف يجوّز نصبَ الخبر كما في (إنَّ حراسَنا أُسداً) «شرح الأشموني» 1/139، والتقدير عند بعضهم: تلقاهم أسداً.وكأن تأويله هنا: كأنّ هذا تجده زجراً.والله أعلم.وفي (غ): (فكان) أو (لكان) فلا إشكال.وفي نسختنا من صحيح مسلم «لَكَأَنَّ هذا زجرٌ».